منوعات

للسنة السادسة… القذافي رهينة التعنت السياسي

لم تنجح الضغوطات الاقليمية والدولية بإحداث فجوة في ملف اعتقال هنيبال معمر القذافي، فبعد قرابة الست سنوات من توقيفه احتياطياً من قبل القضاء اللّبناني بتهمة إخفاء معلومات عن اختفاء الإمام موسى الصدر، لا تزال قضية اعتقاله تشهد حالة من المراوحة، في ظلّ تعنّت سياسي غير مبرّر وخارق للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فالتهمة المنسوبة إليه وإن صحّت تصل أقصى عقوبة لها إلى ثلاث سنوات.

الملف شهد منذ اللّحظة الأولى ضغوطات سياسية كبيرة، ففي حين رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري البحث في قضية هنيبال القابع في سجن فرع المعلومات منذ الـ2015، كانت الدولة السورية تضغط لإطلاق سراحه، وساعدها تدخل الدولة الروسية على خط الاتصالات للمرّة الأولى في مطلع العام 2019، إلّا أنّ شيئًا لم يتغيّر. المراوحة على حالها والمكابرة نفسها والصمت عينه… أحدٌ من السياسيين لم يجرؤ على التدخل في الملف بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو صديق هنيبال منذ أن كان منفيًا في فرنسا.

وتقول المعلومات إنّ هنيبال مسجون في أحد الأماكن في غرفة تحت سطح الأرض، بحالة صحية سيئة، وتكشف الناشطة الحقوقية الليبية ريم الدبري، المواكبة لملف القذافي وهي صديقة العائلة أنّ الزيارات ممنوعة “فمنذ الـ2018 كانت آخر زياراتي له، ولم يرَه أحدٌ منذ ذاك الوقت”، مشيرةً إلى أنّ القضية خاضعة للضغوط من رئيس المجلس النيابي اللبناني مباشرةً، علمًا أنّ المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة والمحسوب على بري هو من يتولى الملف.

وفي هذا الإطار تُسجّل المعطيات القضائية التالية:
1- هانيبعل القذافي لم يكن لا شاهداً ولا مشتبهاً به ولا مطلوبًا أثناء فترة التحقيق العدلى الممتدة من 1981 حتى 2008، والقرار الاتهامى الصادر بتاريخ 21 آب 2008 عن المحقق العدلي الذي رفع يد قاضي التحقيق العدلى عن التحقيق وعن القضية، ولم يتناول اسم هنيبال القذافى بأيّة صفة كانت لا بصفة مشتبه به أو مدّعى عليه أو شاهد او حتى مطلوب الاستماع إليه، وهذا يعني أنّ سبب استجواب هانيبال القذافي هو خطفه وليس بمعطى معيّن موجود في الملف القضائي المقفل منذ عام 2008… وبناءً عليه فإنّ سبب التوقيف ليس قضائيًا.
2- إن أقصى عقوبة لكتم المعلومات تتراوح ما بين ثلاثة شهور إلى ثلاث سنوات في حين أنه يقبع في السجن خمس سنوات حتى يومنا هذا.
3- عندما تسلمت قوى الأمن اللّبناني السيد هنيبال من خاطفيه، عملت بدورها على احتجازه بغياب أي مذكرة توقيف، وإذ أن القانون والمنطق يقول بضرورة تحريره وإعادته إلى سوريا لأنّه يحمل صفة لاجىء سياسي وليس المزيد من المخالفات القانونية والاخلاقية والانسانية.
4- تنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنّه لا يجوز القبض على إي انسان او حجزه او نفيه تعسفاً، وهذا ما لم يلتزم به معتقلو القذافي الذي تمّ توقيفه بعد خطفه بصورة تعسفية بمخالفة صارخة للمادة 9.

إذن، وبالنتيجة فإنّه من غير المبرّر توقيف هانيبال القذافي والاستمرار باعتقاله، فعند اختفاء الإمام موسى الصدر، كان له من العمر عامان، كما أنّه لم يتسلّم فيما بعد أي منصب أمني يمكن له من خلاله أن يطلّ على ملف اختطاف الإمام، لذا هو لا يتحمّل المسؤولية نهائيًا، لا كشاهد ولا كمرتكب.

في المقابل، يقول مبرّرو استمرار اعتقال القذافي إنّه كان قد سجّل فيديو اعترافات عقب خطفه، وهو لا يزال حتى اليوم قابعًا في زنزانته على خلفية ذاك التسجيل. وفي هذا الإطار يكشف مصدر قضائي متابع للملف لـ “أحوال” أنّ الفيديو كان قد سجّله القذافي بضغط من النائب حسن يعقوب بعد أن خطفه ولقّنه مجموعة اعترافات.

وكان قد تردّد في وقتٍ سابق معلومات مفادها أنّه وبعد خطف القذافي واعتقاله، تمّ التفاوض لتسليمه لحكومة الإنقاذ الوطني، أي “حكومة القاعدة” الموجودة في طرابلس الغرب مقابل مبالغ طائلة، وقد ذهب آنذاك رئيس لجنة “المتابعة الرسمية لقضية اخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه” والتقى بمسؤول القاعدة عبد الحكيم بلحاج، وكان الرجل آنذاك هو من يشكل الحكومات في طرابلس وهو معاد لنظام معمر القذافي، إلّا أنّ المساومة على تسليم هانيبال لم تصل إلى النتائج المرجوّة.

في العام الأوّل لاحتجازه، اهتمّ الرئيس السوري بشار الاسد شخصيًا بالموضوع، وأرسلت وزارة العدل في دمشق رسالة بتوقيع النائب العام السوري القاضي خلف حسين الغزاوي الى المدعي العام التمييزي في لبنان القاضي سمير حمود مطالبةً بـ “استرداد هانيبال بعد اختطافه من سوريا حيث كان يقيم فيها بصورة مشروعة بناء على لجوء سياسي”، إلّا أنّ وزير العدل آنذاك أشرف ريفي، رد طلب الحكومة السورية.

اليوم الحال تبدّلت إذ يحاول الرئيس بري، بحسب المصدر المتابع، أن يلعب ورقة هانيبال بغية إعادة العلاقات مع الرئاسة السورية إلى سابق عهدها إلّا أنّ دمشق ترى أنّ “العرض جاء متأخرًا وهي ما عادت تعير الموضوع أي اهتمام”.

إلى ذلك علم “أحوال” أنّ المحامية بشرى الخليل والتي تولّت الدفاع عن القذافي في السنة الأولى لخطفه واعتقاله، تلقت اتصالات في الفترة الأخيرة من قبل جهات ليبية لتستلم الملف من جديد، فهل تقبل الخليل وتعيد إحياء القضية بعد أن ووريّت في الإعلام؟.

 

نُهاد غنّام

صحافية تمارس المهنة منذ العام 2007، حائزة على الماستر في الصحافة الاقتصادية من الجامعة اللّبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى