منوعات

هكذا كادت “الحرب الطائفية” تشتعل من مغدوشة

الضاحية تعاني بين تحرّكات محقّة وفوضى مقصودة

هناك رأي يقول بأنّ “الثورة بلا البيئة الشيعية ليست ثورة”، وهذا الرأي قد يكون صحيحاً من باب أن الشيعة يمثّلون ثلث الشعب اللبناني تقريباً، أو ربّما لأنهم بنظر أصحاب هذا الرأي يمثّلون “قوّة” قادرة على قلب الموازين. استشعر هؤلاء في الأيام الماضية تبدّلاً في المزاج الشيعي، ولكن التدقيق فيما حصل في الضاحية الجنوبية تحديداً، يُوجب إعادة النظر بشكل أفضل.
الضاحية هي المعيار، ففي الجنوب مثلاً وبصور والنبطية على وجه التحديد، تحرّك الحزب الشيوعي منذ تشرين الأول عام 2019، فكان له نقطة اعتصام دائمة على دوار كفررمان، وكان له جولات على الكورنيش البحري في صور، وفي الأحداث الأخيرة كان له بعض التحركات الخجولة، ولكن اللافت كان ما حصل في الضاحية الجنوبية، والخطر كان فيما حصل في مغدوشة الجنوبية.

غابت الدولة .. إلعب يا “فار”

بالنسبة إلى الفريق الشيعي، تُشير مصادره إلى أن الأحداث الأخيرة في الضاحية تؤكد كل التحذيرات التي سبق أن وجهها هذا الفريق إلى الأجهزة الأمنية، فالقلق لم يكن يوماً من تظاهرات واعتصامات محقّة، إنما من إضمحلال النظام والدولة، واستغلال “الزعران” لذلك.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “ما يجري في الضاحية يمكن تفصيله على الشكل التالي، إذ أن البعض وهم قلّة قليلة يحتجون بسبب سوء الأوضاع، والبقية يحاولون الإستفادة من الفوضى، وربّما الصورة الأوضح لهذا الإستغلال هي ما حصل على إحدى محطات الوقود، حيث عمد شبان على دراجات نارية إلى استغلال الوضع العام وسرقة البنزين لدراجاتهم، وما حصل أمس على دوار الكفاءات من تخريب وتدمير”.
وإذ تؤكد المصادر أن حزب الله وحركة أمل، وعلى عكس كل الشائعات التي انتشرت ليل السبت، لا علاقة لهما أو لمناصريهما بما حصل على دوار الكفاءات، تشدد على أن القيادتين تواصلتا مع الاجهزة الأمنية المعنية للعب الدور المطلوب منها في حماية الناس والممتلكات العامة والخاصة، كاشفة عن وجود قرار أمني سيدخل حيّز التنفيذ اليوم، بمنع أي تجمعات مشبوهة في الضاحية، هدفها التخريب والسرقة والفوضى، والتمييز بين من يتحرك لإيصال رسالة مطلبية، وبين من يتحرك لنشر الفوضى والإستفادة منها.

المشهد المشبوه

تؤكد المصادر أن هناك من يدفع الشارع إلى الفوضى، إذ لا يمكن أن يكون من باب الصدفة، نشر مقطع فيديو قديم يتحدث عن 7 أيار، بالتزامن مع نشر فيديو يتحدث عن حرق أعلام القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية في عين الرمانة، مشيرة إلى أن ما يختلف اليوم عن زمن “حراك 17 تشرين”، هو أن الدعوات للتظاهر في السابق كانت تحظى برعاية وكان القيّم عليها معروفاً، بينما اليوم تنتشر الدعوات للغضب دون وجود هوية واضحة لمن يقف خلفها.
وتكشف المصادر أن القلق من الفوضى لم يعد خيالاً، ففي منطقة “سينيق” بالجنوب أمس، تم شتم البطريرك الراعي في أحد التحركات، الامر الذي أزعج أهالي مغدوشة، وجعلهم ينتقمون للبطريرك عبر الإعتداء على سيارة فيها شابين، من بلدة حومين التحتا، مشيرة إلى أن هذه الحادثة كادت تؤدي إلى فتنة كبيرة، بعد رغبة أهالي قرى مجاورة التدخل، ورد الإعتبار للشابين، مشددة على أنه ولو لم تتدخّل الأحزاب والعقلاء، لكنا شهدنا انطلاقة الحرب الطائفية من الجنوب.

الفرق بين المطالب المحقة والفوضى.. شعرة

بكل تأكيد لم يعد خطاب الأحزاب التقليدي ينفع لثني الناس عن التحرك، فكيف يمكن إقناع أبناء منطقة الخندق الغميق مثلاً أن لا يعترضوا والكهرباء في منازلهم تزورهم لساعة أو ساعتين، وهذا ما تدركه قيادتا حزب الله وحركة أمل، وبالتالي لن تكون مهمة ضبط التحركات سهلة، خصوصاً بظل عدم وجود قرار حزبي بقمع التحركات، بل فقط الطلب من الأجهزة الأمنية رعاية التحركات لحماية المطلبية منها وقمع الفوضوية منها.
وفي هذا السياق تكشف مصادر أمنية عبر “أحوال” أن الأجهزة رصدت اكثر من عملية سرقة وتشليح واعتداء في التحركات التي حصلت نهاية الأسبوع، وهذه العمليات لم تكن محصورة بمكان واحد، ففي الحمرا، والرينغ، والناعمة، والضاحية، حصلت عمليات كهذه، وبالتالي لا يمكن القول أن التحركات كلها مطلبية، وبكل تأكيد لا يمكن القول أنها كلها فوضوية، وهذا ما يجعل العمل الأمني أصعب.
وتؤكد المصادر الأمنية ان قرار الجيش اللبناني لا يزال نفسه، وهو حماية المتظاهرين وحقهم بالتظاهر والإعتراض، وحماية الناس والممتلكات العامة والخاصة، وما ينطبق على كل المناطق ينطبق على الضاحية الجنوبية.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى