مجتمع

كلوب هاوس بين الجيوش الإلكترونية والإدمان

يبدو أنّ شهر العسل الذي بدأ به تطبيق كلوب هاوس شارف على النهاية. فبعد أنَّ كان مساحة حوار لمختلف الأطياف بطريقة راقية، هجمت الجيوش الإلكترونية للأحزاب على التطبيق، وبدأ كلٌ منها بتجميع جماعته في غرفٍ خاصة، حتى بدأت عناوين الغرف تأخذ منحى هجومياً على الخصوم، هذا عدا عن أنَّ التطبيق أصبح إدماناً لدى البعض بطريقة لا تبدو صحيّة، فإلى أين يتجه تطبيق كلوب هاوس على صعيد لبنان؟

أبو خليل: تخوّف من الذباب الإلكتروني

رأى الصحافي والكاتب السياسي د. أسعد أبو خليل في حديثٍ لـ “أحوال” أنَّ التجربة في كلوب هاوس مختلفة عن تطبيقاتٍ أخرى، حيث أنّه يفتح مساحة للنقاش بعيدة عن “السوقية والبذاءة” التي تتسم بها مواقع التواصل الأخرى؛ معتبراً أنَّ غياب اللايك والصور ضرب مظاهر الاستعراض عند الناشطين، لافتاً إلى أنَّ النقاش بالصوت يعطي نبرة للمستخدم، ما يضفي مساحة أكثر إنسانية وأكثر تحبباً مقارنةً بالنقاشات الكتابية على مواقع أخرى.

ولفت أبو خليل إلى أنّ جماهير الأحزاب بدأت بإنشاء غرفها الخاصة، ولكن التخوّف الأكبر هو من الذباب الإلكتروني لبعض الأنظمة العربية، التي تخاف النقاشات المعارضة لسياساتها، بل هي شديدة الذعر من هذه النقاشات، مؤكداً أنَّ أجمل الغرف التي استمع إليها هي غرفة عقدها مثقفون وطلاب خليجيون يناقشون فيها معارضة التطبيع ويؤكدون معاداة الصهيونية.

أما عن النشاط الكثيف على كلوب هاوس، فشبّه أبو خليل التطبيق بالراديو، حيث يستطيع المستخدم متابعة أعماله ويستمع بنفس الوقت إلى النقاشات الدائرة، ويعطي مثالا عن تجربته حيث يكتب مقالاً ويستمع إلى النقاشات على التطبيق بالخلفية، وهذا غير متوفرٍ في التطبيقات الأخرى التي تتطلب الإنكباب عليها بالجهد والتركيز.

غدي فرنسيس: جيوش الأحزاب والتكتلات

رأت الصحافية غدي فرنسيس أنَّ جيوش الأحزاب الإلكترونية بدأت بإنشاء تكتلاتها الخاصة على كلوب هاوس، ولكنها لن تستطيع أن تغّير بالمعادلة، إلا إذا استعملت أساليباً ذكية للاستقطاب؛ أما أن تعود إلى نغمة الهجومات الإلكترونية ومحاولات قمع الرأي الأخر، فهي ستفشل حتماً، وكل ما تستطيع فعله هو فتح غرف هجومية خاصة بها لن يستمع إليها أحد، لذلك الأفضل للأحزاب هو استخدام الموقع للتشبيك بدلاً عن التقوقع.

 

أمّا عن النشاط الكثيف للناشطين على التطبيق، فاعتبرت فرنسيس في حديث لـ “أحوال” أنَّ الناس لم تكن بعيدة أصلاً عن الإدمان على الهاتف، ولذلك لا تتخوّف من الإدمان على كلوب هاوس، هو فقط سيأخذ وقتاً من تطبيقات أخرى، لافتة إلى أنَّ الناشطين ينكبون على التطبيق بسبب المساحة التي يفتحها للنقاش والحوار، حيث يعتبر الناشط أنّه أكثر تأثيراً وقدرةً على التغيير بالتفاعل المباشر عبر السؤال والجواب، وأضافت،  كلوب هاوس يلغي الأحكام والتأطيرات والأحكام المسبقة التي كان يضعها الجمهور بالمواقع الأخرى، حيث يستطيع المستخدم إيصال الفكرة بوضوح وشفافية. ورأت الإعلامية أنَّ للتطبيق مستقبلٌ باهر، حيث ستنشأ نوادٍ وائتلافات اجتماعية معيّنة للنقاش، قد تصبح منتظرة أسبوعياً تحديداً بعد العودة الطبيعية إلى العمل بعد أزمة كورونا.

 

علم النفس يتخوّف من الإدمان على كلوب هاوس

اعتبرت المعالجة النفسية حنان نصر أننا وصلنا لمرحلة الإدمان على تطبيق كلوب هاوس، حيث نرى العديد من الناشطين يقضون 24 ساعة تقريباً على التطبيق، والمشكلة الأبرز، بحسب ما أوضحت لموقعنا أنَّ التطبيق لا يخضع إلى وقت محدد، حيث تنتشر الغرف على مدار اليوم، حتى أنّ العديد من الغرف لا فائدة منها؛ إنما ترى النشاط عليها بسبب الإدمان، هذا عدا عن غرف المشاكل التي يتواجه بها جماهير الأطراف السياسية المتقاتلة؛ ولكن لا تنكر نصر أنَّ للتطبيق إيجابيات كبيرة، إذ أنّه أعطى مساحة تعبير للعديد من الناس الإنطوائيين عادةً، الذين وجدوا مساحة في هذا التطبيق لم يسمح لهم بها مجتمعهم أو حتى لم يعرف بانطوائيتهم؛ ومن إيجابيته أيضاً التعرّف على مختلف أنواع البشر ومنهم أخصائيين بمجالاتهم يستطيعون تقديم النصيحة للأخرين؛ حتى يُلاحظ أنَّ العديد من الناشطين يتكلمون عن مشاكلهم فيه، وأخرين أصبحو مثل العائلة يسألون عن بعضهم بعضاً كل يوم، ولكن تحذّر نصر من نشاط غير الناضجين أو المراهقين على التطبيق، الذين يجب مراقبتهم دائما على مواقع التواصل كي لا يقعوا ضحية أفكار أو أشخاص تؤثر بهم، وتثير الصراع النفسي في وعيهم، لذلك تشدد نصر على الدور التوعوي للأخصائيين والأهل.

 

تقول أسطورة الملك الإغريقي ميداس إنّه كان يحوّل كل ما يلمس إلى ذهب، يبدو أنَّ أسطورة اللبنانيين ستكون أننا نحوّل كل ما نلمس إلى خلاف. فالتطبيق الذي بدأ كمساحة راقية للحوار أصبح مرتعاً للمشاكل والانقسامات اللبنانية. وربما يتحتّم على الناشطين الاختيار إما أن يسمحوا لأنفسهم بالتشبيك مع الأخرين وإيجاد نقاطٍ مشتركة وأفكارٍ جديدة، أو يبقون على تقوقعهم على أرائهم غير القابلة للتغيير، مع التمني طبعاً أن لا يُحظر التطبيق في بعض الدول العربية بسبب مساحة حرية التعبير المقيّدة فيها.

محمد شمس الدين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى