الدولار الانتخابي يرفد سوق الصرف وانكماش الليرة
في الزمن الانتخابي، يتم شراء الاصوات بأسعار هي الاعلى في لبنان ما يسبّب حالة من عدم الاستقرار في سعر صرف دولار السوق السوداء ويرفع وتيرة بيع العملة الصعبة. والمال الانتخابي يتوسّع ليشمل المحاور الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون: دفع أقساط المدارس وفواتير الاستشفاء والدواء ودفع ثمن المازوت لأصحاب المولدات لتأمين الكهرباء.
وفي هذا المناخ النقدي المبني على حاجات الناس، شهدت السوق الموازية خلال الأيام القليلة الماضية، عرضًا متزايدًا لبيع الدولار، ما دفع مواطنون إلى التوجه لبيع كميات من العملة الصعبة في السوق. هذه الفرصة الذهبية لتجار العملات الصعبة دفعتهم للتلاعب بسعر الصرف صعودًا ونزولًا. وتفاوتت الفوارق بين 200 و300 ليرة خلال الأيام الماضية.
الانتخابات فتحت باب بازار شراء الاصوات، فكثر السماسرة تحت مسمى المفاتيح الانتخابية. وتبيّن أن هناك بعض المرشحين باشروا بدفع أموال بالدولار للعديد من الجهات التي تجمع الأصوات وأيضًا المندوبين.
ثمن الصوت، بحسب الأحاديث المتداولة بلغ في أماكن نحو 600 دولار، تُقسّط على ثلاثة أسابيع تسبق الانتخابات، وفي أماكن أخرى تمّ تخصيص 300 دولار للصوت الواحد و150 دولار في أماكن أخرى. فيما تحصل المفاتيح الانتخابية على أرقام فلكية بالنسبة للواقع اللبناني بين 50 ألف دولار و200 ألف دولار.
وبحسب أحد الصرافين فإن توافر الدولار دفع تجار السوق الموازية للصرف، إلى اللعب على هامش معيّن الأمر الذي انعكس هبوطًا في سعره مؤخرًا. وبعد خلال فترة الأعياد، ارتفعت نسبة عملية بيع الدولار أيضًا من قبل المواطنين العاديين الذين حصلوا من مغتربيهم على الدولار الكاش.
واليوم يقوم اللاعبون الكبار في العملية الانتخابية من مفاتيح انتخابية ورؤساء أحياء وبلدات بصرف دولارات المرشّحين في السوق السوداء وتوزيعها على بعض الناخبين بالعملة الوطنية كما يقومون بدفع فواتير مستحقة لمستلزمات النقل والأكل والشرب الأمر الذي يعكس طلبًا كثيفًا على الليرة اللبنانية التي تكاد تندثر في السوق نتيجة الطلب الكبير عليها.
يميل سوق المال إلى العليات النقدية بشكل كبير مع انعدام جدوى البطاقات المصرفية والشيكات ورفض التعامل بها في المؤسسات التجارية والسياحية وغيرها. فقد كشف تقرير لبنك “الاعتماد اللبناني” إستناداً إلى إحصاءات جمعيّة المصارف في لبنان، تراجع قيمة الشيكات المتداولة بنسبة 14.73% على صعيدٍ سنويٍّ إلى 12،855 مليار ل.ل. (موزَّعة على 565،271 شيكًا) خلال الفصل الأوّل من العام 2022، مقابل 15،076 مليار ل.ل. (موزَّعة على 911،875 شيكًا) في الفترة نفسها من العام 2021.
وقد شَكَّلَت حصّة الشيكات المتقاصّة بالعملات الأجنبيّة نسبة 35.12% من القيمة الإجماليّة للشيكات المتقاصّة، مقارنةً بنسبة 58.50% لغاية آذار 2021. في المقابل، انخفضت قيمة الشيكات المرتجعة بحوالي 92 مليار ل.ل. (أي بنسبة 44.23%) لغاية شهر آذار من العام الحالي إلى 116 مليار ل.ل.، موزَّعة على 4،156 شيكًا
وتأتي هذه الأرقام الهزيلة في حركة مقاصّة الشيكات في ظل الأوضاع الإقتصادية المترديّة وميول السوق نحو العمليّات النقديّة في ظلّ القيود الصارمة المفروضة من قبل المصارف على السحوبات.
في هذا الإطار، تراجعت حصّة الشيكات المرتجعة من إجمالي عدد الشيكات المتقاصّة إلى 0.74% خلال الفصل الأوّل من العام 2022، مقابل 0.93% في الفترة الموازية من العام السابق كما وانخفضت قيمة الشيكات المرتجعة إلى 0.90% من إجمالي قيمة الشيكات المتقاصّة، مقارنةً بـ1.38% في نهاية شهر آذار من العام 2021.
حركة بيع الدولار ستتكثّف في الأسبوع الأخير ما قبل الانتخابات النيابية يوم الأحد المقبل، لكنها لن تنعكس انخفاضًا كبيرًا في سعر الصرف. وبحسب أحد الصرّافين فإن الدولار لن يقل عن 25 ألف ليرة على أبعد تقدير، قبل العودة إلى ألعاب أخرى، بعد إنجاز الانتخابات، تستبيح المزيد من أحوال اللبنانيين المدقعة.
رانيا برو