مجتمع

خفايا فضيحة الطحين: الدولة طلبت من العراق طحن القمح وإفراغه على نفقته في المرفأ

المساعدة العراقيّة مرميّة في المدينة الرياضيّة... ودعوى من خليل على نعمة

يتنافس المسؤولون في لبنان حول سبل التّنكيل باللبنانيين، حيث تثبت الأحداث المتسارعة أنّ الإهمال والفساد باتا عرفاً لازماً لتسلّم
سدّة المسؤولية، في هذا البلد المتهالك.
لم ينجح إنفجار المرفأ على بشاعة ما خلّف، في إحداث خرق يعوّل عليه كلبنة يُرتكز عليها للإنطلاق الى حلم الدولة “بعيدة المنال”، حيث تستكمل المنظومة الحاكمة، فصول إنهيار الدولة، في وقت بات اللبنانيّون يتلقّفون بحسرة وعجز إرهاصات الأداء الإداري العقيم.
من المدينة الرياضيّة، فاحت رائحة الكارثة الجديدة هذه المرّة، “آلاف الأطنان من القمح المرسل من العراق كمساعدة الى اللبنانيين، مخزّن بطريقة لا تراعي المعايير وشروط السلامة الغذائية، ما يجعل هذه المساعدات عرضة للتلف والفساد، وبالتّالي حرمان اللبنانيين منها.
وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمة، الذي لم يحرّك ساكنا حيال تلاعب بعض التّجار بالأسعار، وحيال عمليّات الإحتكار غير المشروع التي أدّت إلى زيادة الإرتفاع الجنوني في أسعار السلع، إرتأى أنّ طريقة التّوضيب هذه، هي أفضل سبيل للإستفادة من هذه المساعدات، لتوزيعها على الأفران لاحقاً، بهدف الحفاظ على سعر الرغيف وزيادة وزن ربطة الخبز.
لكن لماذا لم يوزّع القمح حتى تاريخه؟
المصادر العراقيّة المتابعة لملف مساعدات القمح كشفت لـ”أحوال” أنّه تم ّ إرسال كمساعدة الى لبنان سبعة آلاف طنّ من القمح، فطلبت الدولة اللبنانيّة من العراق أن يتكفّل بعمليّه طحنه، وتمّت الاستجابة للمطلب اللبناني، على أن تتكفّل وزارة الإقتصاد بتوزيع الطحين على مختلف المناطق والقرى اللبنانيّة، إلا أنّ المفارقة أن نعمة طلب من القائم بالأعمال العراقي تفريغ الحمولة في المرفأ على نفقة الدولة العراقيّة”.
ولفت المصدر الى أن “المفوّضين العراقيين تابعوا بإهتمام موضوع القمح المرسل الذي يكفي جميع اللبنانيين لشهرين متتاليين، وعندما توجّهوا بالسؤال الى الوزير نعمة عن سبب التأخر الحاصل في توزيع الطحين، كان التّعليل بأنّ “سعر القمح لا زال مرتفعا”، وهو ما يفسّر على أنه جزء من إستراتيجيّة نعمة لتوزيعه على الأفران للحفاظ على سعر ربطة الخبز”.
كما أشارت المصادر الى أن “تأخّر عمليّة التوزيع مرتبطة بالخلاف حول الجهة التي ستتكفّل بعمليّة توزيع القمح، وعدم الإتّفاق على الآليّة”.

دعوى من خليل على نعمة
بحسب المعلومات المتوافرة سيتقدّم رئيس بلدية الغبيري معن خليل بشكوى الى النيابة العامة التمييزيّة ضدّ وزير الاقتصاد راوول نعمة على خلفيّة التخزين السيّء لآلاف الأطنان من الطحين من المساعدات المرسلة من دولة العراق الى لبنان، بعد أن وثّقت
شرطة بلديّة الغبيري بالصور والفيديو التخزين السيء للقمح، وتحميل خليل نعمة مسؤوليّة تلف الطحين، واصفا إيّاه بالوزير الفاشل.
وفي أول تعليق غرّد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة :
” تمّ تخزين حوالي ٧٠٠٠ طن من الطحين في المدينة الرياضية بشكل مؤقّت وبسعي من الجيش اللبناني، وذلك لتوزيعه على مراحل على الأفران والمطاحن ليستفيد اللبنانيين من الهبة عبر زيادة وزن ربطة الخبز، مع أخذ كافّة التدابير الوقائيّة الممكنة للحفاظ على الطحين”.
وأوضح في تغريدة ثانية أنّ “الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تظهر مواد تعرضت للتلف اثناء عملية تفريغ ونقل البضائع”.
وفي السيّاق أوضح مدير عام المنشآت الرياضية رياض الشيخة في بيان حول الطحين الموجود في منشآت المدينة الرياضية بأن “الطحين مخزّن لصالح وزارة الاقتصاد بناء لطلبها لمدة خمسة عشر يوما لا غير الى حين توزيعه”، قائلاً “ليس لنا أيّ علاقة بهذا الموضوع”.
خلاصة الأمر، هناك مخالفة واضحة لقرار وزير الصحة رقم 1317/1 حول تخزين الحبوب النجيليّة والبقوليّات والطحين، فهل سنكون أمام محاسبة جديّة، للمسؤولين عن سوء التخزين، أم أنّ هذا الملّف، سيكون مصيره مصير باقي الملفّات العالقة في خزائن الإهمال، وغياب المحاسبة”.

إبراهيم درويش

إبراهيم درويش

صحافي وكاتب لبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى