هكذا تْدار معركة الأخبار المزيفة بين ترامب ومواقع التواصل الاجتماعي
ترامب يكتب على فايسبوك وتويتر، فايسبوك يحذف المكتوب وتويتر يخفيه!
إنها أمّ المعارك بين الرئيس ترامب ومواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا فايسبوك وتويتر، وآخر فصولها ما كتبه الرئيس الاميركي أن فيروس كورونا “كوفيد 19” هو “أقل فتكًا” من الأنفلونزا، فقام فايسبوك بحذف الخبر أما تويتر فأخفاه بحجة أن ما كتبه يتعارض قوانينه من ناحية نشر أخبار غير صحيحة ومفبركة عن فيروس كورونا!
لم تبدأ هذه المعركة الآن ولن تنتهي قريبا! فبداية الأمر كانت مع إعلان مواقع التواصل الاجتماعي تطوير برمجياتها واستخدام الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) لمحاربة انتشار الاخبار المزيفة (Fake News)، لما له من أثر سلبي على المجتمع وتطوّر هذا الموضوع ليشمل محاربة العنف ومحاربة نشر الأخبار الكاذبة عن كورونا وغيرها من المواضيع.
قبل البدء بمناقشة كيفية تطبيق هذا الموضوع ومدى دقّته، علينا طرح السؤال التالي: هل مواقع التواصل الاجتماعي هي الجهة المخولة تقييم الأخبار الكاذبة؟ حسب أي معايير؟ كيف يمكن لأي شخص بالمطلق أن يعرّف ما هو الخطأ وما هو الصواب؟
فإذا كان الصح والخطأ نسبيا لكل شخص، فكيف يمكن لبرنامج معيّن أن يلعب هذا الدور خاصة عندما تتعلق الأمور بمواضيع قابلة للنقاش ولا تحتمل الرأي الواحد مثل الدين والسياسة والمجتمع وغيرها… وتحديدا في الطب مثل موضوع كورونا!
العامل الأساسي من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هو التواصل الثنائي المباشر (Two Ways Communication) والذي يتيح التعبير عن الرأي والرأي الآخر، بغض النظر عن حسنات وسلبيات هذا الموضوع. ومن الطبيعي أيضا أن يفرض كل موقع من مواقع التواصل الاجتماعي ضوابط التواصل وعدم استخدام كلمات بذيئة وعنصرية وغيرها… لكن أن تقوم مواقع التواصل الاجتماعي بتحليل الأخبار وأن تصنف هذا الخبر كمزيّف وذلك الخبر كصحيح تكون عندها هذه المواقع قد تخطت الإطار التي وُجدت لأجله، وأصبحت تلعب دوراً أكبر من ناحية توجيه المستخدمين باتجاه آراء وأخبار محددة وهذا يعتبر تحايل واستغلال للمستخدمين!
فعلى سبيل المثال، منذ بدء أزمة كورونا، انتشرت العديد من الدراسات والتقارير منها من يقول أن كورونا ينتشر في الهواء والعديد من التقارير المضاضة التي تؤكد العكس! وما زلنا حتى الساعة نجهل أي جهة نصدق!
من ناحية أخرى، فإن اعتبار الرئيس الأميركي ترامب أن كورونا هو “أقل فتكًا” من الأنفلونزا فذلك حسب وجهة نظره. وضعه فايسبوك تويتر ، ضمن خانة نشر الاخبار المزيفة استنادا الى تقرير لجامعة جونز هوبكنز يذكر فيه أن معدل الوفيات الدقيق لـ Covid-19 غير معروف، لكن يُعتقد أنه أكثر حدّة من معظم سلالات الأنفلونزا. فكيف يتم الاستناد إلى تقرير يذكر أن المعلومات غير دقيقة ويعتقدون أن المعدلات أعلى مما يعني أن هذه المعلومات ليست مؤكدة!
لكن رد ترامب لم يتأخر عندما ذكّر بالـ REPEAL SECTION 230 أي القانون الذي يؤكد أنه “لا يجوز معاملة أي مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي كناشر لأي معلومات مقدمة من مزود محتوى معلومات آخر”، بما معناه أنه لا تجوز معاملة المستخدم كناشر ويجب أن يكون لديه الحصانة في نشر أو إعادة نشر المعلومات من دون أن تقع المسؤولية على عاتقه.
أما إذا أردنا أن نقيّم الموضوع من الناحية التقنية، فعدد التغريدات والأخبار التي تصدر كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي لا تُعَد ولا تُحصى، ولا يمكن لأفراد أن تراقب هذه الاخبار لذلك يتم الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتقييم ما إذا كانت هذه الاخبار مزيفة أو تدعو للعنف وغيره. ومن هنا نطرح عدة تساؤلات:
– ما مدى دقة برامج الذكاء الاصطناعي في رصد الاخبار المزيّفة؟
– من المخوّل وضع المعايير؟
– ما هي المصادر الرسمية التي ترتكز عليها مواقع التواصل الاجتماعي في تأكيد صحة الاخبار من عدمه؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تَطرح العديد من علامات الاستفهام حول غاية وسائل التواصل الاجتماعي الفعلية من هذا الموضوع، وهل هدفها الأساسي هو الحد من الاخبار المفبركة أو توجيه المستخدمين باتجاه مصادر إخبارية محددة لأهداف معينة؟
في الخلاصة، كل منا يستخدم حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي هو يعبّر عن رأيه الشخصي فقط لا غير، والذي من الممكن أن تتوافق معه أو لا، ومدى صدقه وصحة أخباره ستؤثر عليه وعلى ثقة متابعيه فقط لا غير! لذلك فإن خطوة مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فايسبوك وتويتر بلعب دور الشرطي أونلاين ومعاملة المستخدمين كوسائل إخبارية أو ناشرين، عوضاً عن التعاطي معهم كأصحاب حسابات شخصية سيكون لها رد فعل عكسي في القريب العاجل خاصة إذا نجح ترامب في تفعيلREPEAL SECTION .230
رولان أبي نجم