رامز زهر الدين في كتاب “الأرض…. عناية ووقاية”: دليل الزراعة السهلة
في كتابه السلس “الأرض… عناية ووقاية” يمزج المهندس الزراعي رامز زهر الدين بين لغة أدبية ذات نفحة روحانية وبين المادة العلمية الجافة، ويقدّم معلوماته الصحيحة بقالب بسيط يفهمه المبتدئ والمتخصص.
نحو 120 صفحة من المقالات المتخصصة بالزراعة وطرق العناية بمختلف أصنافها وكيف تتعرض للأمراض وسبل الوقاية منها. ويلتقي عمل الكاتب العلمي الزراعي مع الروحية التي لطالما استخدمها المزارعون تاريخيًا في إنتاج الثمار. كذلك يبوّب الكاتب مقالاته بمنهجية جميلة من خلال تقديم كل نوع من الزراعة وفائدته الصحية وكيفية تناوله على الطاولة ومن ثم طرق زراعته وأنواع الأمراض والمشاكل التي تصيبه.
ويقسّم النصوص إلى 27 عنوانًا يبدأها بتعريفٍ عام للزراعة وطرقها وارتباط الإنسان بأرضه والارتباط الروحي والنفسي وما تقدّمه الأرض من خيرات إلى التغيرات المناخية وتأثيرها على أنواع الزراعات وطرق معالجة هذا الأمر ثم يفصل في عناوين متعدّدة أنواع المزروعات وطرق العناية بها والأمراض التي تصيبها، التقليم، الري، الأمراض والحشرات التي تصيبها، طرق القطف الفضلى وأوقاتها. وهو لا يتورّع عن الدخول في تفصيل زراعة النباتات الشهرية والفصليّة والأشجار المعمرة مثل الحمضيات والفواكه والزيتون والجوز والعنب والعناب والورود بلغة بسيطة وسهلة يمكن لأيٍ كان الاطلاع عليها وفهمها.
لا يخفي المهندس – الكاتب مرارته من تاريخية الإهمال المتعمد للزراعة اللّبنانية عبر الحكومات المتعاقبة وأسس النظام اللّبناني القائم على فكرة التجارة والاستيراد فقط دون الاهتمام بالإنتاج الوطني ويرد بكتابه على ذلك بالتأكيد على ضرورة الاهتمام بالحديقة المنزلية والحقل لما ستؤمنه من اكتفاءٍ ذاتي كفيل بوقاية العائلات شرّ الجوع والحاجة ويؤمن مادة نظيفة خالية من التلوث كمصدر غذائي سليم.
في هذا الكتاب لا يتوقف رامز زهر الدين عند حدود الشكوى فقط بل هو يقدّم المعلومة وطرق المساعدة لفئة ما زالت مهمشة في مجتمع لبناني أضحى ينظر بدونية للمزارع والزراعة ويحتقر الاهتمام بها على حساب مصادر دخل أخرى ليكتشف اليوم عند لحظة الانهيار أنّ الزراعة هي الأبقى والأهم والأضمن لحياة الناس وصمودهم في أرضهم.
أمّا من ناحية السلبيات التي يمكن أن يُنتنقد به الكتاب والكاتب هو تركيزه بشكلٍ مكثف على المعالجات بالأدوية الكيميائية فقط وتغييبه إلى حدٍّ كبير طرق قديمة وبدائية في العلاج ولكنّها أثبتت فعاليتها في الوقاية والعلاج، وهذا الأمر مفهومًا كونه من مدرسة النصف الثاني من القرن العشرين التي اعتمدت التكثيف في الزراعة وتكثيف العلاجات بالأدوية الصناعية ولم تتنبه لمخاطرها الصحيّة إلّا بشكلٍ متأخر، وهو لا يؤمن بالعلاجات غير تلك المرتبطة بالأدوية ويبرّر ذلك بأن “الإنتاج غير قادر على الانتظار والتجارب والبطء، نحن بحاجة للعلاجات السريعة والفعّالة”. ورغم أنّ الكاتب مطلع على كل تفاصيل الزراعات البديلة ويقدّم مثلًا نظرية عدم الحراثة للأشجار المثمرة وعلى رأسها الزيتون كفكرة مفيدة وناجحة لصحة الإنتاج.
لكن وباختصار شديد لا يمكن إلّا الثناء على مجهود رجل جمع بين الهندسة الزراعية وجفاف المصطلحات العلمية مع لغة روائية سلسة تقرّب القارئ من فكرة الزراعة وأهميتها.
الكتاب من 120 صفحة، من طباعة وانتاج “الديمقراطية للنشر” والإخراج الفني الأنيق بتوقيع علي كمال الدين.
عامر ملاعب