منوعات

اقتراحات للمالية قُوبلت بالرفض وموقف الراعي يعقّد الحل

عين التينة: لن تولد الحكومة بلا الميثاقية

تضيقُ المهلة الفرنسية المتاحة لتأليف حكومة جديدة وسط معلومات خاصة تشير إلى أنّ فرنسا أرسلت إنذاراً إلى القيادات والمراجع السياسية اللبنانية وصلت إلى بعبدا مفادها “إن لم تؤلّفوا الحكومة خلال أيام قليلة فهناك تدابير وعقوبات أميركية – فرنسية قاسية ستتخذها ضد سياسيين لبنانيين.”

رسالة تلقفها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بجدّية كبيرة فنشطت محركاته على كافة الخطوط في محاولة لتذليل العقد الباقية لولادة سريعة للحكومة.

عون لن ينتظر طويلاً

وقد أبلغ الرئيس عون المعنيين بتأليف الحكومة بأنّه لن ينتظر طويلاً، فإمّا يكون هناك حكومة بمهلة قصيرة محدّدة كفرصة إضافية، وإمّا على القوى السياسية تحمّل مسؤولياتها، فهو لن يضع كرة النار في ملعبه بحسب مصادر مطلعة على موقف بعبدا. وفي حين أفادت مصادر خاصة إلى أنّ الرئيس عون سيطلب من الرئيس المكلّف في نهاية المطاف، إن سُدت أبواب الحل، تقديم تشكيلته الحكومية النهائية للإطلاع عليها ومناقشتها ثم توقيعها ونقل الخلاف بين الأفرقاء إلى المجلس النيابي وترك اللعبة البرلمانية الديموقراطية تأخذ مداها، فإمّا تنال الثقة وإمّا تسقط وتتحوّل إلى تصريف أعمال ويصار إلى إجراء استشارات نيابية جديدة لتكليف رئيس جديد لتأليف حكومة. وأكدت مصادر أخرى أنّ الرئيس عون لن يوقّع مرسوم تأليف الحكومة إلا بعد تأكده من أمرين أساسيين: حصولها على الثقة النيابية وقدرتها على إقرار الخطة الإصلاحية.

ويراهن رؤساء الحكومات السابقين على إحراج رئيس الجمهورية تحت وطأة الضغط الفرنسي على بعبدا وتهديد التيار الوطني الحرّ بالعقوبات الأميركية، فيتجه عون إلى توقيع مرسوم الحكومة وترك المجلس النيابي يقرر بمسألة الثقة، وقد تحصل حكومة أديب عليها في حال منح تكتل لبنان القوي ثقته ويبقى الثنائي وحيداً في المعارضة، إلا أنّ فريق الثنائي يمتلك ضمانة من رئيس الجمهورية بعدم الذهاب إلى هكذا خيار قد يفجّر البلد ويضعه في مرحلة شبيهة بـ7 أيّار 2008.

اقتراحات للحل  

ويجري التداول بثلاثة اقتراحات لحلّ عقدة المالية بحسب ما علمت “أحوال” لم تلقَ موافقة رؤساء الحكومات السابقين ولا الثنائي حتى الساعة.

الأول أن يقترح الرئيس سعد الحريري إسماً لوزارة المال يوافق عليه الرئيس نبيه بري.

الثاني أن يتقدّم رئيس المجلس بعشرة أسماء شيعة من ذوي الإختصاص والخبرة وغير الحزبيين يختار من بينها الرئيس المكلف.

الثالث، يختار الرئيس عون والرئيس المكلّف مرشحين ويعرضونهم على الرئيس برّي، فإذا وافق تحلّ العقدة، وإذا لم يوافق يجري سحبهم من التداول وطرح أسماء أخرى.

عين التينة

ولفتت مصادر الثنائي الشيعي إلى أنّ كلّ ما تقدّم به رئيس مجلس النواب من أفكار للرئيس المكلّف مصطفى أديب اصطدم بموقف رؤساء الحكومات السابقين.

ولفتت مصادر مطلعة على موقف عين التينة لـ”أحوال” إلى أنّه لم تطرح علينا حلول جدية حتى الساعة بعد سقوط اقتراح أن يسمي الحريري الاسم ونحن نوافق عليه، مؤكدة على النقاط التالية:

-موقفنا ثابت لجهة حقنا في تسمية وزير المالية ومستعدون لاقتراح مجموعة أسماء ويختار الرئيس المكلف من بينها.

-حقنا في تسمية الوزراء الآخرين من حصة الطائفة الشيعية.

-أمّا الثُلث الضامن فيتعلق موقفنا حياله بطريقة تأليف الحكومة وحجمها وأسماء الوزراء الآخرين.

وأكدت المصادر أن أي حكومة لا تراعي الميثاقية هي خطوة في المجهول ولن تستطيع الحصول على الثقة وإن حصلت فلن تستطيع الحكم في ظل عزل طائفة كاملة أساسية في الوطن، وتذكر بأنّ حلفاء الثنائي مصرون أيضاً على تسمية وزرائهم وفقاً لأحجامهم في المجلس النيابي.

هجوم الراعي عقّد الحل 

وصفت مصادر فريق الثنائي كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي بالخطير، مبدية استغرابها حيال هذا التطور المفاجئ في خطاب الكنيسة، مشيرة إلى أنّه للمرة الأولى منذ العام 1943 يهاجم بطريرك الموارنة الطائفة الشيعية في كلام يعاكس المنطق: فبأي حق يتملك الموارنة رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان ومجلس القضاء الأعلى وغيرها من المناصب العرفية؟ فلماذا يتم انتقاء قطعة من سلّة الأعراف وتبديلها ولماذا لا يتم تبديل كل السلّة؟ وهل خروج اسم الرئيس المكلف من بيت الوسط بالتوافق مع نادي رؤساء الحكومات السابقين يتوافق والأصول الديمقراطية؟ أليس هذا الأمر خرق للدستور أيضاً؟

وأكدت المصادر أنّ كلام الراعي سيزيد تصلّب الموقف الشيعي من موضوع المالية وبالتالي سيزيد تعقيد الحل، متخوفة من سجالات سياسية طائفية ستنعكس على أرض الواقع توترات مذهبية طائفية.

بيت الوسط

ويُحيط الرئيس سعد الحريري اتصالاته ومشاوراته الحكومية بكتمان شديد حتى دائرته الضيقة لا يعرفون ماذا يجول في خاطر الرجل، فلم يستوعب بعد وجود رئيس غيره في السراي الحكومي على رأس حكومة ستقود الإصلاح، إنّما المطلعين على بعض المشاورات في بيت الوسط يشيرون إلى أنّ الحريري قدم أقصى ما يستطيع وضحى بكل شيء حتى أقصى نفسه عن رئاسة الحكومة لصالح مرشح آخر فماذا كانت النتيجة؟ ورغم ذلك يحاول إيجاد مخرج للعقد الحكومية بناء على رغبة الفرنسيين.

وتعتبر أنه لو توفرت إرادة الحل لدى أهل الحل والربط في الطائفة الشيعية لكانت حلت عقد المالية، مذكرة بالتضحية التي قدمها الرئيس نبيه بري لتسهيل ولادة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي متسائلة عما إذا خرج الحل من يد الثنائي لصالح الحسابات والصراع الاقليمي؟ وتنفي الأوساط موافقة الحريري على أن تبقى المالية بيد الشيعية مع شرط أن يسميه الحريري واضعة ذلك في اطار الإشاعات.

وعن محاولة الحريري وضع العصي في دواليب الرئيس المكلّف لدفعه للإعتذار وإعادة تكليف الحريري تأليف الحكومة وفق اتفاق جديد، أكدت الأوساط أنّ الحريري لا يريد العودة إلى رئاسة الحكومة في هذا الظرف في ظل عدم توافر الظروف الداخلية والاقليمية لهذه العودة.  ولفتت المصادرإلى  أنّ العلاقة لم تتوّتر مع الرئيس برّي متسائلة عن الجهة التي طلبت من بري التصلب في الموقف بعدما أعلن أنه سيسهّل.

ورغم الغموض الذي يرافق المفاوضات إلا أنّ مصادر بيت الوسط لا ترى مؤشرات ايجابية بقرب ولادة الحكومة وتختم بالقول: “تفرملت الحكومة حتى إشعار آخر”. فيما نفت مصادر فريق المقاومة أي عروض فرنسية على إيران وأي ضغط روسي على طهران التي لا تتدخل في عملية التأليف لا من قريب ولا من بعبدا، وهي تكرّر لمن يراجعوها في الملف اللبناني بأن “إذهبوا وتحدثوا مع السيد حسن نصرالله وحلفائنا في لبنان”. وهذا ما قاله الإيرانيون للرئيس ماكرون منذ إعلان المبادرة الفرنسية.

فيما أشارت مصادر مقرّبة من الرئيس نجيب ميقاتي لـ”أحوال” أنّ الأجواء سلبية وآمال التوصل الى حل ضئيلة والأوضاع صعبة على كافة المستويات، متسائلة اذا كان لبنان يستطيع الصمود خلال مدة شهرين قبل إعلان مصرف لبنان عجزه عن دعم المواد الأساسية.

محمد حمية

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى