مجتمع

بالأرقام| تقرير يكشف مخاطر أزمة وجود اللاجئين السوريين

مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية بأكثر من 80 في المائة، وتجاوز التضخم 140 في المائة، و40 في المائة من البطالة، تحوّلت الطبقة الوسطى في لبنان إلى فقيرة والفقراء إلى فقراء مدقعين، وصلت الحال مع بعضهم إلى نقطة لا يستطيعون فيها شراء الطعام.

وتشير التقارير إلى أنّ معدل الفقر قد تضاعف إلى أكثر من 55٪ بين عامي 2019 و2020؛ بينما تضاعف الفقر المدقع ثلاث مرات ليصل إلى 23٪. هذا، ويعيش 841000 لبناني تحت خط الفقر الغذائي.

تقرير يكشف مخاطر أزمة النازحين

بين هذه الأرقام صدر تقرير في مدوّنة brookings.edu تعود للبنك الدولي ومعهد بروكينز عن  مدى تأثير وجود اللاجئين السوريين على الوضع الاقتصادي في لبنان، الذين يتراوح عدد المسجلين منهم 865،530 بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي قدّرت أنّ عدد جميع السوريين في لبنان يبلغ 1.5 مليون.

وعلى مستوى العالم، يحتل لبنان المرتبة الثانية بعد جزيرة أروبا من حيث نسبة اللاجئين إلى السكان الأصليين.

من الناحية الأمنية، مع وجود أغلبية ساحقة من السوريين السنّة، الذين يشكلون أكثر من 20٪ من سكان لبنان، يُنظر إلى وجودهم على أنّه يهدد الحكم الطائفي للبلاد واستقراره، مما أثار ويثير معارضة فورية من مختلف الجماعات؛ فيما زادت علاقة لبنان المشحونة بسوريا على مدى عقود عديدة من مخاطر الأزمة.

مع ذلك، ووفقًا لمختبر سياسة الهجرة بجامعة ستانفورد، فإنّ قلّة من اللاجئين يرغبون في العودة. البعض يعزي ذلك إلى التخوّف الأمني، والأزمة الاقتصادية في سوريا التي لا تقلّ خطورة عن لبنان.

وكشف التقرير أنّه يعيش ما يقدّر بنحو 90 في المائة من أسر اللاجئين السوريين في فقر مدقع، في نسبة ارتفعت من 55 في المائة في أوائل عام 2019.

وتقول منظمة الإغاثة الدولية إنّ هذه الأسر تعيش على أقلّ من نصف الحد الأدنى للأجور اللبنانية، أي ما يقرب من 36 دولارًا شهريًا وتتقلّص بالقيمة الحقيقية. وهذا يعني الحرمان من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والصحة والمأوى والتعليم.

هذا، ويفتقر أكثر من 80 بالمائة من اللاجئين السوريين إلى الإقامة القانونية منذ أن توقف لبنان عن السماح للمفوضية بتسجيل السوريين في عام 2015. إلى ذلك، إنّ المبلغ المطلوب لرسوم التجديد هو 200 دولار، وهذا ما لا يمكن تحمّله بالنسبة لمعظم السوريين. وبالتالي، لا يستطيع الكثيرون الوصول إلى الخدمات.

انعدام الأمن الغذائي

في كانون الأول (ديسمبر) 2020، كانت نسبة 50 في المائة من الأسر السورية تعاني من انعدام الأمن الغذائي، وهو تضاعف منذ عام 2019. وتتزايد آليات التكيّف المدمرة مثل تقليل عدد الوجبات وحصصها في اليوم؛ سيّما أنّه منذ عام 2019، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 402 في المائة. ومع الانخفاض الحاد في فرص العمل غير الرسمية، يراكم اللاجئون أيضًا المزيد من الديون – 93 بالمائة اقترضوا للغذاء، و 48 بالمائة للإيجار، و 34 بالمائة للأدوية.  وتعيل الأسر اللاجئة نساء فيما تعاني من انعدام الأمن الغذائي أكثر من الأسر التي يرأسها رجال؛ بينما تستخدم الأسر التي تعيلها نساء (68 في المائة) تدابير  أقسى مواجهة على مستوى الأزمة مقارنة بالأسر التي يرأسها رجال (13 في المائة)، بما في ذلك زواج الأطفال، وسحب الأطفال من المدرسة، والعمل والتسوّل وما إلى ذلك.

اشتداد الأزمة

إذا نفد لبنان من الأموال المخصصة لبرنامج الدعم الخاص به، فقد يتدهور الوضع بشكل كبير. في الوقت الحالي، تقوم حكومة تصريف الأعمال بتقليص قائمتها المدعومة المكوّنة من 300 منتج من المنتجات الغذائية والمنزلية الأساسية مع تقليل الدعم على البنزين. مع التضاؤل السريع لاحتياطيات النقد الأجنبي، من غير الواضح إلى متى يمكن الحفاظ على الإنفاق السنوي البالغ 6 مليارات دولار على الإعانات. ومن المتوقع أن الدعم الأساسي للقمح والأدوية ووقود الكهرباء سيبقى حتى اللحظة الأخيرة.

أزمة التعليم

مع 58 في المائة من أطفال اللاجئين السوريين غير الملتحقين بالتعليم النظامي في عام 2018، حضر العديد من أولئك الذين كانوا في التعليم الرسمي (190 ألفًا في 2020-2021) فصولًا بعد الظهر في المدارس العامة، لكن العديد من اللبنانيين الآن نقلوا أطفالهم إلى التعليم العام، مما يحدّ من الفترات الزمنية للأطفال اللاجئين.

علاوة على ذلك، تم تأخير خطط التعلم عن بعد، وحتى عند إطلاقها بالكامل، ستشكل التكنولوجيا والتكاليف عوائق.

وتقول تقارير رسمية إنّ آلاف الأطفال، اللبنانيين واللاجئين، “قد لا يعودون إلى المدرسة أبدًا، إمّا لأنّهم فاتهم الكثير من التعلّم بالفعل أو لأن والديهم لا يستطيعون تحمل تكاليف إرسالهم إلى المدرسة”. ومما يثير القلق أن تمويل المانحين آخذ في التناقص.

خطورة الأمن الصحي

كشف وباء فيروس كورونا عن نقاط ضعف الحالة الصحية غير المستقرة للاجئين. إذ أنّ معدل الوفيات أكثر من أربعة أضعاف المعدل الوطني. وتدفع المفوضية 85 بالمائة من تكاليف الرعاية الصحية الأولية للاجئين. ويأتي الدعم أيضًا من المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية والبنك الدولي وآخرين. أمّا مؤسسات الرعاية الصحية الثانوية والثالثية، فهي في الغالب مؤسسات خاصة ومكلفة للغاية بالنسبة لمعظم اللاجئين.

وعلى الرغم من صعوبة الحصول على الأرقام، تم تطعيم حوالي 1159 سوريًا (6701 كانوا مؤهلين وبلغ إجمالي التسجيلات 17891) اعتبارًا من 5 أبريل/ نيسان الجاري. فهناك قضايا خطيرة تتعلّق بالتسجيل والوصول إلى المعلومات، حيث يخشى اللاجئون الاعتقال والترحيل وما إلى ذلك.

لقد شق بالفعل عدد قليل من اللبنانيين والسوريين طريقهم إلى قبرص لتجنب فلول الأزمة مثل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط في 2015-2016؛ فيما يحتاج المجتمع الدولي – وخاصة الاتحاد الأوروبي – إلى التعجيل بإيجاد طريقة علاج تواجه حجم الأزمة. وتتطلب هذه المأساة الإنسانية الأليمة المتزايدة مساعدات مالية ومساعدات أخرى مناسبة لمنع انهيار كارثي في لبنان ونزوح يمكن أن يزيد من زعزعة استقرار أوروبا وخارجها.

وكشف التقرير عن ثلاثة شروط مسبقة تبدو ضرورية:

  1. زيادة الأموال وتقديمها مباشرة إلى اللاجئين والمجتمعات المضيفة ووكالات الأمم المتحدة الداعمة. وكشف التقرير أنّ لا أحد، ولا سيما اللبنانيين، يثق في العمليات والمؤسسات الحكومية. لذا ستكون هناك حاجة إلى آليات غير حكومية إلى حد كبير.
  2. توفير بيئة سالمة للاجئين، كتسهيل وصولهم إلى الخدمات، وفرص كسب العيش بما يتناسب مع مبالغ أكبر بكثير من الأموال الواردة.
  3. يعتبر التقرير أنّ اتفاقية 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، التي قدمت 6 مليارات يورو لتركيا على شريحتين، نموذجاً خاصةً عندما تكون واحدة جديدة قيد الإعداد. إلاّ أنّ هذه المرة يجب أن تسبق البرنامج وتستبق أزمة النزوح الضخمة بدلاً من أن تأتي بعدها. ومن المقرّر أن تستهدف اللاجئين والمستضعفين، بما يتناسب مع لبنان، وتدمج مساعدات التنمية على مراحل.

وبلفت التقرير إلى أنّه يتعيّن على أوروبا والعالم التحرّك، مشيرين إلى ضرورة التركيز على تهيئة الظروف لعودة اللاجئين وإعادة الإعمار لتفادي المزيد من تداعيات الازمة.

 

المصدر: www.brookings.edu

ترجمة: لطيفة الحسنية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى