منوعات

“أحوال” يستطلع أبرز وجوه 17 تشرين… بين الخيبة واستجماع القوّة

الخيبة كان جلّ ما جنته ثورة السابع عشر من تشرين، اليوم وبعد مرور عام على “الحدث” يمكن النظر إلى العملية برمّتها عن بعد والقول إنّ النتيجة جاءت بمثابة صفعة تلقاها كلّ من آمن بالتغيير وبإسقاط النظام الطائفي المحاصصاتي والمنظومة السياسية اللّذين بني عليهما “لبنان الكبير”.

“الثورة” التي لم تنضج، ضمّت فئتين من المشاركين، الأولى هي الفئة الصادقة والتي آمنت لوهة أنّ حلمَ قلب النظام، رغم سورياليته، على قاب قوسين أو أدنى من التحقق، الفئة الثانية هي تلك التي تملك من “الخبث” ما يكفي لتمتطي حراكًا كان بمثابة الأمل الأخير لتحقيق الحدّ الأدنى من التغيير لو ما حصل ما حصل.

بعد 365 يومًا، لا شيء تغيّر… حتى ذاك الإنجاز الشكلي الذي حققه الشارع بعد أسبوعين من “الفوعة” والمتمثل باستقالة رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري، يعود ليظهر أنّه مجرد “فوفاش” بعد ارتفاع أسهم الحريري نفسه لرئاسة الحكومة كونه “المرشح المنقذ” لانتشال البلد من أزمته الاقتصادية. ليبدو مع هذا الوضع وكأنّ الشعب اللّبناني كُتب عليه أن يدور في حلقة مفرغة.

في الذكرى السنوية الأولى لـ “17 تشرين”، استطلع “أحوال” آراء أبرز الوجوه التي شاركت في الحراك والتي طبعت في ذاكرة اللّبنانيين .

 

حسين نور الدين (ناشط سياسي): نحن في مرحلة بناء الوعي وليست مرحلة خلق نظام

“لم أسمها يوما ثورة بل حراكاً. وكنت مقتنعاً منذ اليوم الأول أنّنا في مرحلة بناء الوعي وليست مرحلة خلق نظام جديد يقود لبنان. لم اعلق آمالا على تغيير يضرب البنية المتسلطة، ولكن دعوت إلى نبذ البنية الموجودة وسحقها من الأذهان أولا. هل نصل إلى ثورة؟ الثورة تعني التغيير بالقوة، واليوم واقعا هذا أمر مستحيل. المطلوب هو نشر الوعي بشأن موت النظام الطائفي السائد، وضرورة ضرب الإقطاع السياسي ذو الرعاية الطائفية لأن ذلك يؤثر في المواطن وحياته وحياة أبنائه والفرص المتاحة ويؤثر في عدالة توزيع الثروة أو ما تبقى منها. نحتاج إلى وقت طويل، ويجب ألّا نعول على اليائسين بل على جيل الشباب الصاعد. الثورات لا تولد من ساعتها بل تكون نتيجة صراع طويل بين الوعي والجهل المستبد”.

 

 

محمد نحلة (أوّل المشاركين في تظاهرة المصرف): عملنا على توجيه البوصلة ولم يُكتب لنا النجاح

” نزلتُ إلى شارع المصرف لأني كنت أريد إيصال رسالة مباشرة اننّا- كشعب- ندرك تمامًا من الذي أوصلنا إلى الانهيار الاقتصادي. الفساد والمحسوبية موجودان في كل القطاعات ولكن مصرف لبنان هو المسؤول عن الهندسات المالية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم. كنّا- زملائي ثوّار المصرف وأنا- نعمل على توجيه البوصلة نحو المغارة التي استفاد منها كلّ الطبقة الحاكمة لذلك لا احد يريد أن تسقط. المصرف كان نقطة من مجموعة نقاط لم يُكتب لها النجاح، كان الهدف أن نمارس ضغطًا حقيقيًا على المؤسسات الحيوية”.

 

 

سحر غدّار (صحافية متخصصة في وسائل التواصل الإجتماعي): لا تزال لدينا جولات كثيرة مع هذه السلطة

” ثورة تشرين ليست خيبة ولن تكون خيبة لا بالعكس هي خطوة كان لا بد منها لنصل للتغيير الحقيقي. اليوم نحن بمرحلة المراجعة و”الفلترة” لنصل للتغيير الجذري الحقيقي خاصةً في لبنان حيث كل الفرق السياسية لديها ارتباطات خارجية. سنة بحد ذاتها ليست كافية للتغيير وخاصة انّ الزخم تفاوت خلالها، والصادقين قابلتهم جبهة كاملة من الثوّار المسيّسين. بالطبع نحن قادرين على النهوض اذا كان فعل النهوض مدعوم بشكل صحيح ويكون موحّد بشكل وطني وليس كيد سياسي. نحن سجناء هذه المنظومة ولكن ليس هنالك أي شي مستحيل، من فقد الأمل اليوم، فقدها باكرًا جدًا، لا تزال لدينا جولات كثيرة مع هذه السلطة، هذه بلادنا ونحن سنحكمها.”

 

ليليان حمزة (صحافية وناشطة سياسية): أدركتُ لاحقًا أن أيدي خارجية تستثمر في الثوّار

” كل نظام ظالم سيدفع الناس إلى الإنتفاضة والمطالبة بالتغيير وإحقاق الحقوق الإنسانية، فكيف إذا بنظام سياسي فاسد قائم على المحاصصة والزبائنية وعدم مراعاة الكفاءة فضلاً عن السرقات والصفقات على حساب الشعب الذي كافح في الداخل والخارج لتأمين لقمة العيش. بدت لي الإنتفاضة أمل بقلع الطبقة السياسية الحاكمة أو على الأقل لجمها عن أفعالها الإجرامية بحق الشعب، لكن عندما بدأت الظواهر الغريبة تنجلي من تمويل لبعض جماعات الثورة وانتقال خطابهم من (كلن يعني كلن) إلى سيل من الشتائم بحق جهة سياسية معينة وخاصة المقاومة، أدركت أن أيدي خارجية تحرّكها والمشروع غير سليم. وعندما بدأت الخطوط الحمراء تغطي الفاسدين في الطوائف، عندها أدركت أن معظمهم مسيسون لكن كلن يعني كلن عدا زعيم طائفتهم.”

 

 

باسل نعمة  (ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي): لا وجود لشعب في لبنان بل رعايا طوائف

” رغم أن كل موجبات الثورة متوفرة في لبنان، وهي لم تتوفر في 17 تشرين فحسب بل لطالما كانت متوفرة. إلّا أنّه لا وجود لشعب في لبنان، بل رعايا في طوائف وبالتالي شعوب. لذلك. فإن هذه الشعوب لا تتفق على هذه الموجبات. لهذه الشعوب مجموعة متناقضة من التشخيصات ولكل من هذه الشعوب رؤيته المختلفة للحل أو لنقل طريق الحل. سلطة القهر والطغيان المستبدة في الحكم في لبنان تدرك هذا الخلل جيدًا بل هي عملت لاستثماره ببراعة دون معنى حقيقي للمواطنة واعتناق موحّد للانتماء لا قيامة لثورة ولا لمن يثورون لا في 17  تشرين 2019 ولا في أي وقت مقبل”.

 

 

أماني جحا (إعلامية):  التغيير هو فعل تراكمي

“17  تشرين لم تكن ثورة بل موجة ارتداية لإسقاط النظام الطائفي عام 2011 والحراك عام 2015. هذه التحركات أنتج جيلًا واعيًا إلى حدٍّ ما، وهذا الوعي هو ما سبّب 17 تشرين. الانتفاضة حقّقت الكثير بعيدًا عن مطالبها الأساسية، ولكن التدخلات وركوب السلطة لأمواج الانتفاضة شوّه حقيقة هذه المطالب وجوهرها وهذا أكثر من طبيعي لأنّ سلطتنا الفاسدة متمرّسة بالبقاء. التغيير هو فعل تراكمي، ما حصل في العام الماضي هو خطوة جديدة بهذا المسار الطويل ولكن نحن عبّدنا الطريق.”

 

حسام عبدالخالق (منتج موسيقي): 17 تشرين عرّت النظام ومنظومته

“لا مكان للخيبة في 17 تشرين لأنّها انتفاضة والانتفاضات لا يمكنها أن تحقق أكتر ممّا حققت. 17 تشرين كانتفاضة حققت الكثير. عرّت النظام ومنظومته، وعّت الناس على عناصر وممارسات كانوا غائبين عنها، من رياض سلامة للكارتيالات وعشرات القصص الأخرى. 17 تشرين بثّت الوعي في الجيل الصغير وسيّستهّ.”

 

 

رمزي عبدالخالق (صحافي): 17 تشرين فقدت هويتها بعد أسبوع على انطلاقتها

“لم تكن لديّ خيبة من 17 تشرين، لأنّها فقدت هويتها بعد أسبوع تقريبا على انطلاقتها، وبدا واضحًا جدًا أنّها تحوّلت من “هَبّة شعبية” ضد الفساد والفاسدين إلى حراكات سياسية وحزبية متعدّدة الأهداف والغايات؛ لا سيّما من قبل الأحزاب التي كانت في السلطة لسنوات طويلة وركبت موجة الحراك ضد الأحزاب التي بقيت في السلطة بعد 17 تشرين. هذا لا يعني إطلاقا أنّني أدعو لوقف الحراك الثوري أو الانتفاضة، بل على العكس المطلوب الاستمرار على قواعد نضالية واضحة مع أهداف محدّدة أوّلها ضرورة انتاج قانون انتخابات جديد يعتمد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية الكاملة ومن خارج القيد الطائفي مع تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة”.

 

ريبيكا كساب (ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي): “17 تشرين” دفعت بالكثير من الشباب اللّبناني إلى ترك أحزابه الطائفية

“في بداية الثورة شاركت بحماس كبير، كنت مؤمنة بتغيير هذه الطبقة السياسية الفاشلة، خاب ظني خلال الثورة في كلّ مرة كنّا نُهاجَم فيها من السلطة الحاكمة، للأسف نحن نقطن بلدًا حكومته لا يهمّها الشعب ومطالبه. اليوم الثورة ليست مخيبة لآمالي وذلك لعدة أسباب أهمها انّ الكثير من الشباب اللبناني ترك أحزابه الطائفية وأصبح مدركًا للواقع الحقيقي. شخصيًا في الانتخابات الماضية انتخبت حزب معيّن، اليوم لن انتخبه من جديد وهناك الكثيرين مثلي ولهذا السبب برأيي لن يقدموا على انتخابات نيابية مبكرة”.

 

علي عيتاني (أبرز المشاركية في انتفاضة 17 تشرين): صدقتُ أنّ الشعب فعلًا تخلى عن التبعية ولكن خاب ظنّي

“العالم شاركت في 17 تشرين بشكل ومن كل المناطق. كان المشهد صادمًا حتى صدقتُ أنّ الشعب فعلًا كفر في هذه الطبقة وتخلى عن التبعية، ولكن للأسف تبيّن أن الناس لا زالوا مكبّلين طائفيًا وحزبيًا. شعرتُ أنّنا فعلًا أصحاب القرار ولكن ما لبث هذا الشعور أن تلاشى ما شكّل خيبة أمل كبيرة وفقدتُ ايماني في البلد برمّته”.

 

ريم زيتوني (صحافية): عادت المنظومة الفاسدة المستبدّة بأشرس بطشها

” ثورة 17 تشرين لم تثبت نفسها في الشارع، صُدِمتُ ككل الذين آمنوا بهذا الحراك. عبّر الشعب اللّبناني عن وعي كبير ولكن في المقابل هذا الشعب نفسه عاد وعبّر عن رجعية أكبر، ولكن أمل أن ننهض بلبنان جديد هو أمل متجدّد مع كل جيل جديد. اليوم وبعد مرور سنة على الثورة اللّبنانية او من الأفضل القول “محاولة الثورة ” عادت المنظومة الفاسدة المستبدّة بأشرس بطشها؛ إذ لا بنزين ولا قمح ولا حتى دواء في الأسواق اللّبنانية، ملوك الاحتكار يختبئون بملوك الطوائف ولا بصيص نورٍ لشعبٍ يثور دون الركوب السياسي لطموح الشعب بلبنان جديد.”

 

 

عبدالله البنا (أحد متظاهري عاليه): 17 تشرين أوضحت للناس حقيقة الفاسدين

” ثورة 17 تشرين عرّت هذه المنظومة وأوضحت للناس حقيقة الفاسدين وأحرجت الأحزاب السياسية التي سمعت تعابير وخطابات لم تتوقع أن تسمها من قبل! الثورة كسرت حاجز الصمت والخوف. وربّما أجمل ما فيها هو التنوّع الذي شهدته، الاختلاف المبني على أساس صحيح وعلى احترام رأي الآخر والقدرة على النقاش من دون مراعاة الأعراف”.

 

 

قد لا يكون الحل الحقيقي للبنان في ثورة مؤقتة تشتعل حينًا وتنطفئ أحيانًا بل  بفعل نهضوي حقيقي يعصف في داخل النفوس، في النشأة التربوية الحقيقية لمواطني ومواطنات هذا المجتمع، الحل هو ليس هتافات رنّانة ومسيرات مليونية، الحل هو تغيير جذري للنظام الطائفي القائم وهذا لا يحققه سوى جيل جديد واعٍ وغير طائفي ولا مناطقي.

 

ربى حداد

ربى حداد

ناشطة اجتماعية وسياسية وصحافية لبنانية . خريجة معهد الفنون في الجامعة اللبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى