حرائق تشرين تتجدّد … تغيّر المناخ يوسّع دائرتها الى قمم الجبال
حرائق الاسبوع الأوّل من تشرين كارثية لكنها ليست حدثاً استثنائياً، ففي شهري أيلول وتشرين الأول من كل عام يودّع لبنان يومياً ما يزيد على 150 دونماً من الغطاء الأخضر. لكن الجديد الذي يتكرر للعام الثاني على التوالي ارتفاع درجات الحرارة وشدة الرياح في مناطق مرتفعة حيث وصلت الحرائق الى قمم الجبال، الأمر الذي يؤشر الى التداعيات الكارثية لتغيّر المناخ على توسيع رقعة المناطق المتأثرة بالحرائق الموسمية.
حصيلة الحرائق في ال 24 ساعة الأخيرة فقط تخطت ال 100 حريقا منها 30 حريقا على الأقل أساسيا أي ذات أضرار كبيرة و 3 حرائق في نطاق المحيط الحيوي لمحميتان طبيعيتان. طالت الحرائق لبنان من شماله إلى جنوبه فاحترقت أحراج وبساتين منطقة دوما – (صغار – جربتا)، العبودية، عكار (النورا-شان)، نيحا، بتبيات، باتر، بعبدات، المنصورية، أحراج الشبانية – راس المتن، كفرفاقود، المشرفة، سفينة القيطع، (بخعون – الضنية)، عيون السمك، مغدوشة المنية وادي جيلو (حيث اقتربت من المدرسة الموجودة في المنطقة) وفي العديد من البساتين المثمرة في محافظة الجنوب إلى جانب خراج اكثر من 20 بلدة وقرية.
مؤسس جمعية الارض لبنان بول أبي راشد أوضح أنّ “هناك أسباباً عديدة لاندلاع حريق في الطبيعة وأوّلها الظروف المناخية والطقس الحار والجاف وارتفاع درجات الحرارة، خصوصا في هذه الفترة من السنة ولكن في كل عام يتم تحذير المواطنين والبلديات من احتمال اندلاع الحرائق وبالتالي هناك تقصير”.
يقول أبي راشد “تتحمّل البلديات والمواطن اللبناني جزء من مسؤولية الحرائق فمن جهّة أولى على البلديات أن تتجهّز لحوادث مشابهة، عبر الرقابة المشدّدة للأحراج والمساحات الخضراء من خلال وضع حراس في الأحراج لمراقبة أي بداية لأي حريق، وبالتالي الشروع في اطفائه والسيطرة عليه، وعبر تجهيز البلدات بالمعدات لحالات مماثلة وبالتالي استباق الدفاع المدني في عملية اطفاء الحريق”، كما أشار إلى أنّ بعض البلديات أيضا تتخلص من نفاياتها في الأحراج أو الأنهر ما يسرع امتداد الحرائق”.
يتابع أبي راشد، “على المواطنين أن يتحلّوا بالوعي الكافي والمسؤولية تجاه بيئتهم، وبالتالي عدم إشعال النيران في الأحراش خصوصاً وقت الصيد أو النزهات في الطبيعة (تخييم)، وعدم رمي النفايات أو حرقها للتخلّص منها، وتجنّب حرق العشب اليابس في البساتين لتوفير إيجار أيدي عاملة”.
ويؤكّد أنّ “معظم الحرائق “مفتعلة” ولكن عن جهل وعدم إدراك لخطورة الفعل، كرمي السجائر على الطرقات أو في الأحراج، أمّا الحرائق المقصودة عن سابق اصرار وتصميم فهذه توضع في خانة العمل الاجرامي”، على حدّ تعبيره، “ويجب أن يتم التحقيق فيها”.
ويلفت إلى “تقصير الأجهزة الأمنية بالقيام بدورها ولفلفلة ملفات الحرائق وتجاهلها”، مستشهدا “بحادثة دير الصليب التي كان سببها نجاح إبن أحد سكان المنطقة بالمدرسة العسكرية وتخرجه برتبة ضابط، فقام أهله بإشعال المفرقعات النارية ابتهاجاً، لتنفجر هذه الأخيرة بأحد الأحراج اليابسة فتسبّب الحريق، ولم نشهد أي تحرّك للأجهزة الأمنية في هذا المجال فلم يفتح تحقيق لمعرفة سبب الحريق ولم يحاسب أحد”.
وكشف الناشط البيئي أنّ “حجم المساحات التي أحرقت وصل إلى الـ1000 هكتار، ولأوّل مرّة في تاريخ لبنان تطال الحرائق مناطق قمم الجبال في نيحا وعكار وفنيدق التي يصل ارتفاع بعضها إلى الـ1800 متر، ما يؤكّد وجود تغيير مناخي واضح يجب أن نكون مجهزين للتعامل معه”.
وتتأثر الجبال اللبنانية تلقائياً بظواهر تغيّر المناخ على المستوى العالمي، خصوصاً لجهة ارتفاع درجة الحرارة وأثرها في الذوبان السريع للثلوج، الأمر الذي سينعكس على غزارة الينابيع، وبالتالي سيزيد من ندرة المياه خلال فصل الصيف، وتوسع رقعة الحرائق.
باولا عطية, منير قبلان