لماذا لم تنخفض أسعار السلع والخضار رغم تراجع الدولار؟
في بلد العجائب، يمكن لأي شيء أن يحدث عكس المنطق، ولا أحد يسأل أو يحرك ساكنًا. فمنذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، تراجع سعر صرف الدولار من 8200 ليرة لبنانية إلى حدود الـ 7 آلاف ليرة في السوق السوادء، إلا أن هذا التراجع لم ينعكس على أسعار السلع الاستهلاكية غير المدعومة، ولا حتّى على أسعار الفواكه والخضار التي باتت تُسجل أرقاماً قياسية.
فلماذا ترتفع الأسعار عند ارتفاع سعر صرف الدولار، في حين أنها تُحافظ على ارتفاعها رغم تراجعه؟ وهل يُعتبر سعر صرف الدولار المحرّك الرئيسي والوحيد للأسعار في لبنان؟
رئيس تجمّع مزارعي وفلّاحي البقاع، ابراهيم ترشيشي، قال في حديث لـ”أحوال” إن “أسعار المنتوجات الزراعية لا ترتبط بسعر صرف الدولار بشكل يومي، لكنها قد تتأثر بتغييره بعد شهر أو أكثر”، مفسّرًا ذلك بأن “المزارع مضطر لحصاد منتوجه بشكل يومي من أجل الحفاظ على جودته وإرساله الى الأسواق، بصرف النظر عن سعر الدولار، خصوصًا أن المحرك الأساسي للسعر هو العرض والطلب، لذا فإذا كانت الكميات المعروضة من منتج معيّن كبيرة، فمن الطبيعي أن ينخفض سعرها، والعكس صحيح”.
في السياق، لا ينكر ترشيشي تأثير سعر صرف الدولار على أسعار المنتوجات، إذ يقول إن “50 الى 70% من كلفة إنتاج المنتج الزراعي تكون بالدولار، ولكن يبقى العرض والطلب هو المحرك الأساسي للسعر”، كما يعطي مثالاً على ذلك بأن “في آذار الماضي، كان سعر كيلو البطاطا 1500 ليرة لبنانية وكان سعر صرف الدولار يساوي 3500 ل.ل. في السوق السوداء، في حين أنه في تموز وصل الدولار الى عتبة الـ5 آلاف ليرة، وكان سعر كيلو البطاطا 800 ليرة لبنانية”. أما السبب في ذلك، بحسب ترشيشي، فيعود إلى أن “ذروة انتاج البطاطا تكون في شهر تموز وبالتالي تزداد كميات العرض فينخفض سعرها، وبذلك كان الدولار يرتفع في حين أن سعر المزروعات ينخفض”.
وحول سبب الغلاء الكبير الذي طال المنتجات الزراعية في الآونة الأخيرة، قال ترشيشي لـ”أحوال”: “بما أن المزارع قد تكبّد الخسائر في شهري تموز وآب، فإن 50% من المزارعين توقفوا عن الزراعة، وبالتالي شهد شهري أيلول وتشرين الأول تدنيًا كبيرًا في الكميات المعروضة، حيث أدى ذلك الى ارتفاع أسعار الخضار كالخس والبندورة والخيار وغيرها”.
من جهة أخرى، ينفي ترشيشي بشكل قاطع دور التصدير في أزمة غلاء أسعار المنتجات الزراعية، حيث أشار إلى أن لبنان يصدّر بشكل أساسي 5 أصناف، وهي العنب والتفاح والبطاطا والحمضيات والبصل، وكلفة هذه الأصناف مرتفعة أساساً، في حين أن منتجات أخرى كالبندورة والخيار ترتفع أسعارها بينما التجار لا يقومون بتصديرها. من هنا أكد ترشيشي لموقعنا أن أي “منع للتصدير هو تدمير للقطاع الزراعي”، ليعتبر أن الحل لهذه الازمة يتمثّل في “دعم البذور والأسمدة والأدوية الزراعية، الأمر الذي من شأنه أن يخفّض كلفة الانتاج ويؤدي الى انخفاض أسعارها”.
في المقابل، فإن ما ينطبق على المنتجات الزراعية لا ينطبق على السلع المستوردة غير المدعومة. وفي هذا الصدد، قال نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لموقعنا إن “الأسبوع المقبل سيشهد انخفاضًا في أسعار السلع”، نافيًا أي تأخر في خفض الأسعار، خصوصًا أن “الوقت الطبيعي الذي تحتاجه أسعار السلع للارتفاع او الانخفاض، بحسب سعر صرف الدولار، هو أسبوع الى 10 أيام، وفقًا لبحصلي.
وفي السياق عينه، تُشير مصادر خاصة لـ”أحوال” إلى أن وزارة الاقتصاد تعمل على تخفيض السلة الغذائية من 300 صنفًا الى حوالي الـ100. بدوره، لا يُنكر بحصلي هذه المعلومات ويلفت الى أن “السلة ستُحافظ على الأصناف الأساسية، في حين أن الأصناف غير الأساسية يمكن أن تُستثنى منها وذلك بهدف الحفاظ على الدعم لوقت أطول”.
وعن مدى نجاح آلية الدعم المعتمدة، يرى بحصلي أنه يتخلّلها العديد من الشوائب، فمثلاً يُمنع على المستورد أن يبيع السلع المدعومة لتجار الجملة، بل يتوجب عليه تسليمها الى المحلات مباشرةً، وبالتالي هناك صعوبة لتوصيل هذه السلع الى الأطراف والمناطق البعيدة.
مهدي كريّم