العقوبات الأميركية ببساطة هي تدخلّ أميركي سافر بشؤون حركة أمل الداخلية، باعتبار أنّ علي حسن خليل أحد المرشحين الأقوياء لخلافة الرئيس بري بعد عمر طويل، وهو لا شكّ الأقرب إلى حزب الله بين المرشحين للخلافة.
تأتي العقوبات في هذا السياق لمحاولة_فقط محاولة، لقطع الطريق على خليل في حركة أمل التي تمثّل عبر رئيسها اليوم حليفاً استراتيجياً لحزب الله وصديقاً استراتيجياً لواشنطن. وهذا ما تخشى الولايات المتحدة عليه كما يبدو من العقوبات، وتجتهد عبر عقوباتها لتحافظ عليه.
وعليه، لا تمثّل العقوبات على علي حسن خليل تدخلاً في الشؤون اللبنانية إنّما تدخلاً في شؤون حركة أمل الداخلية.
في سياق آخر، لا يمكن تلقّف خبر العقوبات على ذراع الرئيس بري السياسي، دون أخذ موقف بري الصلب فيما يخصّ ترسيم الحدود البحرية، وهي تعكس إستياءً أميركياً كبيراً من جهة، وغباءً هائلاً من جهة أخرى، في حال كان الأميركي يعتقد أنّ تهديد الرئيس بري بهذا الشكل يمكن أن ينفع. الرئيس سيسرّ بتجميد أصول متعاونه السياسي، وسيزداد تصلباً بالطبع.
أمّا العقوبات على يوسف فنيانوس، فتعكس نزعة عشائرية انتقامية أميركية جديدة. خلال البحث عن الأسباب الموجة لمعاقبة فنيانوس، تبيّن سبب وحيد أوحد: دوره المحوري والمركزي والأساسي في إخراج سعد الحريري من المحور الأميركي – السعودي وتقريبه من حزب الله، ونشاطه المكوكي اليومي الهائل لتقريب وجهات النظر بين الحريري وحزب الله إلى حدّ تماهيهما الكامل.
هذا ما فعله فنيانوس أخيراً، وهذا ما يغضب حلفاء الأميركيين وسطنا جداً وكثيراً.
العقوبات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالحرص الأميركي على محاربة الفساد في لبنان، أو معاقبة الفاسدين أو حتى محاصرة حزب الله أكثر.
فبين حلفاء حزب الله هناك من يتقدمون كثيراً بالأهمية والفساد على فنيانوس وخليل، وبين الفاسدين اللبنانيين الأجلاّء من يتقدّمون على الاثنين بأشواط. من هنا، نخلص أنّ الأهداف الحقيقية للعقوبات غير الأهداف المعلنة. في الحقيقة، انتقل الأميركيون إلى مستوى متقدم جداً وغير مسبوق من التدخل في تفاصيل التفاصيل اللبنانية؛ لن يكتفوا بمحاولة اختيار ممثلين عن الشعب اللبناني في مجلسي النواب والوزراء إنّما سيتدخلون لتزكية مرشح ضد آخر للرئاسة.
غسان سعود