سياسة
أخر الأخبار

اللبنانيون تحت سقف جهنم ولا بقعة ضوء

حكومة غير مولودة، الاقتصاد منكوب واللبناني يزداد فقراً والجوع يطرق أبواب الفقراء السابقين، كورونا تتغلغل في البيوت والسياسيون يتسابقون على لي أذرع بعضهم بعضاً، والخطاب الطائفي يتمظهر في مواقف رجال الدين، والتجار يأكلون لحكم الشعب، فيما تتناسل كل عوامل الطريق إلى جهنم التي برزت بخطاب جمهوري بعدما أقفلت كل الأبواب أمام الحلول. وتوازياً مع طريق الجحيم اللبناني، ضغوط دولية أهمها الأميركية التي تصعد من خطابها العدائي ضد حزب الله وحلفائه من باب التصويب على إيران، وترمي كل مدة زمنية قصيرة بسلة عقوبات لتجفيف الحزب مالياً كما تقول. ولا بقعة ضوء تحيي أمل اللبناني في انقشاع هذه العتمة في سقف الوطن.

إننا بالفعل في جهنم التي حذر منها رئيس الجمهورية أو على أبوابها، وحممها تطلق في وجوه اللبنانيين هواءً حاراً، ووفق المشهد السياسي المتأزم فالشعب اللبناني سيدخلها جماعياً  بالملايين ولا أفق يشير إلى بصيص أمل ينبئ بالفرج.

يقول مصدر سياسي أن “جميع المساعي أقفلت على فشل التوصل إلى حل للصراع حول تشكيل الحكومة. وأن كل طروحات الحلول والاقتراحات تتهاوى تحت جملة من الأسباب الميثاقية والطائفية والتقنية يغذيها انعدام الثقة وفقدان القدرة على التواصل الحكيم بين الفرقاء”.

يتجاوز الصراع الحكومي حقيبة وزارة المالية بحسب مصدر حزبي إلى انعدام الثوابت في تعزيز الشراكة الوطنية حيث يجنح فريق إلى التمسك بما تفرضه الضغوط الدولية لإقصاء فريق آخر، والتلاعب بتوجهات الحكومة المقبلة وفق هذه الشروط الغربية”. أي أن الفريق الذي يوجه رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب وهو بات معروفاً بنادي الرؤساء السابقين مصحوباً بشفاعة واشنطن يرغب بحكومة تنقلب على وجود مكونات رئيسية في البلد أنتجتها الانتخابات النيابية. وقد وضع فريق التأليف الحكومي الثنائي الشيعي وحلفائه في خانة الإقصاء والإبعاد عن القرارات المصيرية”.

“لكن هذا لن يمر بالنسبة للفريق المحكوم بالإقصاء، والفريق الشيعي المتمسك بموقفه أقفل أبواب الاتصالات على ثنيه عن التمسك بحقيبة المالية، لكنه لن يسدها أمام الرغبة بالتوصل إلى حلول وتجديد متطلبات الشراكة الوطنية”، بحسب قول المصدر الحزبي لـ”أحوال”.

تحت ظل هذه العتمة في سقف الوطن ثمة تصعيداً أميركياً مباشراً على كل من حزب الله وحركة أمل وحلفائهم يتمظهر في جولات لوائح العقوبات التي تتوالى تباعاً وتترك آثارها الأخلاقية على التواصل بين الأطراف اللبنانية لا سيما أن ثمة قناعة راسخة عند الفريق الشيعي أن “فريق من الوشاة اللبنانيين الذي عملوا مع الفريقين خبر مؤسسات الدولة وفي ملفات اقتصادية وإعمارية هم من يقدمون لوائح وملفات للإدارة الأميركية لإدراجها على لائحة العقوبات وتطويق الفريق الآخر إقتصادياً لإحراجه وإخراجه من الحياة السياسية”، يكمل المصدر.

العبث في طريق الاتصالات المحلية لبنانياً لن يجد طريقه إلى الحل مع تمادي التشدد في العرقلة، ولا يبدو أن أحداً يجد حكمة في التنازل عن موقفه ما يتطلب أخذ اللبنانيين إلى طاولة مفاوضات برعاية دولية على هدى “الطائف” والدوحة” فتكون حتماً في باريس تحت مظلة المبادرة الفرنسية التي مددها الرئيس إيمانويل ماكرون أكثر من مرة رغبة منه في إنجاح مبادرته والعبور من ملف تشكيل الحكومة إلى معالجة الملفات الاقتصادية البنيوية بحسب ما أشار دبلوماسي فرنسي للمتصلين اللبنانيين.

يقول المصدر الحزبي “بتنا بحاجة إلى لقاء تأسيسي جديد لأن الأزمات اللبنانية أظهرت العورات في النظام والدستور ومفهوم الشراكة الوطنية بمعزل عن العناوين المتداولة في المناخ السياسي، لذلك المؤتمر التأسيسي الجديد بات ضرورة وفرنسا كانت حددت موعداً للقاء مماثل في تشرين الأول المقبل وكل المؤشرات تدل على حتمية عقده بحكومة جديدة أو عبر حكومة تصريف الأعمال”.

العبور إلى الدولة والإصلاح الاقتصادي والدولة المدنية الذي ليس فيها لا غالب ولا مغلوب وفق ما أعلنه رئيس الجمهورية ميشال عون يتطلب طاولة حوار برعاية فرنسية. وهذه الطاولة لن تعقد قبل إجراء اتصالات تقوم بها فرنسا مع إيران وقد تشمل روسيا وبغض طرف أميركي وفق ما يقول المصدر.

بين النهوض من الانهيارات الكبرى وتجاوز الحرائق والقفز فوق جهنم ثمة جهد مطلوب لاستعادة ثقة الشعب اللبناني، الرازح تحت أثقال الهموم الكثيرة ويستحق الفوز بالجنة، ببلده وبالطبقة الحاكمة أو تلك الجديدة التي ستفرزها الاتصالات. هل يواصل الفرنسيون العمل على إنعاش البلد الذي يعتبرونه قيمة مضافة لحضورهم شرق المتوسط أم يسلمونه لعزرائيل؟ في الانتظار الكبير للرد على هذا السؤال تتضاعف موجبات القلق الوطني والخوف عند اللبنانيين مترقبين الحكمة والرحمة إن وجدت في العقل السياسي.

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى