“باخرة النفط” تصل سورية بعد ساعات وصهاريج المازوت خلال أيام
إيران فرضت معادلة "توازن ردع السفن" في المتوسط
مُذّ إعلان الأمين العام لـ”حزب الله”، السيد حسن نصرالله، انطلاق أولى بواخر النفط الإيراني إلى لبنان، كثُرت التساؤلات والتحليلات حول إمكانية وصولها في ظلّ التعقيدات الجغرافية واللوجستية والقانونية، فضلاً عن الإعتبارات الأمنية والعسكرية في ظل الصراع الأميركي الغربي الإسرائيلي مع محور طهران – سورية – حزب الله.
فهل تصل بواخر النفط الإيراني إلى برّ الأمان اللبناني؟ وهل تنجح بكسر الحصار الأميركي على سورية ولبنان -قانون قيصر- والعقوبات على طهران؟ وكيف ينظر القانون الدولي إلى هذا الأمر؟
مصادر مطّلعة في فريق المقاومة أكدت لـ”أحوال” أن “أولى البواخر ستصل إلى “بانياس” وتفرّغ بالخزانات وتحمّل في صهاريج وتُنقل براً إلى الهرمل، ثمّ توزّع على القطاعات الحيوية وفق الأولوية والحاجة؛ وتُقسم هذه القطاعات إلى ثلاث فئات: المستشفيات، المطاحن والأفران، والمولدات الكهربائية، على أن يجري تسليمها مباشرة مع دفع ثمنها بالليرة اللبنانية بالتوازي مع نظام مراقبة صارم للكمية المسلمة وكيفية توزيعها وصرفها، للحؤول دون حصول عمليات تلاعب بالأسعار والعدادات وغشّ وتخزين وتهريب.
وكشفت المصادر عينها أن “الباخرة اجتازت قناة السويس ودخلت البحر المتوسط على أن تصل الساحل السوري عند بانياس خلال 48 ساعة كحد أقصى، على أن تتوافر مادة المازوت في السوق اللبناني أواخر الأسبوع الجاري”، مؤكدة أن “كمية المازوت التي تحملها الباخرة الأولى تكفي حاجة هذه القطاعات الثلاثة لمدة عشرين يوماً، ريثما تصل الباخرة الثانية وتلبّي حاجة السوق أيضاً لمدة عشرين يوماً أخرى، على أن تحمل الباخرة الثالثة مادة البنزين”.
وأوضحت المصادر أن “قيادة المقاومة قرّرت خريطة دخول البواخر من إيران إلى سورية فلبنان وليس إلى الساحل اللبناني مباشرة، لدفع الإحراج الذي ستواجهه الدولة اللبنانية أمام الأميركيين”.
في موازاة ذلك، أطلقت جملة تهديدات بإقدام واشنطن على فرض عقوبات وحصار “نقدي – مصرفي” على لبنان، أي وقف نظام التحويلات الإلكترونية إلى لبنان، ما سيعزله كلياً عن العالم ويؤدي بالمقابل إلى انهيارات كاملة، إلّا أن مصدرًا مطلعًا أكد لـ”أحوال” أن “لا مصلحة أميركية بفرض هكذا نوع من العقوبات، لأنّها ستطال حلفاءها من المؤسسات العسكرية والأمنية ومصرف لبنان والأحزاب السياسية الموالية لها والتي تتلقى أموالاً من الخارج “فريش دولار”، فضلاً عن أنّها ستصيب منظومة مصالحها في لبنان التي بَنَتها عبر عقود”.
لكن السؤال الذي يتوارد إلى أذهان البعض حول مخاطر استهداف عسكري أو أمني إسرائيلي لهذه البواخر في سورية، لا سيما وأن قواعد الإشتباك القائمة فيها تمنح “إسرائيل” حرية حركة أكثر من حرية العمل ضمن قواعد الإشتباك المقيّدة في لبنان، ما يدفع “إسرائيل” لاستغلال ذلك لضرب الباخرة في سورية لمنع كسر الحصار عن لبنان؟
خبراء عسكريون واستراتيجيون أوضحوا لموقعنا أن “لا خطر من استهداف عسكري إسرائيلي للباخرة، لسببين: الأول أنّها خاضعة للقانون الدولي (تجارة دولية) أي أنها باخرة تجارية وليست باخرة سلاح أو مواد متفجرة تهدّد الأمن الإقليمي أو الدولي، وثانياً التهديد الذي أطلقه السيد نصرالله بأن الباخرة أرض لبنانية وما يترتّب عليه من حق المقاومة بالرد على أي عدوان إسرائيلي عسكري أو أمني يستهدف الباخرة، لا سيما وأن أي عدوان على الباخرة سيهدّد أمن الملاحة والتجارة العالمية وبالتالي يهدّد التنقّل في المضائق والممرّات التجارية العالمية، وبالتالي يهدد الاقتصاد العالمي برمته”.
ولفت الخبراء إلى أن “الباخرة لا تتعارض مع القوانين الدولية التي ترعى التجارة الدولية والتي تندرج الباخرة الإيرانية ضمن هذا الإطار القانوني، وبالتالي لا تستهدفها العقوبات الدولية، والدليل أنّها عبرت على القنوات والمعابر الدولية كمضيق هرمز والبحر الأحمر وصولاً إلى قناة السويس بشكل طبيعي”.
ولمزيد من التوضيح، أشار أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية، د. حسن الجوني، إلى أن “القانون الدولي يغطّي استيراد البواخر الإيرانية الى لبنان، لا سيما وأن العقوبات الدولية على إيران رُفعت منذ توقيع الاتفاق النووي في العام 2015، وبالتالي العقوبات المفروضة هي أميركية على مبيعات النفط الإيراني لدول العالم لا سيما الصين، علماً أنه تم استثناء العراق الذي يستورد النفط الايراني حتى الساعة”.
وشرح الجوني لـ”أحوال” قائلاً: “لنفترض أن هناك انتهاء للقانون الدولي “وليس هناك انتهاك”، فالحق يعود حصراً للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي اعتباره خرقاً أو انتهاكاً عملاً بالمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي أي عقوبات خارج الميثاق غير قانونية وغير شرعية وتنتهك القانون الدولي وتعيدنا إلى العصور القديمة وشريعة الغاب”.
وبرأي الجوني فإن “إيران استبقت أي تهديد عسكري أميركي إسرائيلي بريطاني يطال البواخر الآتية إلى لبنان، بفرض ميزان قوى عسكري بربط قواعد الإشتباك في المتوسط بقواعد الإشتباك في الخليج وبحر عدن”، مذكّرًا باحتجاز إيران باخرة بريطانية رداً على احتجاز باخرة لها، وكذلك استهداف باخرة إسرائيلية رداً على استهداف ناقلة نفط إيرانية.
وخلص الجوني إلى الإستنتاج أن “أمن البواخر الإيرانية العابرة في المتوسط توازي أمن البواخر الأميركية والبريطانية في الخليج في إطار توازن الردع الذي تفرضه إيران في المتوسط للمرة الأولى أو ما يسمى بمعادلة “توازن ردع السفن”، وبالتالي تحويل قواعد الإشتباك العسكرية إلى قواعد اشتباك اقتصادية”.
محمد حمية