سياسة

تغريدة البخاري.. قطع للطريق على “العشاء السويسري”؟

على وقع الاستحقاقات التي يشهدها لبنان بدءاً من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوباً والانقسام السياسي حولها، إلى اقتراب موعد الشغور الرئاسي المقبل مع بدء العد العكسي لموعد 31 تشرين الاول الحالي، وصولاً إلى الفرملة الحاصلة على مستوى تأليف حكومة أصيلة تسد ولو جزئياً الفراغ الرئاسي، وفي ظل الأزمات المتفاقمة اقتصادياً، برز الحديث عن المسعى الذي تقوده سويسرا لعقد مؤتمر في جنيف يضم مختلف أطراف الأزمة اللبنانية من القوى السياسية التقليدية وقوى المجتمع المدني، لا سيّما الممثلة في البرلمان عبر كتلة النواب التغيريين إضافة إلى شخصيات أخرى.

وتمهيداً لمؤتمر جنيف تقيم سفارة سويسرا في لبنان غداً الثلاثاء عبر جمعية human dialogue حفل عشاء يضم ممثلين عن القوى الآنف ذكرها.
وهذا ما أشار إليه رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب، الذي وصف دعوة السفارة السويسرية لللعشاء بأنّه “حوار فولكلوري” غالبية المشاركين فيه أحزاب فاسدة ساهمت في تدمير البلد وهو فاشل سلفاً”.

إلا أن التطور الأبرز على خط العشاء السويسري، تمثل بتغريدة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، الذي قال في تغريدته “وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر بل تفكيكًا لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ”.

تغريدة البخاري تبدو واضحة المضمون ولا حاجة للغوص في تفاصيلها، فهي موقف يؤكد التمسك بإتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية مطلع تسعينيات القرن الماضي، وأعاد تشكيل السلطةالسياسية في لبنان على مقياس مصالح الدول الراعية للاتفاق وفي مقدمها بلاد الحرمين، رغم أنه وبعد مرور عقدين من الزمن لم تطبق مقدمة ما يسمى بدستور الطائف حيث لا تزال الطائفية السياسية عنوان أي استحقاق يواجه لبنان، حتى أن تعيين مأمورين للاحراج خضع للمقياس المذهبي والطائفي، فاحترقت أحراج لبنان كرمى عيون “الطائفة”، ولم يتم تعيين المأمورين حفاظاً على “ميثاقية” التعيين في دولة المذاهب.

وبالعودة إلى تغريدة سفير بلاد الحرمين، يبدو أن هدفها يتمثل بقطع الطريق على مؤتمر جنيف، وربما وجدت المملكة في عقد هكذا مؤتمر تهديداً لاتفاق الطائف الذي رعته في ذاك الوقت ولا تزال تستثمر فيه سياسياً حتى يومنا هذا، وبالطبع قد تجد المملكة الساعية للعودة الى الساحة السياسية في لبنان بشكل مباشر، في مؤتمر جنيف تهديداً لنفوذها ودورها السياسي في لبنان وتعتب أنه يقطع الطريق على خطة عودتها الى بلاد الأرز، لا سيّما بعد انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً، ما سيعني دخول لبنان في حقبة سياسية جديدة، ما يدفع بالدول إلى حجز مكان لها على الخارطة السياسية في لبنان، لذا جاءت تغريدة السفير البخاري بمثابة قطع للطريق على العشاء السويسري، الذي سيمهد لمؤتمر جنيف الحواري للقوى اللبنانية، وربما هذا ما يفسر إعلان القوات اللبنانية الحليفة للمملكة مقاطعتها لعشاء السفارة السويسرية، إلى جانب موقف النائب التغييري وضاح الصادق والمحسوب سياسياً على السعودية موقفه الرافض للمشاركة بعشاء الثلاثاء، ما يضع زميله النائب ابراهيم منيمنة الذي أعلن موافقته على المشاركة في عشاء السفارة بموقف محرج، وربما يضطر لتقديم إعتذاره عن المشاركة بالعشاء بظل تضارب مواقف التغيريين.

وبانتظار المزيد من المواقف إزاء الدعوة للمشاركة بعشاء سفارة سويسرا، بات واضحاً أن أولى السهام الى مؤتمر جنيف الحواري وجهت له من راعية اتفاق الطائف، حفاظاً على مكاسبها السياسية في لبنان وربما تمهيداً لدور جديد لها في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد إقصاء رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وفريقه السياسي عن المشهد السياسي في الانتخابات الأخيرة.

 

يوسف الصايغ

يوسف الصايغ

صحافي لبناني يحمل شهادة الاجازة في الإعلام من كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية الاخبارية والقنوات التلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى