منوعات
أخر الأخبار

جائزة “كينتون ميلر” لنزار هاني تكريماً لنشاطه في محمية أرز الشوف

مفارقةٌ صادمة أن يحظى مدير محمية أرز الشوف الخبير الإيكولوجي نزار هاني بجائزة دولية مرموقة مؤخراً، وأن “يكافأ” في بلده قبل سنتين بإعفائه من مسؤولياته، قبل أن يتنبَّه القيمون متداركين الوضع رفضاً لظلامة وغبن، فعاد إلى فضاء عالمه محلِّقاً في المدى الحيوي للمحمية الأهم في لبنان والشرق والأوسط، وليضيف إنجازات جديدة، فاستحق الجائزة واستحقته المحمية.

في مسار سنوات طويلة مضت كرّس هاني “معادلات خضراء”، إتّـكأت دوما على مفهوم الإستدامة المستندة إلى فكر خلاّق، لا بل راح أبعد حين كرّس فلسفة الإستدامة وفق رؤية بيئية لحظت ديمومة الحياة والتوازن بين الطبيعة من جهة، وحاجة الإنسان من جهة ثانية، ونقصد هنا الطبيعة بمختلف قوانينها وسائر نظمها الإيكولوجية. وتبّنى هاني مع فريق العمل خطة عمل استشرافية أوصلت محمية أرز الشوف إلى العالمية، في مسيرة تُوِّجت بتسلّمه “جائزة كينتون آر ميلر” المرموقة والقيمة والمخصصة للابتكارات الجديدة في المتنزهات الوطنية واستدامة المحميات الطبيعية، مناصفةً مع بيدرو إستيفاو موغورا من منتزه جورونجوسا الوطني في موزمبيق، من “الإتحاد الدولي لصون الطبيعة” IUCN، و”اللجنة العالمية للمحميات الطبيعية” WCPA.

جائزة كينتون آر ميلر

 

جائزة "كينتون آر ميلر"
جائزة “كينتون آر ميلر”

هذه الجائزة هي بمثابة تكريم لأفراد يتخذون خطوات جريئة ومثمرة لضمان إستدامة المحميات الطبيعية، وهي تحمل اسم الدكتور كينتون آر ميلر، الذي شغل موقع المدير العام لـ “الإتحاد الدولي لصون الطبيعة” IUCN منذ عام 1983 حتى 1988، وكان أيضاً رئيساً للجنة العالمية للمحميات الطبيعية WCPA على مدى ثلاث دورات.

وتُعتبر الجائزة تكريماً لإرث ميلر المتمثل في تعزيز المعرفة، وتوجيه وإرشاد القادة في مجال صون الطبيعة والحفاظ على التنوع البيولوجي في كافة أنحاء العالم، وتكريماً أيضاً للأفراد الذين يمثلون الإبتكار والتوجيه والإرشاد في مجال المتنزهات الوطنية واستدامة المحميات الطبيعية.

المحمية والمجتمع المحلي

مدير محمية أرز الشوف الخبير الإيكولوجي نزار هاني
مدير محمية أرز الشوف الخبير الإيكولوجي نزار هاني

وقال هاني لـ “أحوال”: “هذه الجائزة دليل على أنّنا في لبنان بإمكاننا الإنجاز والعطاء، وهي أول مرة تُمنح لشخص في محيط المتوسط، والأمر المهم أنّ المنظمات العالمية كالإتحاد الدولي لحماية الطبيعة واللجنة العالمية لإدارة المحميات، أصبحت تتابع العمل الذي نقوم به داخل المحمية وكافة المحميات في لبنان، وهي جائزة تقديرية لإنجاز لبنان في تطويره للمحميات، وكينتون ميلر من الأشخاص الذين طوّروا الكثير في الشبكة العالمية للمحميات وكان مدير الإتحاد العالمي لحماية الطبيعة لفترة زمنية لذا تم التقدم بهذه الجائزة باسمه، وهي دليل على أن إدارة المحمية تتم بمعايير جيدة، كما وأننا أضفنا خبرة مميزة لشبكة لإدارة المحميات، لا سيما لجهة إشراك المجتمع المحلي، وبأنّ المحميات، يمكن أن تحمي الطبيعة والبيئة ولكن يمكنها حماية الناس أيضا بتأمين فرص العمل وحماية النظام الإيكولوجي بطريقة متكاملة وشاملة.

لا يمكن الإحاطة بمختلف إنجازات محمية أرز الشوف التي تشكل خمسة بالمئة من مساحة لبنان، وذلك يفترض مساحة أوسع، توثيقاً ودراسة، لكن ما حققته المحمية يمكن إيجازه بأنّ البيئة هي فضاء غير منفصل عن حياة الناس واحتياجاتهم، وفلسفة الإستدامة تلحظ هذا الأمر لجهة الإفادة من ثروات الطبيعة ومراعاة تجددها، وذلك بالإستناد إلى خبرات الأجداد في إدارة الغابات بما يؤمن ديمومتها من جهة، وتالياً بالإستناد إلى العلم والمزاوجة بين إرث الماضي ورؤى المستقبل من جهة ثانية.

مشروع “الأرز الخالد”

من محمية أرز الشوف
من محمية أرز الشوف

وقال هاني: “في مبادرة لتخليد أسماء ضحايا انفجار 4 آب (أغسطس)، وكمحمية طبيعية يتمحور عملنا على زيادة الرقعة الخضراء في لبنان والحفاظ على غابات الأرز وزيادة مساحتها، اتجهت إدارة المحمية القيام بهذه المبادرة، تحت عنونان مشروع (الأرز الخالد) حيث يمكن لأي شخص زراعة أرزة باسمه، وفي العام 2007 قمنا بمبادرة هامة مع قيادة الجيش اللبناني، وزرعنا أرزاً بأسماء الشهداء الذين قضوا في معركة نهر البارد”. وأضاف: “قمنا بمبادرة مشابهة، فأردنا تخليد أسماء شهداء المرفأ، ويمكن لأي شخص زيارة موقع غابة ضحايا 4 آب وهو مفتوح لكل الناس، وهو في منطقة مرتفعة من غابة الأرز بين قريتي المعاصر والباروك، وقد راجعنا السلطات المختصة للحصول على قائمة بجميع الضحايا من اللبنانيين وغير اللبنانيين”، وقال: “ستبدأ عملية الزراعة مع بدء موسم زراعة الأشجار الحرجية في أوائل أو النصف الأول من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل”.

استصلاح الأراضي الزراعية

وأضاف هاني: “في هذا الموسم ثمة مشاريع عدة مستمرة، وهناك مشروعان، الأول تنظيف الغابات لحمايتها من الحرائق عبر استخدام عدد كبير من العمال Cash for Work، حيث نؤمن أعمال التقشيش والتشحيل (التقليم) وإعادة تأهيل دروب المشي، ودعم الزراعة المستدامة، فضلاً عن دعم المزارعين باليد العاملة لجني محاصيلهم من الخضار والفاكهة، واستكمال المشاريع، وزيادة رقعتها أو ما يسمى بـ Upscale أي أن ننتقل إلى مستوى أعلى، وهذه تنطبق على تأهيل النظم الإيكولوجية، ومنها مثلا استصلاح الأراضي الزراعية، والتي وصلت مساحتها حتى الآن إلى 200 هكتار…”.

وعن المشروع الثاني، قال هاني: “استضفنا مجموعة من الأطفال الذين تضررت منازلهم نتيجة انفجار 4 آب مع أهاليهم أو مرافق أو مرافقين لمدة ثلاثة أيام وليلتين في بيوت الضيافة المنتشرة في المنطقة، مع طبيب عائلي أشرف على هذا النشاط، بهدف التوعية البيئية وتالياً التخفيف عنهم (نفسياً) نتيجة الصدمة التي تعرضوا لها، فضلا عن التواصل في مـا بينهم مع احترام إجراءات كورونا”.

وأشار هاني إلى مشروع “حول إدارة المياه باستخدام حساسات للتوفير في المياه والتخفيف من الهدر بالتعاون مع جامعة تورونتو ومنظمة Oikos على مستوى المزارعين وباستخدام البرك الزراعية والآبار الإرتوازية”.

رسالة الدكتوراه

أما من ناحية شخصية، فقال هاني: “أستمر بمجالي الأكاديمي، فبعد نيلي درجة البكالوريوس والماجستير في الجامعة اللبنانية في اختصاص الإقتصاد الزراعي Agro Economy حول استصلاح الأراضي الزراعية المهملة، أصبحت حالياً طالب دكتور في جامعة الكسليك، وتتمحور رسالة الدكتوراة حول Ethno botany أي علم النبات التقليدي وذلك باقتباس معارف كبار السن في محيط محمية الشوف، وتوثيق معلوماتهم وخبرتهم في مجال النباتات لجهة الإستعمال الطبي والغذائي وخلافه، سواء الجذور أو الساق أو الأزهار والبذور، وكيفية وأوقات جمعها، وتجفيفها وطرق حفظها واستخدامها”، ووصف الدراسة بأنها “غنية للغاية، ومتعبة وتتطلب الكثير من الجهود والبحث، وأنه ليس لدينا رفاهية الوقت، خصوصا مع كبارنا أطال الله بأعمارهم”.

 

أنور عقل ضو

 

أنور عقل ضو

صحافي في جريدة "السفير" منذ العام 1984 إلى حين توقفها عن الصدور. عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية في لبنان والعالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى