مجتمع

لقاح فايزر – بيونتيك بفوائده وأضراره… هل يتشجّع اللبنانيون على أخذه؟

بعد بريطانيا وكندا، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية ترخيصاً للاستخدام الطارئ للقاح شركتي فايزر وبيونتيك المضاد لفيروس كورونا، وهو ما أطلق حملة التطعيم في أميركا. وبعد فايزر – بيونتيك، حصل لقاح شركة مودرنا أيضاً على ترخيص الاستخدام الطارئ ليُستخدم في إطار حملة التطعيم الضخمة.

الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، السعودية، الإمارات، البحرين، المكسيك، والكويت من أوائل الدول التي أعطت الضوء الأخضر لاستخدام اللقاح، فهل أصابت بذلك؟ ما الذي نعرفه عن اللقاح حتى اليوم؟ وهل هو آمن؟ 

 

ما هو لقاح فايزر – بيونتيك؟ وكيف يعمل؟

يشير الاختصاصي في علم المناعة والباحث في مركز الأبحاث التابع للمركز العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية الدكتور حسان سعيّد أن لقاح فايزر – بيونتيك (Pfizer-BioNTech) هو لقاحٌ مشتركٌ بين الشركتين الأميركية والألمانية يعتمد تقنيةً جديدةً تختلف كلّياً عن طرق تطوير كل اللقاحات السّابقة التي تعتمد تقنية إدخال جزءٍ من البروتين المتواجد على سطح خلية الفيروس كي يتعرّف عليه الجهاز المناعيّ ويشكّل ذاكرةً مناعيّةً تسمح له بالتّصدي سريعاً للفيروس عندما يدخل الجسم بالشكل الحيّ، كما يمكن اعتماد الفيروس بعد إيقاف حركته عوضاً عن البروتين.

ويضيف د. سعيّد أن هذه النّماذج التقليدية تُعتمد في صنع كل اللقاحات التي تم التوصّل إليها حتّى اليوم، ومنها اللقاحان الروسي والصيني. بينما لقاح فايزر – بيونتيك يعتمد في تركيبته على mRNA مرسال الحمض النووي الريبي. فعندما يُحقن الحمض النووي في الجسم يعطي البروتين الذي يتواجد على سطح الفيروس، ولكن على سطح الخلايا الطبيعية في الجسم، لذا ينتج جهاز المناعة المضادات ويشكّل ذاكرة مناعية خاصة بالفيروس، فيقدر على التّصدي له فور دخول الفيروس الحيّ إلى الجسم.

 

لماذا يعطى اللقاح على مرحلتين؟

بات معروفاً أن لقاح فايزر – بيونتيك يُعطى على جرعتين، وذلك وفق ما يشرح د. سعيّد بهدف إعطاء الجهاز المناعي أكثر من فرصةٍ ليتعرّف على كيفيّة مواجهة هذا الفيروس في المستقبل وينتجَ المزيد من الأجسام المضادة ويكتسب القدرة على انتاج خلايا الذاكرة المناعية، مضيفاً أنّه يجب أن تفصل فترة زمنية بين الجرعة الأولى وجرعة التّعرض الإضافي الثانية لإعادة تذكير جهاز المناعة بما تعرّض له سابقاً.

وفي هذا الإطار، يشير سعيّد إلى أن شركة Johnson & Johnson الأميركية تستعد لبدء المراحل الأخيرة من تجارب لقاحها المضاد لفيروس كورونا الذي يتميّز بأن متلقيه لا يحتاج سوى لجرعةٍ واحدةٍ، وهو ما لم تحققه أي شركة أميركية بما فيها فايزر التي حاولت ذلك أيضاً.

 

فاعلية اللقاح ودوره في مواجهة الوباء

حتى الآن، لا يمكن أن نحدد مدى فاعلية لقاح فايزر – بيونتك وما إذا كان يمنح المتلقّين الحصانة أو يعطي حمايةً للمجتمع بكل فئاته، وفق ما يؤكد د. سعيّد، فالبيانات التي أعطتها فايزر – بيونتيك إيجابية، ولكنّها لا تزال أولية وتحتاج المزيد من الوقت للحكم ما إذا كان اللقاح قد حقق الهدف منه، إذ توجد عقباتٌ كثيرةٌ تطرح معها أسئلة عديدة، منها: ما هي الفترة الزمنية التي تستمر خلالها الحماية التي يوفّرها اللقاح للمتلقي؟ هل ينجح اللقاح في تحصين مختلف الفئات، ولا سيما الأطفال وكبار السّن والنّساء الحوامل، وهو ما لم تقدّم الشركتان أي معلومات حوله؟ هل تمّت تجربة اللقاح على مختلف المجموعات العرقيّة؟ 

ومن الأسئلة المهمّة أيضاً: هل يمكن للشخص الذي تلّقى اللقاح أن ينقل الفيروس لغيره في حال أصيب به؟ وكم من الوقت يبقى حاملاً للفيروس حتّى يتمكّن من القضاء عليه؟ وهو ما لا يمكن لأي مجلّة علمية أن تجيب عنه حتّى الآن.

وعن دوره في مواجهة الوباء، يؤكّد سعيّد أن اللّقاح هو الحلّ الوحيد والأساس في وقف انتشار فيروس كورونا المستجدّ، وإلّا فالحل سيكون بإصابة كل أفراد المجتمع وهو ما يعرف بمناعة القطيع، وبذلك نحصل على الحماية المجتمعية كاملةً، ولكن من خلال اللقاح يتم تعريض الجميع للفيروس بشكل مخفف يمكن للجسد احتماله والتّصدي له في حال أصيب لاحقاً، شرط أن يكون اللقاح آمناً وفعّالاً.

 

هل لَقاح فايزر – بيونتيك آمن؟

يلفت د. سعيّد إلى أن تجربة اللقاح على مختلف الفئات هو ما يحدّد ما إذا كان اللقاح آمناً أم لا. فاللقاح يمر بثلاث مراحل قبل اعتماده، والمشكلة الحالية في كلّ اللّقاحات، ومنها فايزر – بيونتيك، أنّها لم تأخذ الوقت الكافي لإتمام المرحلة الثالثة بهدف تحديد الآثار الجانبية التي تظهر على المدى الطويل.

سابقاً حاول الباحثون في شركة موديرنا إنتاج لقاح لفيروس الانفلونزا من خلال مرسال الحمض النووي، وكانت المدّة المتوقّعة للعمل عليه ثلاث سنوات، إلّا أنّهم عدلوا عن هذه الفكرة. لذا يجوز أن نسأل كيف تمكّن العلماء من انتاج لقاح ضد فيروس كورونا باستخدام هذه التقنية خلال ثلاثة أشهرٍ فقط وبمواصفات آمنة؟!

ومن العقبات أيضاً التي يواجهها إدخال مرسال الحمض النووي بهدف إنتاج البروتين، إمكانية أن تقوم الخلايا بتفتيته والتخلّص منه. وفي حال حدث هذا مع اللقاح المستخدم حالياً، فإن ثبات فاعلية الحمض النووي غير مضمونة وبناء الذاكرة المناعية لن يحصل في كافة الأجساد التي تعرّضت للقاح، وبالتّالي لن يتم تحصيل النتائج المرجوّة.

 

تَسَبُّب اللّقاح بردّ فعلٍ تحسّسيّ

يشير د. سعيد إلى أن دراسةً أجراها البروفيسور ستيفن إيفانز أستاذ علوم وبائيات الدواء في كلية لندن للصحة على مجموعة من الأشخاص الذين تلقّوا اللقاح خلال المرحلة الثالثة من تطوير اللقاح، أظهرت أن هناك احتمالاً أن يتسبب اللقاح بردّ فعلٍ تحسّسي، وهو ما ظهر فعلاً على عدد محدود من الأفراد الذين تلقّوا اللقاح، والسبب في هذه الأعراض التحسّسية هو المواد الكيميائية التي تُدخل مع اللقاح بهدف تثبيته. 

 

هل سيكون اللّقاح فعّالاً في إيقاف انتشار الفيروس في لبنان تحديداً؟

بالإجابة عن هذا السّؤال، يلفت سعيّد إلى أن سويسرا مثلاً أجّلت حملة إعطاء اللقاح لثلاثة أشهرٍ حتى يتم رصد آثاره في الدول التي باشرت بإعطائه لمواطنيها. لذا، من الأفضل أن ننتظر نحن في لبنان نتيجة اللقاح في الدّول التي أعطت موافقةً سريعةً على استخدامه، علماً أن فترة ثلاثة أشهرٍ هي مدةٌ قصيرةٌ لمعرفة نتيجة لقاح يستخدم هذه التقنية الحديثة.

فالأهم أن ننتظر اللقاح الآمن، ولكن للأسف كلّ اللّقاحات التي تعتمد مختلف المسارات لا معلومات واضحة مؤكّدة عنها، ولا دراسات كاملة حولها، بما فيها سبوتنيك الروسي وسينوفاك الصيني ومودرنا الأميركي وحتّى فايزر – بيونتيك. فتسريع الخطوات والاستحصال على ترخيص طارئ، يثير مخاوف من ألا يكون تطوير اللقاح قد استغرق الوقت الكافي ليعطي نتائج آمنة ومضمونة. 

ولا بدّ من الإشارة إلى أن كمية اللقاحات التي تُنتج غير كافية، فالولايات المتحدة أوقفت تصدير اللقاح إلى الخارج، لأن الكميات الموجودة لا تكفي لمجتمعها. وعندما يصل اللقاح إلى لبنان، لن يكون كافياً لأكثر من ٢٠٪ من الشعب اللبناني، وتحديداً للفئات الأكثر عرضةً من فريقٍ طبيٍّ وكبار السن وحالات مرضية محدّدة، وهو ما لا يكفي لتأمين الحماية المجتمعية، لذا يجب أن يستمر الالتزام بالإجراءات الوقائيّة كافّةً ريثما يحقق اللقاح الهدف المنشود ويحصّن المجتمع اللبناني، وهو ما لن يحصل قبل ثمانية أشهر على الأقل.

 

آلاء ترشيشي

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى