حقوقمجتمع

المثلية بين النبذ والتصالح واستحالة الاعتراف!

يستعر الجدال حول الاعتراف بالمثليين في لبنان تماماً كما في العالم العربي والعالم.

ويواجه عالم “مجتمع الميم وع” حتمية عدم الاعتراف بوجودهم وحقوقهم فيما بدأ إلقاء “الحرم” على كينونتهم.

المواقف الاجتماعية متقلبة بين الرفض والتقبل، بعدما أخذت فئات مجتمع الميم تخرج إلى العلن ولو بخفر. لكن الموقف الديني صارم في هذا الشأن حيث أن الديانات السماوية تصف تلك الأفعال عادة بـ “الشذوذ” باستثناء الديانة البوذية التي تتسامح مع هذه الفئة.

الخوف والعزلة يرافقان أفراد مجتمع “الميم” في الدول العربية والإسلامية حيثُ تُعاقَب فيه العلاقات المثلية بالسجن والجلد والإعدام أحياناً ويضطر كثر الى إخفاء هويتهم الجنسية خشية الوصمة الاجتماعية.
ومجتمع الميم هو اصطلاح يشير إلى مثليي الجنسية “مثلي، مزدوج، متحول ومتحير” كلها تبدأ بحرف الميم.

والواقع أن المجتمع الغربي، ليس مثالياً في الترحيب بحقوق المثليين والعابرين جنسياً، فلا يزال رفض هذه الفئة يلازم مجموعات دينية ويمينية وكنسية كبيرة وحتى الشرائح التي تنادي بالحرية الفردية تعتبر هذا الأمر “عاراً، مخالفاً للطبيعة.

بالأمس وبعد قرار يمنع المراة من حقّها بالإجهاض قال القاضي في المحكمة العليا الأميركية كلارنس توماس “بعد منع الإجهاض يجب أن نُعيد النظر في أحكام منع الحمل، وحقوق المثليين”، ما سيُعيد الجدل إلى المربّع الأول في أميركا.

الشعب اللبناني كما العربي يتعامل مع المثلية وغيرها من التوجهات الجنسية غير “الطبيعية” باعتبارها “جريمة ملعونة”، أو مرض يُبتلى به البعض.

البحث في هذه المسألة مرفوض والعائلات تُكابر على وجود هذا “العار”. والتحريم الديني والقانوني يصل إلى حد التجريم في المسيحية والإسلام على حد سواء.

مع التحوّل الرقمي وتقدّم تكنولوجيا الاتصّال عبر الانترنت تكبر المواجهة بين حزمة ثقافات ومعتقدات وقيم وهوية المجتمعات العربية مع “مجتمع الميم”.

وبرغم أن لبنان يعتبر أكثر تساهلاً (اجتماعياً بنسبة ضئيلة) مع المثليين مقارنة بدول عربية أخرى، إلا أنَّ القوى الأمنية منعت أكثر من تجمع وتحرك بينها لـ”غاي برايد” أو “فخر المثليين”، بضغط من القيادات الدينية.

واليوم تتكرر الحادثة مع تنظيم هذه الفئة لمسيرة في “شهر الفخر” الذي يُحتفل به عالمياً. فيما قامت مجموعة شبان يطلقون على أنفسهم “جنود الرب” بإزالة لوحة ورود بألوان علم “المثليين” في الأشرفية رفضاً لمظاهر الشذوذ.

وتنفذ قوى الأمن بانتظام مداهمات في ملاه ليلية وأماكن أخرى يرتادها المثليون. وغالباً ما يكون هؤلاء موضع سخرية في المجتمع والبرامج التلفزيونية ويتعرضون لفحوص طبية، اعتبرتها منظمات حقوقية “مذلة”، خلال توقيفهم.

وسجّلت جمعية “حلم” ارتفاعاً في نسبة الانتهاكات التي يتعرّض لها أفراد مجتمع الميم-ع.

‎وأشارت في دراسةٍ لها إلى أن الانتهاكات الأكثر فظاعة ترتكب عادةً من قبل الدولة وتحديداً من المكاتب الأمنية المختلفة كقوى الأمن الداخلي والأمن العام.

علمياً، لم يكشف الطب أي ارتباط بين الجينات البشرية والميول الجنسية، لذلك يبقى اعتبار “المثلية” مرضاً “محرّماً” يستوجب العلاج.

في العام الماضي، أعلنت الجمعية اللبنانية للطب النفسي LPS بكل وضوح أن افتراض المثلية على أنها نتيجة لاضطرابات في ديناميكية العائلة، أو لنموٍ سيكولوجي غير متوازن، يستند إلى معلومات خاطئة.

يعود النقاش عن عوالم “مجتمع الميم” في وطن ممزق سياسياً ومنهار مالياً واجتماعياً ومنظومة “شاذّة” أبدعت في ارتكاب الموبقات التي تحتاج إلى عمل ضخم لإزالة آثارها. أما المثلية وغيرها من السلوكيات فتأثيراتها تحتاج إلى معالجات أخرى ستبقى مثار جدل إلى أبد البشرية مع استحالة الاعتراف بها.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى