مشهد ضبابي للعام الدراسي الجديد… خياران متاحان ولا عودة إلى المدارس في أيلول
لا مدارس في المدى المنظور فالمشهد لا يزال ضبابياً، وكل المؤشّرات تؤكّد أنّ العام الدّراسي لن ينطلق في شهر أيلول، وأنّ الأمور ستكون مفتوحةً على كل الاحتمالات.
فمع ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا حيث باتت الحالات اليومية تلامس الـ300 حالة، تبدو العودة إلى المدارس محفوفة بالمخاطر، خصوصاً أنّ المدارس أقفلت في 28 شباط الماضي وكانت الإصابات اليوميّة حينها أقل من عشرة يومياً.
ويأتي الانفجار ليزيد من ضبابية المشهد بعد تضرّر ما يقارب الـ700 مدرسة، بينها 151 مدرسة رسمية، كان يعوّل عليها المواطنون المنهكون جرّاء الانهيار الاقتصادي.
“أحوال ميديا” حاولت التّواصل مع مسؤولين في وزارة التربية للوقوف على الاستعدادات للعام الدراسي الجديد، إلا أنّ أحداً لم يتجاوب خصوصاً مع الإرباك الحاصل بعد استقالة الحكومة، وانفجار المرفأ قبل أسبوع.
-مشاكل العام الماضي لا تزال عالقة
في اتصال مع “أحوال ميديا” أكّدت لمى الطويل رئيسة لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصّة، أن الأجواء لغاية السّاعة لا تزال ضبابيّة، وأنّ ذيول العام الماضي لا تزال قائمة، إذ ثمّة موازنات عالقة في مصلحة التّعليم الخاص، وهي قيد التّدقيق بعد أن تمّ الاعتراض عليها من قبل لجان الأهل، ولم يبتّ فيها لغاية الآن.
وعن أسباب التأخير في البت بموازنات العام الماضي، تقول لمى إنّ التأخير تتحمّل مسؤوليّته مصلحة التعليم الخاص التي لم تدرس كل الموازنات وتدقّق بها. وتشير إلى أنّه في حال تمّ البت فيها، ستتحوّل إلى المجالس التحكيميّة التربويّة، مع وجود تغييب متعمّد لهذه المجالس التي عُرقل تشكيلها في السّنوات السّابقة، وحتى عندما طرحها الوزير طارق المجذوب تعرّض لضغوطات سياسيّة لمنع تشكيلها، لأنّ غالبيّة المدارس الخاصّة التي لم تلتزم بقرار الوزير بشأن تخفيض موازناتها، تابعة لرؤساء الأحزاب والسياسيين ورجال الدّين.
– حضور جزئي وتعليم عن بعد
وعن آخر المعطيات بخصوص العام الدّراسي الجّديد تقول لمى الطويل “من المؤكّد أنّ لا مدارس في أيلول، خصوصاً بعد إعلان وزير الصحّة حالة الطوارىء لمدّة ثلاثين يوماً، وعليه فإنّ العام الدراسي في حال انطلق سيتأجّل حكماً إلى تشارين”.
كيف سيكون التّدريس هذا العام؟ هل سيحضر الطلاّب إلى المدارس أم سيصار إلى طرح مسألة التعليم عن بعد؟
كانت قد تسرّبت قبل أسابيع إلى وسائل الإعلام، اقتراحات وزارة التّربية بدمج الحضور إلى المدارس بالتّعليم عن بعد، بحيث يصار إلى تقسيم الدوامات على مدى ستّة أيام، والتلاميذ على مجموعتين، مجموعة تحضر اثنين وأربعاء وجمعة، ومجموعة تحضر الثلاثاء والخميس والسبت، على أن تكون مدّة اليوم الدّراسي أربع ساعات من دون فرصة تتيح للطلاب النّزول إلى الملعبـ وفي اليوم التالي لحضور الطلاب، يتم تدريسهم عن بعد.
كما تمّ اقتراح إلغاء الحضور من أساسه في ظل الأزمة الصحّية التي يعانيها لبنان، خصوصاً بعد الحديث عن موجة ثانية من كورونا في الخريف المقبل، والاكتفاء بمتابعة الدّروس أونلاين.
-مشاكل التعليم أونلاين لم تحلّ بعد
أي الاقتراحان ترجح كفّته اليوم في وزارة التربية؟
تقول لمى الطويل “الاقتراحات تُناقش في وزارة التربية بين المكوّنات التربوية من لجان الأهل وإدارات المدارس والمعلمين ومركز البحوث في الوزارة. واقتراح التعليم عن بعد مطروح، لكنّ معطيات العام الماضي لا زالت كما هي، من انقطاع التيار الكهربائي إلى بطء الإنترنت، وعدم توفّر أجهزة تابليت أو لابتوب لكل طالب في منزله”.
وتشير الطويل إلى أنّ المدارس الرسمية وعدت بتأمين قرطاسيّة مجانية، وثمة اقتراحات لتأمين لابتوب لكل طالب، لكن تبقى مشكلة الكهرباء لتعيق عمل التعليم عن بعد، كما أنّه في الأوضاع الراهنة، يعاني الكثير من الأهالي في المدارس الخاصّة من إمكانية شراء أجهزة كومبيوتر لأولادهم، وبحال تأمنت الأجهزة تبقى الكهرباء وسرعة الإنترنت عائقاً.
وكان وزير التربية طارق المجذوب قد عرض على وزارة الاتصالات اقتراحاً بتزويد الطلاب بإنترنت سريع مجاناً، إلا أنّه لم يحصل على أي رد بعد.
وعن اقتراح التعليم عن بعد زائد حضور تقول الطويل “الوزارة وضعت هذا الاقتراح ضمن شروط صحيّة منها الالتزام بالكمامات والتعقيم، والسؤال هو هل ستلتزم إدارات المدارس بهذه الشروط؟”
وتؤكّد الطويل أنّ تجربة التعليم عن بعد العام الماضي لم تكن مشجّعة، وأن الطلاب خسروا عاماً دراسياً وهناك تخوّف من أن يخسروا العام الجديد، تقول “يجب أن نفعل شيئاً، لا نستطيع ترك التلاميذ في المنزل، لكن ثمة أسئلة مطروحة، هل سيتمكن الأهل من تأمين الكمامات بشكل يومي لأولادهم؟ هل سيتمكنون من تأمين المواد المعقّمة؟ وبحال تكفّلت بها المدارس كم ستزيد التكلفة على الأهل؟ وهل سيلتزم الطلاب الأصغر سناً بالتباعد الاجتماعي؟ كلها أمور تحتاج إلى دراسة”.
-الطلاب الأكثر تضرراً
وترى الطويل أنّه من خلال تجربة العام الماضي، تبيّن أن الطلاب الأكثر تضرّراً من عمليّة التّدريس عن بعد هم الأصغر سناً في الصفوف الابتدائية، إذ يحتاج الأطفال في هذه الصّفوف إلى التواصل مباشرة مع المعلم ليتمكّنوا من فهم الشرح، ولممارسة نشاطات داخل المدرسة.
وبغض النظر عمّا إذا كان سيُعتمد نظام التعليم عن بعد أو نظام الحضور الجزئي مع التعليم عن بعد، تشير لمى إلى أنّ اتحاد لجان الأهل بصدد تحضير طريقة لتعديل البرامج، تتضمّن إلغاء محاور والإبقاء على المحاور الضرورية فحسب، مشيرة إلى أن مناهجنا مليئة بالحشو.
وتختتم الطويل قائلة إنّ أكثر ما يهم الاتحاد اليوم هو تشكيل اللجان التحكيمية لحماية الأهل من ضغوطات يتعرضون لها من إدارات المدارس الخاصة.
-المدارس المتضرّرة جراء الانفجار
تضرّرت الكثير من المدارس بفعل الانفجار، وأحضى مركز الأبحاث في وزارة التربية 673 مدرسة تضرّرت وهي موزّعة بين مدارس رسمية، ومدارس أونروا، ومدارس خاصة مجانية وغير مجانية.
وبلغ عدد المدارس المتضّرة بشكلٍ كبير410 مدارس بينها 98 مدرسة رسمية، أما المدارس التي تضرّرت بشكل أقل فبلغ عددها 263 بينها 53 مدرسة رسمية.
ويأتي تضرّر المدارس ليزيد عبء عام دراسي يعاني مخاضاً عسيراً، في مرحلة تشهد تطوّرات سريعة على الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية، قد يصبح معها التخطيط البعيد المدى مجرد مضيعة للوقت.
إيمان إبراهيم