داعش إلى الواجهة… فهل تنشط من جديد في لبنان؟
نشاط التنظيم المستجد آخر أوراق ترامب أم أولى أوراق بايدن؟
عادت خلايا داعش لتتحرّك في منطقة الشرق الأوسط، من العراق إلى سوريا، في وقت ترجّح مصادر أمنيّة، محاولة إستعادة نشاطها قريبا في لبنان، متحيّنة ثغرة أمنيّة مناسبة، على الرغم من محدودية قدراتها، وتقليم أظفارها، ومنع تمدّدها.
يدرك الجميع، مدى الإرتباط بين السّاحات العراقيّة والسوريّة واللبنانية، لا سيّما في المعركة ضدّ الإرهاب وداعش تحديدا، الذي كانت إحدى أهمّ مهمّاته، محاولة التمدّد بين هذه الدول، عبر جسم واحد يربط الحدود ببعضها، لمحاولة تطويق وتطويع الدول المناوئة للسياسة الأميركيّة، ومشروعها في المنطقة في ظلّ المحاولات العكسيّة لتوحيد السّاحات الثلاث في مواجهة كيان الاحتلال الإسرائيلي ومن خلفه المشروع الأميركي.
وفي معرض البحث، في المقاربة الأميركيّة للملفات في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيّما في ما يتعلّق بمشروع الشرق الأوسط الجديد وحرب “الوكالة”، التي إرتكزت اليها الولايات المتحدة، إثر حرب تموز 2006، وعدم نجاح كيان الاحتلال في التوغل داخل الأراضي اللبنانيّة، كان لا بدّ من حرب داخليّة، تشغل المعادين للكيان عن التصدّي لمشروعه، عبر إختلاق عدوّ جديد يتكفّل، بإستنزاف ما اصطُلح تسميته محور المقاومة، مع محاولة تشكيل رأي عام منقسم حول سبل المواجهة، وحول أحقيّة هذه المعركة.
اليوم، عاد “داعش” لتطلّ برأسه في المنطقة، في محاولة خارجيّة لإحياء مشروعها ، وقبل البحث عن سبب هذه النشاط الإرهابي، لجهة التّوقيت، ترتسم علامات إستفهام كبيرة، حول الوجود الأميركي في العراق وسبب استمراره، على الرّغم من أنّ تجربة بلاد الرافدين، وقبلها التجربة الأفغانيّة، قد أظهرتا أنّ السياسة الخارجيّة الاميركيّة، في أفغانستان والعراق وسوريا إمتدادا حتى لبنان وفلسطين ضمناً، والتي ارتكزت على شعار محاربة الإرهاب، لم تكن إلا حصان طروادة، تسلّلت عبره الإدارة الأميركية، الى البلدان، التي لم تنجح في تطويعها، عبر السياسة، او الارتهان الاقتصادي والعسكري.
وفي الإطار، تثبت المعطيات أن السياسة الخارجيّة الأميركيّة، التي ارتكزت على التدّخل المباشر، كما حصل في أفغانستان والعراق، بحجة تثبيت الامن والاستقرار، في وقت واصل فيه الإرهاب تمدده، من دون أي رادع، وسط معلومات موثقة، اثبتت الدعم الأميركي العلني لهذه الجماعات، إنعكست تدهورا تامّا في الوضع الأمني، حيث لا زال حاضراً في الإذهان، قيام التحالف الدولي وفي غير مرّة، بضرب الوحدات السوريّة والعراقيّة، فضلا عن الفيتوات، التي وضعت في العراق وسوريا، لمحاولة تأخير كل من الحشد الشعبي، والجيش السوري، عن حسم المعركة مع الإرهاب، تحت شعارات إنسانيّة، فضفاضة، من دون أن نسقط من الحسبان الدعم الأميركي التّام للوحشيّة الاسرائيليّة، في مختلف إعتداءاتها، التي شنّتها وتواصل شنّها في كل من سوريا ولبنان وفلسطين، وهنا لا بدّ من تعريف واضح لمفهوم الإرهاب، في جداول الولايات المتحدة الأميركيّة، التي تدّعي محاربته ودعمه في آن واحد.
وفي معرض التطورات الجديدة، أكّد الكاتب والباحث في السياسات الدولية، ومؤلّف كتاب” الشرق الأوسط وخرائط الدم”، طارق عبود، في حديث لـ”أحوال” أنّ “ورقة داعش لم تنتهِ على الرّغم من سقوط مشروع “الدولة الإسلامية” المزعوم”، معتبراً أنّ “المشهد لا زال غير مكتمل العناصر لتحديد الجهة المستفيدة من عودة داعش”.
وأشار عبود الى “فرضيّات ثلاث، قد تكون السبب خلف عودة نشاط داعش”:
– الفرضيّة الأولى: أن يكون تحريك داعش رسالة من بعض دول الإقليم التي كانت متضرّرة من سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، وهي اليوم تبعث برسائل الى الإدارة الأميركية الجديدة، في محاولة للتأثير على التعاطي الأميركي مع ملف الشرق الأوسط.
-الفرضيّة الثانية: أن يكون تحريك داعش رسالة أميركيّة لتبرير الوجود الأميركي في العراق، في ظلّ الدعوات المتواصلة لضرورة الانسحاب الأميركي التّام من العراق.
– الفرضيّة الثالثة: أن يكون نشاط “داعش”، هو محولة احياء ذاتية، تقوم بها بعض الذئاب المنفردة، مستفيدة من الثغرات الأمنيّة.
وفي معرض حديثه، لم يسقط عبود المسؤولية عن القوى الأمنية العراقية، في متابعة النشاط الإرهابي، ما تسبّب بثغرة أمنية، لا سيما أن التفجيرين حصلا في منطقة مكتظة بّالسكان.
كما استبعد عبود، أن “يكون هناك فرصة لـ”داعش” أن تنشط بشكل يدعو الى القلق، في لبنان، لا سيما، بعد تفكيك الأجهزة الأمنية لخلاياها، وسقوط مشروعها.
اذا وفي الأيام الأولى على تبدّل الإدارة الأميركية، عادت خلايا “داعش” لتنشط، ليصبح السؤال الأساس، هل هذه الطفرة الداعشيّة، هي وديعة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب؟ أم تصبّ في خانة التحضير الأميركي المسبق، لملف المفاوضات في المنطقة، عبر تعزيز الأوراق، التي ارتكزت اليها الإدارة الأميركية مسبقا، لا سيما فيما يتعلق، بإرتقاب إنطلاق المباحثات مع ايران، حول الملف النووي، قبل أن يفرغ بايدن من ترتيب البيت الأميركي الداخلي، ويرسم سياسة إدارته الجديدة في الشرق الأوسط.