منوعات

ما الأسباب الحقيقية لمقاطعة جلستي مجلس النواب التشريعيتين؟

وما هو مصير قانون العفو العام ؟

بعد أن صدر بيان تكتل الجمهورية القوية، إثر اجتماعه في معراب، والذي قضى بمقاطعة جلستي مجلس النواب التشريعيتين، صرّح مصدر في القوات اللبنانية لـ”أحوال” انّ تكتل الجمهورية القوية “قرّر، من خلال مقاطعته للجلسة التشريعية، توجيه رسالة الى الأكثرية الحاكمة بأنها لا تستطيع أن تتعاطى العمل السياسي في البلاد على قاعدة وكأنّ شيئاً لم يَكن. لأنّ الشعب كان ينتظر ولادة حكومة، ويعوّل على المبادرة الفرنسية ويأمل بأن تخرجه من واقعه المأساوي بعد انفجار مرفأ بيروت وتفاقم الأزمة المالية…”. 

وأضاف المصدر: “لا يجوز بعد أيام على إسقاط المبادرة الفرنسية وإجهاضها أن تلتئم هذه الكتل وكأنه لا يوجد مسؤولية على مَن أجهَض مبادرة ماكرون. وبالتالي، أراد تكتل الجمهورية القوية أن يوجّه رسالة شديدة اللهجة الى الفريق الحاكِم بأنه لا يستطيع مواصلة هذه السياسة التي يتّبعها، والتي أدّت أساساً الى هذه الكارثة المالية القائمة والى عدم تمكين لبنان من تجاوز أزمَتيه السياسية والمالية”.

وفي ما يتعلّق بموضوع  قانون العفو الذي يفترض أن يكون على جدول أول جلسة نيابية، أفاد النائب ألان عون “أحوال” أنّ موقف تكتل التغيير والاصلاح منه “لا ينطلق من خلفية طائفية بل مبدئية. فلا يجوز إقرار قوانين على حساب العدالة وخدمةً لمصالح انتخابية ومناطقية. نفهم أن تعوّض الدولة للمساجين عن مسؤوليتها في التأخير بالمحاكمات وباكتظاظ السجون من خلال عفو محدود ومحصور، إنما أن يتوسّع العفو ليشمل مباشرةً أو مواربَةً (من خلال تخفيض العقوبات) كثيراً من المجرمين، ولا سيما الارهابيين وتجار المخدرات، فهذا أمر مرفوض بشكل مطلق ولا يجوز أن يحصل”.

وحول هذا الموضوع، صرّح مصدر في القوات اللبنانية بأنه “لا يجوز لأي قانون عفو، مهما كانت أهميته، أن يتم التعاطي معه باستِسهال، خصوصاً اننا أيضاً على مسافة أيام من أعمال إرهابية استهدفت الجيش اللبناني، ولبنان يعيش في ظل أزمة مالية أدّت الى غضب اجتماعي وثورة اجتماعية. وبالتالي، لا يوجد تَساهل مع ظواهر من هذا النوع وفي هذا التوقيت بالذات، إنما هذا الأمر يستدعي معالجة هادئة ورصينة. وفي مطلق الحالات، إنّ مشروع هذا القانون يُعمَل عليه منذ فترة طويلة، ولو تمّت معالجة موضوع المحاكم والمحاكمات لما كنّا وصلنا الى ما وصلنا إليه، ولكن هناك تقصير فاضِح على هذا المستوى، وهناك من يريد أن يُمَرّر العفو على طريقة الصفقات لا على طريقة من هو مُستحِق العفو ومن يجب أساساً أن يخرج من السجن. وكأنّ هذا التعاطي صفقة بين فئتين أو بين طرفين، بعيداً عن أن يكون هذا القانون حاجة وطنية بامتياز وليس تَهريبة يمكن أن تؤدي الى ما لا يُحمد عُقباه من خلال إطلاق سجناء يشكلون خطراً على المجتمع، ولديهم ارتكابات بحق الجيش اللبناني… علماً أنه كان هناك أشخاص من الطائفة المسيحية يحقّ لهم الخروج من السجن، وليس على غرار أشخاص ممّن سيشملهم قانون العفو اليوم من فئات أخرى. كان هناك مسيحيون تمّت محاكمتهم في زمن الاحتلال السوري، أي في زمن القضاء الاستنسابي، وكان يُفترض أن يشملهم قانون العفو هذا، ما يعني انه تم التعاطي مع هذا الملف بشكل سلبي جداً، وكأنّ المطلوب في هذا القانون العَفو عن المجرمين وليس إعادة تصحيح خطأ تاريخي ارتُكِب بحق هؤلاء الأشخاص بهذه الطريقة”.

وفي ظل هَمروجة قانون العفو العام، يُطرح سؤال منطقي ألا وهو: إذا تغيّب فريق مسيحي أو فريقان عن الجلستين التشريعيتين فهل ستفقدان مصداقيتيهما؟ عن هذا السؤال أوضح النائب ألان عون لـ”أحوال”: “لقد جرت العادة أن يكون هناك غطاء ميثاقي للجلسات التشريعية، وهذا ما حصل في آخر جلسة بحثت العفو العام حين رفع الرئيس نبيه بري الجلسة عند خروج كتلة المستقبل منها، وذلك حرصاً على الميثاقية، وهذا مبدأ يسجّل للرئيس بري في حرصه على حماية الوحدة الوطنية. ولذلك، لا يمكن أن نتخيّل أن يتمّ تجاوز هذه القاعدة إذا تغيّبَ تكتّلا لبنان القوي والجمهورية القوية عن الجلستين، علماً انهما يمثّلان الغالبية المطلقة للمكوّن المسيحي في النظام السياسي”.

تغيّبَ تكتل الجمهورية القوية عن الجلستين النيابيتين، ورفع رئيس مجلس النواب نبيه الجلسة التشريعية المسائية، بعد انتظار لاستئنافها لأكثر من ثلث ساعة، لم يتأمّن فيها النصاب، وحدّد موعداً لجلسة تشريعية جديدة في 20 تشرين الاول، علماً أنه كان قد اقترح لجنة مؤلفة من عدد من النواب لمحاولة التوافق على قانون العفو، من دون أن تحقق أي تقدّم إيجابي. وإذا كان الرئيس نبيه بري قد قال في الجلسة المسائية التي لم يتأمّن فيها النصاب، إنّ “اقتراح قانون العفو العام ليس قرآناً أو إنجيلاً مقدساً”، فإنّ “الكتل النيابية لم تكن منسجمة مع نفسها في مقاربة الموضوع”، كما صرّح النائب علي حسن خليل من الأونيسكو. ما يعني أنّ هناك ثغرات واضحة في هذا القانون، ومن الممكن أن يكون تأجيل الجلسة قد أبعَد كأس المناقشة المرّة عن النواب الى 20 تشرين الاول، إفساحاً في المجال لمزيد من الاتصالات “على الطريقة اللبنانية” لعلها تجد حلاً مقبولاً لهذا القانون الشائك… فلننتظر لِنرى…

طوني طراد

 

طوني طراد

كاتب وصحافي لبناني. حائز على ماجستير في اللغة العربية من الجامعة اللبنانية. صدر له عدة دراسات سياسية وأدبية ابرزها كتاب "صورة المرأة في شعر ميشال طراد".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى