بعد 9 اشهر… صوفيا تكتشف تداعيات إنفجار 4 آب على وحيدها
تخطت التداعيات النفسية لانفجار المرفأ الذي زرع الموت والدمار في بيروت وحصد أكثر من 200 ضحية والآف الجرحى وأضراراً مادية في المنازل والمؤسسات، من أصابهم بالمباشر وهي ما زالت تظهر تدريجياً. هذا ما إكتشفته مؤخراً صوفيا مع وحيدها شربل.
تستعيد صوفيا مع “أحوال” ذاك الثلاثاء المشؤوم وتقول: “أنا أعمل في منطقة المرفأ وزوجي في مستشفى الروم. ما إن وصلنا الى منزلنا في تلال عين سعادة حيث بناتنا الثلاث وابننا شربل حتى دوى بركان النيترات قبالتنا في بيروت وإنهمر زجاج الشقق المجاورة في المبنى. ككل اللبنانيين إنتابنا الغضب المجبول بالحزن خصوصاً أنه كان بالامكان ان نكون من بين الضحايا بحكم أماكن عملنا. ورأيت في وجوه أولادي وجهي زمن الحرب طفلة مصدومة مرعوبة وعشت للحظات ذعر اهلي علينا”.
ككثر من اللبنانيين، إعتبرت صوفيا انها نجت وعائلتها كونها خارج مدى الانفجار لتكتشف مؤخراً انه دخل الى عقر دارها. تضيف: “بعد ٤ آب لم يعد شربل (15 عاماً) يخرج من المنزل إلا برفقة شقيقته الصغرى (13 عاماً). لم ننتبه للأمر لأن كورونا في الاساس احتجزتنا معظم الوقت في بيتنا. لكن في الأيام الأخيرة وحين أعلن وزير التربية عن قرار العودة المدمجة الى المدارس، صدمت بردة فعل إبني الذي رفض الفكرة كلياً – وهو الذي تنتظره امتحانات الشهادة المتوسطة – وقال لي حرفياً: “ما بدي موت ببلدي بانفجار تاني بدي سافر وخليني موت برا”. ابني الذي لم يتضرّر جسدياً أو مادياً تضرّر نفسياً. أصبح يكره بلده الذي سرق منه الآمان”.
حينها تذكرت صوفيا أن أولادها الأربعة أصبحوا يخافون من صوت الرعد وأن شربل يوم كان برفقة العائلة متجهاً الى منزل الجدة في السوديكو عاتب والده لماذا اعتمد طريق مار مخايل كأنه يهرب من حقيقة الانفجار. لذا تحاورت مع ولدها واتفقا ان يتوجه الى عالم نفس ليساعده في الخروج من سجن 4 آب.
صوفيا، وبخطوة تعكس نضجاً لا خجلاً يدفعها الى إخفاء واقع إبنها خوفاً من نظرة بعض من في مجتمعنا من الذين لا يدركون بعد ان زيارة معالج نفسي أكثر من عادية في البلدان المتحضّرة، نشرت الواقعة على صفحتها عبر “فيسبوك” داعيةً الأهالي الى التنبه جيداً الى تصرفات أولادهم وحالتهم النفسية لأن بعضهم يكبت مشاعره واي خلل قد يظهر متأخراً. كما شددت على ان استشارة الاطباء النفسيين أو زيارتهم ليست عيباً معتبرة انه ربما إن تحدث المرء عن حالته قد يفيد غيره.
ومما دوّنته: “قديش صعبة على الأم لما الولد ابن ١٥ سنة عم بيفكر بالهجرة مع انو هيدا ذات الولد ومن سنتين كان رافض يترك البلد؟ قديش صعبة على الإنسان انو ما يحس بالأمان ببلدو؟
بالحرب كنا حاسين بالأمان ورفضنا نهاجر لانو كان عنا ايمان فيه. بزمن الحرب ما حدن جاع مع انو تهجرنا من ضيعنا بس ضلينا ببلدنا عايشين ومرفوعين الراس. بس هلق انسرق الإيمان والحلم منا وبزمن السلم. أمن صفر، اقتصاد صفر، تربية وتعليم صفر، ليرتنا صفر، سياحتنا صفر، معنوياتنا واملنا بهالبلد صفر، امل ولادنا صفر، حكامنا صفر مستمرين عالكراسي بس يروح البلد خدوها معكون خليا تنفعكون . قضاءنا صفر. كلو صفر بصفر اذا بدنا نثور بسكرولنا تمنا. يا بي الكل، يا نوابنا يللي انتخبناكن، يا وزراءنا عم تفكروا بهالجيل الشبابي؟!!
عم تفكروا بمستقبلون؟ عم تفكروا كيف توقفوا معون تا يرجع لبنان منارة العالم؟!! ولبنان سويسرا الشرق؟!! عم تعرفوا ولادنا شو عم يفكروا هلق؟ شو وجهات نظرون؟ مع كورونا حرقتوا سلافون.
عم تفكروا كيف تنمَّوا الاقتصاد وترجعوا قيمة الليرة تا راتب المواطن يكفيه وما يعودوا الولاد يموتوا الف موتة لما يستحلوا شي شغلة وما يقدر بيهم يجيبا؟ اذا كيلو الجنارك يللي هو من بلدنا سعرو ٣٧٥٠٠٠ ل.ل.!!! اكيد ما عم تفكروا لانو ولادكون عايشين بنعيم. وولادنا مش ولادكون. اذا فلوا ولادنا البلد كيف بدو يتعمر؟؟؟
يا ريت كل مسؤول يقول شو عمل لهالبلد بدون ما يطلّع بالتاني تا اقدر اقنع ابني يضل بهالبلد واعطي امل وثقة فيكون. بتحدكون اذا بيطلع حدن وبيحكي. انتو مين بدكون تحكموا؟؟؟ رح تحكموا بلد فاضي وتصيروا ملوك على مملكة فاضية. وعيشوا بالنعمة”.