منوعات

حرائق “الويك إند”… ارتفاع المؤشر و”جهوزية معطلة”!

في لبنان ثمة من يظنّ أن إعداد خرائط بيانية واعتماد محطات لقياس درجات الحرارة ونسب الرطوبة واتجاه الرياح نوعٌ من الترف، هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه مع ارتفاع مؤشر الحرائق وسط توقعات بإمكانية توسعها لتطاول مناطق عدة، فيما النُّذُر الأولى بدأت فجر أمس في البترون وجبيل وعلى مقربة من محمية بنتاعل، وأتت النيران على مساحة تقدَّر بـ 70 ألف متر من الأراضي، وطاولت أشجارًا مثمرة وسندياناً وعدداً من الخيم البلاستيكية، وامتدّت النيران إلى أحد المنازل وأحرقت سيارتين.

الحريق في بنتاعل
الحريق في بنتاعل

ولأن الحرائق كانت متوقعة، تبين أن الجهات المعنية كانت في “جهوزية” تامّة، إذ تبيّن أن ثمّة أربع سيارات إطفاء معطّلة منذ شهرين في مركز الدفاع المدني في قضاء جبيل، وهذا حال معظم المراكز في المناطق، ما يؤكّد التراخي واللامبالاة والجهوزية شبه المعدومة من قبل وزارة الداخلية، فتعطّل سيارة إطفاء واحدة يعني تمدّد وتوسّع الحرائق، فكم بالحري أربع سيارات وأكثر؟

حرائق “الويك إند”

ومع ارتفاع مؤشر الحرائق وسط معطيات علمية حذرت وتحذر من أيام صعبة قد تمتد حتى أوائل الشهر المقبل، نشبت في عطلة “الويك إند” عشرات الحرائق من كفرحبو شمالًا إلى عيتا الشعب على تخوم فلسطين المحتلة جنوبًا، ولم توفّر مدينة صيدا حيث “قطعَت” ألسنةُ اللهب طريق بيروت – الجنوب عند البولفار البحري، فيما نشبت حرائق كارثية في المجيدل (جزين) امتدت نحو بلدة طنبوريت (صيدا)، ما اضطر المواطنين لإطلاق نداءات استغاثة، فيما نشبت حرائق عدة بعد الظهر في بلدة صبوبا (الهرمل) وفي القليعة (مرجعيون).

الحريق في المجيدل
الحريق في المجيدل

تجدر الإشارة إلى أن نداءات عدة أطلقتها “مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية” LARI حذّرت فيها من تجدّد الحرائق مع موجة الحر، وتوقعت أن تستمرّ لخمسة أيام مقبلة، تزامناً مع تحذيرات مماثلة لـ “برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند”، لكن يبدو أن “الجهوزية” معطلة بدليل ما شهدته اليوم بلدة كفرحبو في قضاء الضنية، حيث اضطر شباب البلدة لإخماد النيران قبل ساعتين من وصول سيارتي إطفاء تم توفير المياه لهما من قبل المواطنين.

مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس إدارة مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية LARI لـ “أحوال”: “قبل أن تبتكر أي مؤسسة أو جامعة مؤشرًا للحرائق، ومنذ عشر سنوات، لدينا مؤشر حرائق اعتمادًا على بيانات من 80 محطة أرصاد تشمل معدلات الرطوبة واتجاه الرياح والحرارة، كما أن نشرة الطقس على تطبيق LARI-Leb تشمل كافة المعلومات عن الطقس”.

وأكد أن “المؤشر سيظل مرتفعاً حتى أواخر الشهر الجاري، يتراوح بين متوسط ومرتفع”، لافتاً إلى أن “المؤشر سيضعف مع بداية تشرين الثاني مع إمكانية هطول الأمطار التي ستصبح أكثر غزارة بعد النصف الأول من الشهر”. ولفت افرام إلى أن “مؤشر الحرائق يرتفع عندما تتخطى الحرارة الـ 30 درجة مترافقة مع نسبة رطوبة منخفضة (حوالي 30 بالمئة)، فضلًا عن اتجاه الرياح خصوصًا إن كانت شرقية جافة”، وتوقّع أن “تتحوّل غربية رطبة مع ارتفاع نسبة الرطوبة وانخفاض درجة الحرارة، ما يرجح تساقط أمطار مع بداية الشهر المقبل”.

الحريق في بنتاعل
الحريق في بنتاعل

وأطلق افرام صرختين، أولها بما يخص الحرائق، فقال: “إنّها تدمّر البيئة وتقضي على الغطاء الأخضر والكائنات الحية وعلى أصناف يتميز بها لبنان، كما أن معظم هذه الحرائق مفتعل سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، خلال تقشيش الأراضي الزراعية، وهناك من يتعمد إشعال النيران، كون قطع الأشجار ممنوع لتنظيف الأراضي تمهيدا لاستثمارها في مجال البناء، وآخرون يشعلونها للحصول على الحطب، ولا ننسى خطر النفايات التي تنفث غاز الميثان، ومع الزجاج تصبح الأحراج قنابل موقوتة”، وتوقف عند “الحرائق التي تنشب فجرًا حيث تكون الحرارة متدنية ما يرجح احتمال إشعالها عمدا، وهو أمر مريب للغاية”.

وأضاف افرام: “أما الصرخة الثانية فتتعلق بالتلوث، وخصوصًا المياه، فضلًا عن نقص كمياتها بصورة تصاعدية، عدا عن أن نوعيتها أصبحت متدنية لجهة عدم امكانية استعمالها للري أو للمواشي أو للشرب”، مطالباً “بضرورة إعلان حالة طوارئ بيئية مائية وفي كل لبنان، لتفادي المزيد من الخسائر في الغابات والأراضي الخاصة والمشاعات، فضلًا عن تلوّث المسطحات المائية”.

جامعة البلمند

مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند، الدكتور جورج متري قال لـ “أحوال”: “منذ الصباح ثمّة حرائق كبيرة ولا سيما في كفرحبو في الضنية شمالًا، وآخر في عيتا الشعب جنوبًا، وساهمت الرياح في إعاقة عمل عناصر الدفاع المدني، فضلًا عن صعوبات تواجهها بسبب تعطل الآليات والعدد القليل للعناصر مقارنة بالحرائق التي تحصل يوميًا، كما أن تجهيزات فرق الاطفاء لا تكفي للسيطرة على الحرائق الصغيرة والمتوسطة”.

وأشار متري إلى أن “المؤشّر حالياً عالٍ في بعض المناطق، ولا سيما في الجنوب وعكار، ووفقًا لدرجة الألوان في الرسم البياني Color Chart، تتفاوت الخطورة بين اللون الفاتح إلى الداكن، والأخير يعتبر المؤشر الأعلى للحرائق، ويعتمد على الأرصاد الجوية وبياناتها اليومية والأسبوعية، وقد نبّهنا منذ حزيران (يونيو) إلى مخاطر الحرائق، ولكن كل يوم هناك خطر بحسب المؤشر ولكنه أقل من يوم الجمعة الماضي”، لافتاً إلى “أننا نؤكد المعلومة حول خطر الحرائق قبل ثلاثة أيام، وبالمجمل هناك خطر حتى نهاية الشهر، ولكن هذا لا يعني أن ليس ثمة خطرًا في تشرين الثاني”.

مؤشر الحرائق ليوم الاثنين 26-10-2020 - جامعة البلمند
مؤشر الحرائق ليوم الاثنين 26-10-2020 – جامعة البلمند

وقال: “حريق بنتاعل كان كارثيًا، فقد أتى على مساحات كبيرة من الأراضي الحرجية وخيم الخضار وأرزاق الناس وهدّد المنازل وأتى على سيارتين، واقترب من حدود محمية بنتاعل، والحمدلله تمت السيطرة عليه”، وختم متري: “حان الوقت أن يتم تفعيل خلايا أزمة لمكافحة الحرائق وأن تكون ثمّة خطوات استباقية وقبل موسم الحرائق المقبل”، لافتًا إلى أن “مساحة الأراضي التي احترقت في لبنان، سيتم تقييمها بعد انتهاء هذا الموسم في تقرير كامل”.

كفر حبو

وقال رئيس بلدية كفرحبو، صوان صوان لـ “أحوال”: “شبّ الحريق الأول ليل أمس في وادٍ فيه حشائش وقصب وعليق وأرض مهملة”، لافتًا إلى أنه “حريق مفتعل إذ من الإستحالة أن يشتعل تلقائيًا”، مضيفا: “تواصلنا مع الدفاع المدني ولكنه لم يأتِ، وعملنا مع شباب القرية بالسيطرة على الحريق، ليعود وينشب حريق ثانٍ صباحًا، ويبدو بحسب الصور أن ثمة إطارات بسبب لون الدخان الأسود”.

 

حرائق كفرحبو - الضنية
حرائق كفرحبو – الضنية

وأردف صوان: “امتدت النيران من الوادي وطاولت أرزاق الناس القريبة، واحترقت بعض أشجار الزيتون، وبعدها حضر الدفاع المدني بعد ساعتين من الإتصال به، مع آليتين وتمكنوا من السيطرة على الحريق، وقالوا إن سبب التأخير ناجم عن عددهم القليل وكثرة الحرائق وقمنا بتزويد آلياتهم بالمياه”، وختم “الحرائق بكل لبنان، ومعظمها إن لم يكن كلها.. مفتعل”.

أنور عقل ضو

أنور عقل ضو

صحافي في جريدة "السفير" منذ العام 1984 إلى حين توقفها عن الصدور. عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية في لبنان والعالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى