منوعات
أخر الأخبار

هل يرهن لبنان الذهب لمعالجة أزماته؟

لا يزال احتياطي الذهب في لبنان حتى اليوم ملاذًا آمنًا أمام تصاعد الأزمة النقدية التي تشهدها البلاد منذ عامٍ ونيّف، في حين يطرح أكثر من خبير اقتصادي خيار بيع أو رهن جزء من هذ الاحتياطي لتمكين الدولة اللبنانية أكثر على مواجهة التحديّات. في هذا الإطار تساءل النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري لماذا لا يلجأ لبنان إلى رهن الذهب للتعويض عن المتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت؟

 

 رهن الذهب طُرح فعلاً داخل مصرف لبنان

ما طرحه بعاصيري لم يكن يتيمًا، اذ تشير أجواء من داخل المصرف المركزي أنّ خيار رهن أو بيع قسم من الذهب تم درسه بالفعل في الأشهر الأولى من العام 2020، إلّا أن قرارًا سياديًا لبنانيًا يحول حتى الساعة دون اتخاذ الدولة اللبنانية لإجراءات فعلية تعكس جدّيتها في البيع أو الرهن.

وبحسب القوانين اللبنانية، فإنّ ملكية الذهب اللبناني في الاحتياطي المركزي تعود مباشرة إلى المصرف المركزي، وليس إلى الدولة اللبنانية، وإنّما تملك الدولة بموجب القانون رقم 42 وحدها خيار وقرار التصرّف فيه من خلال تشريع يخرج عن المجلس النيابي فقط لا غير. وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، فإنّ لبنان يملك بالفعل 286.8 طنًّا من الذهب في احتياطه، والذي يقدّر بحوالي 18 مليار دولار (ارتفع مؤخرًا نتيجة ارتفاع سعر الذهب عالميًا) هو واحد من أكبر الاحتياطات العالمية اذ يحلّ في المركز الـ20 عالميًا والثاني عربيًا بحسب التصنيفات الأخيرة. وبحسب المعلومات، فإنّ 60% من الاحتياطي تقريبًا موجودة في “فورت نوكس” في ولاية كنتاكي في الولايات المتّحدة الاميركية، فيما يُرجّح تواجد القسم المتبقّي منه في سويسرا.

ومع تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب هوّلت بعد المراجع الإقتصادية بإمكانية الحجز على احتياطي الذهب وكذلك على شركة طيران الشرق الأوسط في حال تخلّف لبنان عن تسديد سندات اليوروبوند، ليعود ويتبيّن أنّ ملكية المصرف للذهب والشركة مع امتلاك الدولة اللبنانية لقرار التصرّف بهما يقف حائلًا بوجه الحجز المفترض، الأمر الذي يعيد الحديث اليوم عن إمكانية التصرّف بقسم من الذهب لمعالجة الأزمة.

وفي حال اتخذت الدولة اللبنانية خيار بيع قسم من الذهب، وهو الأمر المستبعد اليوم، سيكون لبنان أمام تأمين مليار ونصف مليار دولار سنويًا من بيع 10% من الذهب، على أن يتم استثمارها لاحقًا في تأمين استمرار الدعم على الوقود والدواء والقمح، فيكون احتياطي الذهب هنا قد أدّى دوره في حماية الأمن الغذائي والاقتصادي للدولة.

 

رأي اقتصادي يستبعد بيع الذهب

فهل ستلجأ الدولة اللبنانية فعليًا إلى خطوة الرهن أو البيع (البيع يُعرف بعملية تسييل الذهب) للتعويض عن متضرري انفجار المرفأ أو حتى لإطالة أمد دعم السلع الأساسية؟

تكشف الصحافية والخبيرة الإقتصادية محاسن مرسل ل “أحوال” أنّ احتياطي العملة الأجنبية في مصرف لبنان ما زال مقبولًا، حيث لم يدخل لبنان بعد المرحلة التي تلزمه على رهن احتياطي الذهب، فاحتياطي العملات الأجنبية على الودائع هو 15% وهي نسبة مرتفعة مقارنة بعدد كبير من الدول، فيما يحق لحاكم مصرف لبنان تخفيضها نوعًا ما في حال أراد استمرار الدعم على السلع الأساسية لما بعد العام 2020. يتوقّف كل هذا على الشفافية ودقّة الأرقام الخارجة من مصرف لبنان، حيث تفتقد العديد من البيانات الخارجة عن المصرف إلى الدقّة المطلوبة بحسب أكثر من مرجع نقدي.

تسييل الذهب أو حتى رهنه مستبعد اليوم، فيما تعيد الأجواء المستندة على بيانات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة أنّ لبنان لم يدخل فعلًا في مرحلة رفع الدعم عن السلع الأساسية، ليساهم التهويل هنا بتعزيز فقدان الثقة أكثر فأكثر بالقطاع النقدي والمصرفي اللبناني.

ماهر الدنا

ماهر الدنا

صحافي لبناني. يحمل شهادة الاجازة في الإقتصاد. عمل في العديد من وسائل الاعلام المحلية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى