يواجه اللبناني اليوم عدة أزمات ويحارب على جبهات عدّة في وقتٍ واحد، وباء وغلاء وضيق ترك المواطنين عرضة لليأس والإحباط.
فكلّ ما حولنا تغيّر بسرعة لم تترك لنا خيار التأقلم مع المتغيّرات، لم تعد حياتنا تشبهنا. وفي ظل هذا السواد يتساءل المواطنون يمكن أن نتحلى بالأمل وكيف يمكن أن نحفز طاقاتنا ونحافظ على عقلنا من التشتت ونفسنا من الانهيار؟
دارين أمهز مدربة الحياة life coach تقدم لنا خبرتها وتجترح حلولاً لواقعنا النفسي والصحي في ظل هذا الواقع المرير.
تقول دارين “كلنا نعيش ظروفاً صعبة واستثنائية، فخلال هذين العامين واجهتنا تحديات كبيرة من غلاء معيشة ومرض وظروف اقتصادية وسياسية وأمنية، كلها خارجة عن السيطرة ما يجعلنا نخوض معارك مع المجهول لأننا لا نعرف إلى أين نحن ذاهبون. وهذه الظروف يعيشها كل الناس دون استثناء ولكن ليس الجميع قادراً على تقبّل هذا الواقع. هناك من يتقبّله ويستطيع أن يبني أهدافه ويخطّط ليومياته على أساس هذا الواقع الصعب، وهناك من يواجه هذا الواقع من خلال المقاومة وهذا يؤثر على صحته النفسية والصحية”.
الأمل قرار وليس هدية
وسط هذه الصعاب والفوضى، تقول دارين “دوما هناك أمل. والأمل هو قرار يتخذه الانسان ولا مفر منه. لأن هناك خياران إما أن أكون شخصاً متشائماً وأركز على الأخبار السيئة والسلبية، وإما ان اكون شخصاً متفائلاً وأبحث عن الأمل. وهذا لا يعني أن أنفصل عن الواقع وأهذي وأقول أن الحياة وردية وجميلة. لكن التفاؤل هو أن أتقبل الواقع وأغير من قراراتي وافكاري واستراتجية حياتي للانتقال نحو مرحلة أخرى.”
تتابع ” كنا نعيش في منطقة الأمان والتي تسمى في علم النفس comfort zone وهي منطقة وهمية يعيشها الأنسان عندما يكون كل شيء سهل في حياته. أما عندما تأتي ضربة خارجية وتهز هذا السلم الذي يعيشه، حينها يضطر للخروج من منطقة الأمان هذه ويصبح عرضة لشعور الخوف والتوتر واليأس والكأبة. والمطلوب هو تقبل الحياة وظروفها والبحث عن حلول للصعاب”.
تقبّل الواقع… بداية الحل
ولتقبّل هذا الواقع لا بد من الأخذ ببعض النقاط. بحسب دارين. أولاً، علينا أن لا نركز على الأمور السلبية، بمعنى أن لا نستمع إلى أخبار تزعجنا، وألا نشارك في نشر رسائل محبطة ومفزعة عن كورونا أو عن السياسة في البلد . فهذا وحده كفيل أن يعبئ فينا طاقة سلبية ويشّل قوانا ويحبط خطط مستقبلنا ويسبب الفشل في عملنا وقد يصل بنا الأمر أن لا نذهب الى العمل.
ثانياً، علينا تقبّل ما نمر به وأن ندرك أن هناك أمور نستطيع أن نسيطر عليها واخرى لا نقدر أن نسيطر عليها. مثلاً نحن لا نستطيع أن نسيطر على ارتفاع الدولار او كورونا او الوضع السياسي، هذه الأمور ليست بيدنا. لكننا نسيطر على جو البيت وعلى صحتنا النفسية والجسدية، ونستطيع أن نتحكم بكيفية عملنا بإخلاص وأن نكون منتجين ونتحلى بالإيجابية. فنحن بأمس الحاجة لهذا النوع من الانتاج هذه الأيام.
المطلوب السيطرة على أمورنا الخاصّة وليس أمور البلد
من يستطيع أن يسيطر على الأمور التي تخصّه، يستطيع أن يسيطر على نهاره. فقد يمارس الرياضة واليوغا أو يخضع لدورات مجانية للتعلم باتت اليوم موجودة بكثرة عبر الميديا، تقول دارين “انا شخصياً جرّبتها واستفدت منها. كل منا يستطيع أن يخلق اجواءً إيجابية في البيت بعيداً عن الأجواء الخارج المشحونة بالغضب والخوف والقلق. لذا خياراتي الأولى يجب أن تكون صحتي النفسية والجسدية وعائلتي وبيتي ومستقبلي وليس مستقبل البلد لان هذه الفكرة أكبر مني”.
وتتابع “عندما أركز على نفسي اصبح قادراً على أخذ قرارات شخصية كالسفر او إيجاد عمل جديد أو تعلم شيء جديد. وهنا يمكن أن أجد حلولاً لمشاكلي. فهذه الطاقة التي أملكها بدل أن أبددها على متابعة أخبار البلد والسياسيين ومن مات بسبب كورونا ومن عاش، الأجدى أن اصرفها في أشياء مفيدة بعيداً عن تسمم الجسم والأفكار وتبدد الحوافز.”.
كيف نخرج سالمين من هذه الضغوطات؟
وحتى نخرج معافين سالمين من هذه الضغوطات تقول دارين “علينا أن نعود الى أنفسنا وإلا أصبحنا عرضةً للأمراض. فالأنسان عليه أن يختار بين أن يكون قائداً وبين أن يكون ضحية. الضحية دوما يرمي اللوم على غيره ويقول أنا خلقت هكذا ونشأت هكذا وبلدي هكذا، وهنا يتسرّب الاستسلام الى روحه وجسده ويصبح عرضة للأمراض النفسية التي بدورها تسبب الأمراض الجسدية من امراض قلب وشرايين وضغط وغيرها، وكل ذلك بسبب الضغط النفسي والتوتر والكأبة. بينما القائد فيقول انا مسؤول عن حياتي وحياة عائلتي ومستقبلي وعلي أن أجد الخلاص والسبيل للفكاك قدر الإمكان من هذه الضائقة. ويستطيع القائد أن يسيطر على أمور حياته ولا يقف عند مجتمع أو بلد أو دولة أو كورونا ويحاول أن يصحح كل خلل يخصه ويركز على نقاط قوته ويعززها ويطورها. وهذا هو الأنسان الناجح والسوي الذي يقدر أن يتحمل مسؤولية نفسه وحياته ولا ينظر الى الأمور التي لا يقدر أن يجد لها حلولاً.”.
كيف نحفز أنفسنا؟
أما كيف يمكن أن نحفز انفسنا نحو الأفضل وسط هذه الحياة الضبابية تقول دارين “أحبذ نظرية كايزن اليابانية التي تتحدث عن الانسان الذي يعاني من مشاكل كثيرة في حياته، وعليه أن يفكك هذه المشاكل من خلال وضع أهداف صغيرة يعمل على حلّها، ثم يأخذ هدفا أكبر ويعمل عليه، وهكذا حتى يصل نحو الهدف الأكبر تدريجياً. وانا هنا أعطي مثلا عن الشخص الذي يريد أن يخسر من وزنه 30 كيلو، فلو وضع أمامه هذا الهدف الكبير قد يخاف ويستاء وبدل أن يخضع لريجيم يذهب أكثر نحو تناول الطعام. بينما لو قال سأخسر في الأسبوع نصف كيلو فسيجد أنّ الأمر سهلاً وبسيطاً. وبهذه الطريقة يصل الى مبتغاه ويحقق طموحه ويصبح لديه حماس وحافز أكبر”.
كاتبة وصحافية لبنانية لاكثر من 25 عاماً في العديد من الصحف العربية كمجلة اليقظة الكويتية وجريدة الاهرام وجريدة الاتحاد وزهرة الخليج .كما تعد برامج تلفزيونية وتحمل دبلوما في الاعلام.
لن نشارك معلوماتك الشخصية مع أي طرف ثالث
في حال كنت ترغب بالحصول على نشرتنا الإلكترونية
او تود ان تصلك تنبيهات عبر البريد حول المقالات التي ينشرها الموقع الرجاء الاشتراك