التوقعات بين العلم والدين… قدرات خارقة أو دجل أخلاقي؟
لا شكّ أن واقع الإعلام التقليدي المتصدّع مادياً، يحثّ أصحاب مؤسسات التلفزة على خوض مغامرة البرامج “النوسترودامية” (برامج التنجيم والتوقعات)، التي تستقطب نسبة مشاهدة خيالية في الدول العربية عامةً ولبنان خاصةً.
وبين الرافض والموالي لمشاهدة المنجمين وأصحاب التوقعات وتصديقهم أمثال ميشال حايك وليلى عبد اللطيف ومايك فغالي، يبقى السؤال الأساسي حول “ماهية هذه القوى” التي تُعطي صاحبها قدرة على استحضار صور من المستقبل وتوقع المجهول.
تحليل معطيات:
في هذا السياق، يقول خبير في علم الفلسفة لـ”أحوال” إن التوقع هو قدرة الشخص على ربط الأحداث والمعطيات ووضعها بين أيدي الآخرين بشكل ذكي مستخدماً كلمات منمّقة وعميقة تحمل الكثير من المعاني المبطنة، ولا شيء مرتبط بقدرات خارقة، بل ذكاء متقّد واستغلال للفرص.
الدين يرفض ويبرّر:
من الناحية الدينية، ترفض الأديان السماوية كل ما يُعتبر اعتداء على صلاحيات الله وقدرات الأنبياء.
في هذا الإطار، يوضح مدير المكتب الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو ابو كسم لـ”أحوال” أنّ معرفة المستقبل أمر غير موجود في العقيدة المسيحية، إذ إن الله هو الوحيد القادر على معرفة الأمور الأزلية والأبدية، لكنّه يعتبر أن بعض الأشخاص لديهم ذكاء كبير وقدرة ميّزهم الله فيها عن غيرهم تدعى الحاسة السادسة، قد تمكنهم من وضع إحتمالات لحوادث قد تحدث مستقبلياً وقد لا تحدث.
بدوره المفتي الجعفري أحمد طالب، استشهد في حديث لـ”أحوال” بآية قرآنية كريمة نفى فيها كلّ ما يؤكد، بحسب البعض، استطاعة الشخص التعامل مع عالم الأرواح والجن ليتمكن من معرفة ما يخبئه المستقبل، فالغيب لا يعلمه إلا الله، وختم قائلاً: “كذب المنجمون ولو صدقوا”.
علم النفس الكوني يؤمن بالقدرة على التوقع ويشرح:
انتشر علم جديد مرتبط بماورائيات الكون المادي، مستفيداً من علم الفيزياء الكم quantum physics، يعرف باسم “علم النفس الكوني”.
فيخبرنا علم فيزياء الكم عن كيفية التلاعب بالمادة التي هي ذرات مكثفة على نفسها من خلال فهم الأبعاد و كيف يمكن تغير مسار الذرات من خلال الأفكار والطاقة المنبثقة من هذه الأفكار بما يعني أنّنا اذا استطعنا فهم هذه المعادلة وتطبيقها يمكننا تخطّي خط الزمن و الوقت و يصبح كل شيئ يحدث في آنً واحد.
ويعطي الدكتور الخبير في علم النفس الكوني دانيال رزق لـ”أحوال” مثلاً يشرح فيه هذه المعادلة، ويقول: “إذا نظرنا لأي نجمة في السماء هناك احتمال جدا كبير أن الضوء الذي نراه الآن يكون قد انطفأ منذ أكثر من 120 مليون سنة ضوئية ممّا يعني أنّ الوقت على خط الزمن هو مجرد وهم أو معادلة نسبية بالنسبة لخط الزمن المحسوب.
وفي هذا العلم أيضاً الذي هو يعتبر العلم الجديد غير مكتشف كلياً بعد.
ويضيف أنه حين يتم الحديث عمّا هو خارج خط الزمن، يجب الاعتماد على العقل الباطني في التفسير لأنّه ينتمي إلى نفس البعد حيث لا وجود للوقت بعكس العقل الواعي الذي يعتمد على الوقت بشكل أساسي.
تجدر الإشارة إلى أنّ تقبّل هذه المبادئ أو رفضها يعود لحكم العقل والمنطق، البعض يعتبر التوقعات ترجمة لذكاء الشخص، والبعض يعتبرها هبة من الله، والبعض يعتبرها علم بحد ذاته ويمكن دراسته وتطويره.
جويل غسطين