منوعات

الاتحاد العمّالي العام يواجه خطة الدعم “الفاشلة” بالإضراب

رئيس الاتحاد بشارة الأسمر: هل المطلوب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام رفع الدّعم؟

في ظلّ الحديث عن رفع الدعم عن السّلع والمواد الغذائية، وما رافقه من بلبلةٍ في الشّارع اللبناني، علا صوت الاتحاد العمالي العام الذي ارتبط اسمه بالتّحركات والإضرابات، متوعدًا بالإضراب العام والشامل يوم الأربعاء القادم في السادس عشر من كانون الأول.

هذه الدعوة لاقت ترحيبًا من الطّبقات التّي يمثّلها الاتحاد، ومن الشارع الذي يتوجس سوءًا من الأيام القادمة، إلّا أنّ البعض اعترض على هذه الدعوات لأسباب عدّة أبرزها أن لبنان لم يعد يحتمل إضرابات وإقفال، خصوصًا مع أشهر من التعبئة العامة والإقفال التام وما ترتّب عليها من خسائر للمؤسسات والمرافق الاقتصادية.

“أحوال” تواصل مع رئيس الاتحاد العمّالي العام بشارة الأسمر الذي استغرب مثل هذه الآراء وسأل: هل المطلوب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام رفع الدّعم؟ ونترك الأمور على ما هي عليه ولا نتخرّك للمطالبة بحقوق الناس؟ لافتًا إلى أن أحدًا لم يستشر الاتحاد العمّالي العام حول آلية الدعم وعن السلّة الغذائية، علمًا أنّ لدى الاتحاد خبراء مشهود لهم، مشيرًا إلى أنّ الحكومة أُبلغت الاتحاد بأن الدّعم سيُرفع وهذا ما سيضع اللّبنانيين أمام كارثة كبيرة، فمن سيتحمّل رفع الدعم وخصوصًا على الصعيد الصحي؟ لا الضمان ولا تعاونية موظفي الدولة ولا وزارة الصحة؟؟ طبعًا المواطن من سيتحملها فقط، مع العلم أن 60% من الشعب مضمون، أمّا غير المضمونين ماذا سيفعلون صحيًا؟
وأكّد الأسمر أن المطلب الأوّل هو الضغط لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن من أجل تحمّل مسؤولياتها وإيجاد الحلول الناجعة، مشدّدًا على خطورة رفع الدعم دون وجود خطّة متكاملة أو برنامج لتحفيز القطاعات الإنتاجية، لافتًا إلى ضرورة ترشيد السلّة الغذائية في الوقت الحالي.
وتمنّى الأسمر أن يُصار إلى الحوار مع حكومة تصريف الأعمال للوصول إلى حلّ والإتحاد العمّالي العام حاضر للحوار، وعليهم أن يأخذوا رأيه فهناك تهميش للاتحاد وكل الهيئات الاقتصادية وكل الشعب.

بدوره ممثل القطاع التجاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمّال أكّد أن الهيئات الاقتصادية مع أي تحرّك يضمن حقوق العمّال وأصحاب العمل، وأنّ الاتحاد العمّالي يقوم بدوره ويأخذ قراره نتيجة اجتماعاته والظروف المحيطة بالبلد، ونحترم هذه الدعوة للإضراب، لافتًا إلى أنّ المجلس اقترح الأفكار وقدّم الخطط للحكومة من أجل المحافظة على الوظائف والقطاعات الاقتصادية، لكن لم تلقَ هذه الأفكار آذانًا صاغية لدى الحكومة، فكل وزارة تعمل بشكل فردي ولا يوجد حد أدنى من الخوف على خزينة الدولة، فذهبوا إلى الدعم العشوائي الذي شاهدنا نتائجه اليوم، وهذه الجلسات التي تُعقد هي جلسات فولكلورية شكلية، فالوزير المعني لديه سيناريو لا خطة، يريد أن يمشي به، بغض النظر عن الآراء المطروحة.

وأشار رمّال إلى أنّ الهيئات الاقتصادية عبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي اقترحت دعم الأُسر المحتاجة التي تشكٍل نصف عدد الأُسر اللّبنانية، فدعم السلع يطال كلّ سكّان لبنان من لبنانيين وأجانب، وهذا ما أدّى إلى العجز وعدم إمكانية الاستمرار في دعم السلع، فعندما ندعم الأُسر اللّبنانية المحتاجة نكون قد خفّضنا الإنفاق، وأطلنا في عمر الدعم.
“أحوال” تواصل مع مدير عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي محمد سيف الدين الذّي رأى أنّ الاتحاد العمّالي العام أخذ القرار الذي يجب أن يأخذه حيال رفضه بشكل قاطع رفع الدعم، باعتباره ممثلاً للعمال، لافتًا إلى أنّ الخطأ الذي حصل كان من جانب وزارة الاقتصاد عندما وضعت ثلاثمئة سلعة في السلّة المدعومة وهذا ما أدّى إلى استهلاك إحتياط العملة الصعبة.
ويؤكّد سيف الدّين أنّ الخطّة التي قدّما المجلس الاقتصادي والاجتماعي كانت مختلفة إذ كانت تلحظ دعم الحاجات الأساسية دون الكماليات، إضافةً إلى إجراءات الدولة والمصارف لتساهم بالتخفيف من الحاجة للدعم، إلّا أنّ الحكومة لم تأخذ بهذا الرأي حتّى وقعت الواقعة، واليوم استفاقوا على أنّهم بحاجة إلى ترشيد الدّعم وتخفيف عدد السلع المدعومة.
ورأى سيف الدين أنّ المشكلة اليوم ليس بعدد السلع وإنّما بشكل الخطة، فالفكرة هي كيف نوصل هذا الدعم للناس التي تستحقها، فالمليارات التي صُرفت للدعم لم تُصرف للناس وإنّما لكارتيلات الاستيراد والتّجار، الذين أقاموا نظامًا موازيًا لفكرة الدعم، وفي النهاية تكتّلت الأموال في جيوب التّجار وليس في جيب المستفيد النهائي أي المواطن، ففكرة دعم السّلعة بحد ذاتها تعني دعم مستورد السلعة وليس من يستهلكها.
ولفت سيف الدّين إلى أنّ المجلس يعمل على خطّة عبارة عن بطاقة تموينية لتواجه فيها مقدمّي السلع، عبر الدعم المباشر للعائلات، وهذا ما سيوفّر الكثير على خزينة الدولة، مشدّدًا على أهمية خلق نظام يُوقف التّهريب ويُخرج غير المستحقين من دائرة الاستفادة، مشيرًا إلى أنّه بحسب هذه البطاقة قد نصل إلى 75% من الشعب اللّبناني وبأرقام أقل بكثير من دعم السلع عشوائيًا.

إذن الإضراب قائم إلّا إذا حصلت حلحلة في ما خص خطة الدعم، لكن في حال اتّجهت الحكومة لرفع الدعم، فلا يوجد حلّ لدى المواطن إلّا الشارع، الذي داقت به الدنيا ولم يعد يحتمل مزيدًا من المماطلة في ملفّات عدّة وأهمها بالنسبة له، ما هو مرتبط بلقمة عيشه وعيش أبنائه، في ظل سلطة تشعر بأنّ كل شيءٍ على ما يرام، وأنّ الشعب يعيش في جنّات النعيم.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى