بين كورونا والانهيار مصير امتحانات “البروفيه” يُحسم قريباً
نقابة المعلّمين تطالب بإلغاء امتحانات "البروفيه" فهل يستجيب الوزير؟
وسط جائحة كورونا والأزمة الخانقة اللتين تعصفان بالبلاد، ينشغل وزير التّربية والتّعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب بإصدار قرارته حول استكمال العام الدراسي الحالي لكافّة المراحل التّعليمية، وإجراء الامتحانات الرسميّة للشّهاديتن الثّانوية والمتوسطة الشّهر المقبل.
لا تفاصيل دقيقة حول آليّة إجراء الامتحانات سوى مواعيدها، التي حُدّدت يومي الاثنين في 12 تموز لامتحانات الشّهادة المتوسطة، و26 تموز لشّهادة الثّانوية العامّة، فيما تبلغ ميزانيتها حوالى 13 مليار ليرة لبنانية، في وطن ينهار مالياً، ودون الأخذ بعين الاعتبار احتماليّة العدوى بفيروس كورونا، خصوصاً وأنّ بعض الأساتذة رفضوا تلقي لقاح “أسترازينيكا”، نتيجة اللّغط الذي حصل حوله.
بالنّسبة لشهادة الثّانوية العامّة، وزارة التّربية حسمت إجراء الاستحقاق، بعد أن واجه العديد من الطّلاب معوّقات عدة خلال السّنة الماضية، لناحية الإفادات؛ وذلك بعد أن رفضت بعض الدّول معادلة الإفادة، أو دخول الطّلاب اللّبنانيين جامعاتها قبل إخضاعهم لاختبارات القدرات والتّحصيل، في حين اشترطت دول أخرى الخضوع لسنة تحضيريّة (فرشمن)، وامتنعت دول أخرى عن تقديم منح للطّلاب لعدم وجود علامات.
مصير “البريفيه”
بالنّسبة للشّهادة المتوسطة (بريفيه)، الذي يبلغ عدد المرشحين فيها حوالى 60 ألف طالب، فلا مبرّر مقنع لإجراء الامتحانات، التي تحمّل الطّلاب والأساتذة والأهالي خطر الإصابة بالفيروس، كما وتكبّد الدّولة مصاريف هي أصلاً بغنى عنها. فهل يتجّه وزير التّربية نحو الإلغاء؟
مصدر تربوي يؤكّد لـ “أحوال” أنّه على الدّولة إعادة النّظر في مسألة إلغاء الامتحانات الرّسمية للمرحلة المتوسطة، لا سيّما وأنّ هذه المرحلة ما هي إلّا عبء نفسي ومعنوي على الأهل والطلاب في هذه الفترة الاستثنائيّة، كما وتكبّد الدّولة اللّبنانية مصاريف وأعباء ماليّة وبشريّة ولوجستيّة بغنى عنها، ولا فائدة منها في ظلّ وجود الامتحانات الرّسمية لشهادة البكالوريا.
ويشير المصدر في هذا السياق، إلى معاناة المدارس الرسميّة من النقص الحاد في الجهوزيّة للمتطلبات الوقائيّة اللّازمة من فيروس كورونا، وللتّجهيزات والقرطاسيّة أيضاً.
ردود الفعل على امتحانات البريفيه
وقف “أحوال” على بعض ردود فعل المغردين حول إجراء امتحانات البريفيه، في وقت يعاني فيه الطلاب من ضغط نفسي جرّاء الحجر، ويتخبطون وأهاليهم في تداعيات الانهيار والأزمة الاقتصادية، وما ينتج عنهما من فقدان للبنزين الذي قد يحول أصلاً دون وصولهم للامتحانات. ومن أبرز التغريدات المطالبة بإلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة:
وبقوللنا بالمدرسه بدن يضلو يداومو ١٢ تموز بشرفك يعني بعد كل هل ضغط النفسي والمادي على الاهالي والطلاب وحتى الاساتذة شو بكونو عطلو شهر بالصيف وبعدان عم تقولو ما في مصاري لتعملو امتحانات على القليلة الغو البريفيه واعتمدو امتحان المدرسة
— mahassen mouzahem (@mahassenmouzah1) May 23, 2021
دكتور طارق
لو سمحت، اطفال البريفيه واهاليهن منتظرين منك قرار الغاء امتحانات البريفيه لهالسنة. مش نعرض اطفالنا للخطر كرمال شهادة لا بتقدم ولا بتأخر وحتى الجيش بطل يطلبها للجندي!!
منتفهم غيرتك على مستوى التعليم وهؤدا اكيد مرتبط بالشهادة الثانوية، لكن شو علاقة البريفيه؟— Ali (@IAW2675) May 23, 2021
@TonyKhalifeh
استاذ طوني لطالما كنت حدنا بكل الظروف . بدي اطلب منك ان تثير اعلاميا موضوع امتحانات الشهادة المتوسطة .فالاوضاع الاقتصادية لا تسمح . والطالب نفسيته تعيسة والاهل لا تحمل اصابة كورونا في البيت من وراء الذهاب الى المدرسة رجاء لا امتحانات مدرسية من البريفيه ونزول # pic.twitter.com/biHpy5mEJ7— Mirna Berjawi Shahrour (@BerjawiMirna) May 23, 2021
مذكرة لإلغاء “البروفيه”
بدوره، يؤكد الأمين العام لنقابة المعلمين وليد جرادي، أنّ النّقابة تؤيّد إجراء الامتحانات الرّسمية للشّهادة الثّانويّة حفاظاً على مستواها، حيث تُعتبر مستنداً تربوياً معترفاً به محليّاً وخارجيّاً؛ أما فيما يخصّ امتحانات الشّهادة المتوسطة فيمكن الاستغناء عنها هذا العام برأيه، نظراً للأوضاع الصّحيّة والاقتصاديّة الحرجة التي يمر فيها لبنان. “وقد قدّمنا مذكّرة للوزير بهذا الخصوص، وبانتظار رده قريباً.”
ويضيف، كان بإمكان الوزير وضع حلول أنسب لتوفير التّكاليف التي ستتكبدها الوزارة على دائرة الامتحانات الرسميّة المتوسطة، واللّجان الفاحصة ورئيسها الذين يتقاضون مبالغ ضخمة مقابل مهامهم.
هذا الكلام جاء أيضاً على لسان تربويين عملوا في القطاع لأكثر من 25 سنة، وعايشوا كل مراحل الإهمال واستغلال النفوذ، وواكبوا دهاليز هدر المال العام في “التّريبة”.
التّربية أولويّة
من جهتها، تؤكد رئيسة دائرة الامتحانات الرّسمية أمل شعبان على أهمية الشّهادة المتوسّطة في تقييم مستوى الطّالب التّعليمي.
وفيما يتعلّق بالتّعويضات الكبيرة الممنوحة لرئيس اللّجان ومساعديه والموظفين الإدارين تقول، هؤلاء يمضون أيام وليالٍ بعيداً عن عائلاتهم تحضيراً للامتحانات، فلا بد من إنصافهم والتّعويض عليهم، والمبالغ ليست خياليّة كمل يُشاع.
أمّا بالنّسبة للأساتذة القييمين على أعمال المراقبة والتّصحيح فيتكبدون مشقّة الانتقال من منطقة إلى أخرى من أجل 50 ألف ليرة في اليوم و2500 ليرة كحد أقصى مقابل تصحيح المسابقة الواحدة، بحسب شعبان.
وتلفت إلى أنّ الميزانيّة المخصّصة للامتحانات الرّسمية الثّانوية والمتوسّطة، خفّضت هذا العام من 18 مليار إلى حوالى 13 مليار، علماً أنّه يجب زيادة الموازنة لا خفضها، لأن التّربية أولويّة.
وتؤكد شعبان على أن تكاليف مراقبة الامتحانات وتكاليف التّجهيزات والقرطاسيّة وأدوات التّنظيف والتّعقيم ستتحملها المدارس الخاصّة، التي ستحدّد من قبل الوزارة كمراكز امتحانات للشّهادة المتوسطة.
القرار الأنسب
وترى شعبان أنّ إجراء امتحانات “البريفيه” هو الحلّ الأمثل لتقييم الطّلاب، وتحديد مسارهم على المستويين الأكاديمي والمهني، وحفاظاً على سمعة الوطن التربويّة، وتحاشياً لتكرار تجربة إعطاء الإفادات.
وبالنسبة لكل من لديه هواجس وخوف من احتماليّة انتقال فيروس كورونا أثناء إجراء الامتحانات تقول شعبان، البلد فتح بأكمله، والناس عادت الى حياتها بشكل طبيعي، فلماذا كل هذه التّعقيدات في طريق امتحانات الشّهادة المتوسطة؟ مشدّدة على أنّ الامتحانات ستؤمن عدالة أكبر للطّلاب، مع مراعاتها الظّروف الاستثنائية والوضع الصّحي والنّفسي لهم.
وتؤكد على اتّباع الوزارة بروتوكولاً صحياً يراعي كل التّدابير والإجراءات الوقائيّة خلال فترة الامتحانات. وتلفت الى أنّ لجنة كورونا هي من اتّخذت قرار فتح المدارس، بما فيه إجراء الامتحانات الرسميّة.
وعن تفاصيل آلية إجراء الامتحانات تقول شعبان، سيتم الإعلان عنها قريباً، ولا نيّة حتى السّاعة بإلغائها.
امتحانات مدرسيّة بإشراف رسميّ
تشدّد رئيسة لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصّة لمى الطّويل، على ضرورة التّمسّك بالامتحانات الرسميّة المتوسطة، باعتبارها أشبه بمصفاة تغربل التّلاميذ، وتحدّد لهم الانتقال إلى المرحلة الثّانويّة أو إلى التّعليم المهني والتّقني.
وتشير إلى أن الامتحانات ستجرى في المدارس الخاصّة، وستكون على شكل امتحانات مدرسيّة، على أن تكون المسابقات موحدة من قبل وزارة التربية، وتحت إشرافها نظراً للظّروف الاستثنائيّة.
وبالنسبة للهواجس الصّحيّة لدى الأهل والتّلاميذ والأساتذة، تقول الطويل إنّ إجراء الامتحانات أمر ضروري، ولا داعي للخوف بعد أن تلقى حوالى 70% من الأساتذة اللّقاح.
وتوضح أن أكبر مدرسة في لبنان تضم 100 طالب “بروفيه”، فإذا تم توزيعهم بشكل آمن مع الحفاظ على التّباعد الاجتماعي، بإمكاننا اجراء الامتحانات دون خوف.
وتدعو لجان الأهل في جميع المدارس أن يكونوا العين المراقبة على تطبيق البروتوكول الصّحي في مدارسهم.
وتردف، نحن كلجان أهل في المناطق سنراقب مدى التزام المدارس بالإجراءات الوقائية، على أن تكون أي مخالفة مسجّلة تحت طائلة المسوؤليّة.
وللأهل نقول ونطمئن بأننا حريصون على صحة أبنائكم، وسنوفر كلّ الوسائل التي تضمن سلامتهم ووقايتهم.
ناديا الحلاق