منوعات

الـ “Bungalows”تطيح بالفنادق وأصحابها يطلقون صرخة عبر “أحوال”

بمجرّد تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدًا تطبيق انستغرام، يمكن ملاحظة مدى تغيير نمط حياة اللبنانيّين هذا العام؛ فقد تعطّلت رحلات اللبنانيين السياحية الى الخارج، بسبب المشاكل الاقتصادية التي طالت مختلف شرائح المجتمع، بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا وما تأتى عنه من إجراءات احترازية لمكافحة إنتشاره.

ما قبل كورونا وسوء الوضع الاقتصادي

في السنوات السابقة، شكّلت تركيا واجهة سياحية أساسيّة للبنانيّين. فقبل أزمة الليرة، كانت تكلفة قضاء أسبوع واحد في تركيا لا تتعدى الـ800 ألف ليرة لبنانية.

وفي الحديث عن الأرقام، تجدر الإشارة أنّ نسبة سياحة اللبنانيّين في تركيا أخذت منحى تصاعدياً في السنوات الماضية. فمثلًا، ارتفعت هذه السياحة بنسبة 42% في العام 2018 مقارنة بالعام الذي سبقه، كما سُجّلت يوميًا خلال شهر آب من العام نفسه بين 29 و44 رحلة بين قادمة ومغادرة من وإلى تركيا، بحسب وكالة الاناضول التركية.

لكن هذا العام، ومع إغلاق المطارات وهبوط سعر صرف الليرة أمام الدولار، أصبحت السياحة الخارجيّة شبه معدومة. من هنا، طاف على السطح مصطلح “السياحة الداخلية”؛ وربّما، كانت هذه هي النعمة الوحيدة لكورونا والأزمة الاقتصادية في لبنان.

غياب الإهتمام الرسمي بالسياحة الداخلية

يكشف أحد المهتمّين بالسياحة الداخليّة في لبنان، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، عن غياب أي خطة واضحة من قبل وزارة السياحة لتشجيع وتنظيم السياحة الداخليّة في بلد الأرز، متسائلاً في حديث لـ”أحوال”: هذا الصيف ازدهرت السياحة الداخلية بشكل ملحوظ، فماذا فعلت الوزارة؟

هذا، ويلفت إلى أنّ الوزارة أنشأت صفحة على “انستغرام” في شهر حزيران، تحت عنوان “بلدك سياحتك”، روّجت عبرها في البداية للسياحة داخل لبنان بشكل خجول، فيما لم تقدّم  أي محتوى مفيد لمواقع جديدة في المناطق اللبنانيّة أو أيّة أفكار لنشاطات السياحة الداخليّة، كما تفعل صفحات أخرى خاصّة على التطبيق نفسه”، ويسأل: هل راقبت الوزارة مدى نجاح حملتها هذه؟

يضيف أيضاً المتابع في هذا الشأن، “في لبنان نحو 3000 مقام ديني لمختلف الأديان ما يجعل السياحة الدينيّة من الركائز لتحركات اللبنانيّين بين المناطق. ويلفت إلى أنّ هذا العام حفّز الناس للإهتمام بالسياحة البيئيّة كالتنزّه في الطبيعة وإقامة المخيمات، لافتاً إلى مرج بسري. ويشرح أنّ “المرج شهد هذا العام إقبالًا غير مسبوق للسائحين اللبنانيّين، نظرًا لما يحمله من تميّزٍ وتنوّعٍ طبيعيٍ وتاريخيٍ”، داعيًا وزارة السياحة لوضع خطة تنظّم السياحة الداخليّة من النواحي كافّة.

السياحة الداخليّة 2020

السّياحة الداخليّة أو المحليّة، هي نشاط سياحيّ داخل البلد نفسه، حيث ينتقل سكّان منطقة معيّنة للإقامة في منطقة أخرى، على شرط أن تبعد مسافة رحلتهم 80 كيلومتراً على الأقل من مكان إقامتهم داخل حدود البلد نفسه، وأن لا يقل وقت الرحلة عن 24 ساعة.

لذا اتجه المواطن اللّبناني إلى هذا الخيار للتّرفيه عن نفسه هذا العام، حيث كانت الخيارات أمامه متعددة لكثرة الوجهات التي من الممكن أن يقصدها، لكنه لم يتجه للإقامة في فنادق هذه المناطق، بل لجأ إلى المشاريع الصغيرة التي تعتمد على الأكواخ أو الـBungalows أو الشقق المفروشة المعروضة على تطبيق Airbnb.

ما هو Airbnb؟

Airbnb، هو موقع يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن سكن (غرفة، استديو، شقة، كوخ، فيلا، شاليه، مزرعة، تخييم خارج المدينة)، وهو موجود في أكثر من 192 دولة.

انطلق التّطبيق في آب 2008 كموقع يتيح للأشخاص حول العالم تأجير واستئجار أماكن للسّكن عبر الانترنت، ويقع  مكتبه الرئيسي في كاليفورنيا بأميركا، وقد عمل على توسيع عملياته بمختلف البلدان وحقّق نمواً سريعاً.

بمعنى آخر، يمكن لأي شخص يملك غرفة أو شقّة للإيجار عرضها على هذا الموقع، مع عرض صور وتفاصيل عنها إضافةً إلى سعرها، وبهذه الطريقة يتمكّن أي زبون من رؤيتها وحجزها.

ماذا عن الـ”Bungalows“؟

من الملاحظ بشكل واضح، ظهور عدد كبير من المشاريع هذا الصّيف في أكثر من منطقة، وهذه المشاريع مؤلّفة من كوخ خشبي أو أكثر، حيث يمكن للزّبون استئجار الكوخ الذي تتعدّد أحجامه ومميزاته، لليلة أو أكثر.

وتشرح المواطنة اللبنانيّة لما لـ “أحوال” أنّها اختبرت هذه المشاريع نحو 5 مرّات هذا الصيف، مشيرة الى أن تجربتها مع أصدقائها كانت موفّقة جدًا، لافتةً إلى أنها لجأت إلى هذا الخيار لأن الـ”Bungalows” تتميّز بديكور وتصاميم ملفتة ومبتكرة وهي تتواجد في الطبيعة بعيدًا عن المدن والزحمة، كما أنها تسهّل القيام بنشاطات كثيرة كالسّير في الطّبيعة، مضيفة “أسعار هذه المشاريع مقبولة جدًّا لمجموعة من الأصدقاء”.

“أحوال” تواصل مع أصحاب مشاريع عدّة لمقارنة أسعار ال “Bungalows” ومعرفة العروض التي تقدمها، وعاد بهذه النقاط:

أولًأ: تتراوح أسعارها لليلة الواحدة بين 200 ألف و900 ألف مع تقديم الفطور.

ثانيًا: يمكن لمجموعة من الأصدقاء، يصل عددهم إلى 10 أشخاص، أن يحجزوا الكوخ أو الغرفة، وهذا ما يشكّل عامل جذب كبير للناس، لأنهم حتمًا سيتقاسمون المبلغ المطلوب ما يخفّض التكلفة عليهم. ففي حال قرّرت مجموعة من 5 أشخاص حجز غرفة يبلغ سعرها 300 ألف ليرة، فسيدفع كل شخص منهم 60 ألف ليرة فقط.

ثالثًا: تتركّز المشاريع في مناطق سياحيّة، مثل الأرز، كفردبيان، الشوف، جزّين، عكار، البقاع الغربي، جباع وغيرها من المناطق.

رابعًا: تقدّم المشاريع نشاطات كثيرة مثل التّخييم، نشاطات رياضيّة كالتنزّه في الطبيعة، جلسات النار المسائية، السّباحة، ورحلات داخل المنطقة وغيرها.

أصحاب الفنادق في مأزق

تطوّر عمل الـ”Bunglows”، لم يكن خبراً ساراً لأصحاب الفنادق، حيث يروي نقيب أصحاب الفنادق ​بيار الاشقر​ لـ”أحوال”، عن التأثير السلبي لهذه الأكواخ ولتطبيق Airbnb على الفنادق التي تعاني من المشاكل الاقتصادية بالأصل.

ويوضح الأشقر أنه “منذ العام 2017 بدأنا نعاني من تأثير الأكواخ والـ Airbnb على الحجوزات في الفنادق”، مشيرًا إلى أنّ “عدد السّائحين كان مرتفعاً في السنوات الماضية خصوصاً القادمين من أوروبا، لكنّهم كانوا يتّجهون نحو البديل عن الفنادق”، معتبرًا أن هذه “مصلحة جديدة دخلت إلى لعبتنا، ومشكلتنا هي غياب قانون يديرها وينظّمها في لبنان”.

ويفسّر الأشقر الإختلاف بين الفنادق وهذا القطاع الجديد بالتعامل مع السائح ومع الدولة، كاشفًا أن “على الفندق إرسال إلى الأمن العام صورة لجواز سفر كل زبون، إضافةً الى معلومات عن موعد حجزه لغرفته وموعد مغادرته، بالمقابل يتم إستئجار الغرف عن الـ Airbnb من دون حسيب أو رقيب”. ويضيف “نحن كأصحاب فنادق ندفع الضّرائب للدولة وندفع للضّمان الإجتماعيّ من أجل موظفينا، أما القطاع الآخر فلا يترتّب عليه شيء”.

بين الأكواخ والفنادق

في لبنان 560 فندقًا تحتوي على 25 ألف غرفة، لكنّ وبظلّ الأزمات التي يمرّ فيها البلد، أصبح نصف هذه الفنادق مقفلاً والنّصف الآخر يعمل بنسبة 10% فقط. وبحسب الأشقر، نسبة عمل الفنادق خارج بيروت هي بين الصّفر و5%، أما فنادق بيروت فتعمل بنسبة 15 و25%، مع الأخذ بعين الإعتبار أن الأسعار تُدفع بالليرة اللبنانيّة.

هذا، وكشف النقيب أيضًا عن معدّل أسعار الغرفة في الفندق وهو 300 ألف ليرة أي 45$ مع وجبة الفطور، لافتًا إلى أن الغرفة تكون مخصّصة لشخصين، وفي حال أراد شخص ثالث الانضام، فهو يدفع نحو 40 الف ليرة إضافية، بعكس القطاع الآخر الذي يقدّم مساحات أكبر.

هنا يكمن الفرق بين الفنادق والأكواخ أو الـ “airbnb”، وهي القدرة الاستيعابيّة للمكان والسّعر الذّي يترتّب على الشّخص؛ لذا بات السّائح يلجأ نحو هذا القطاع الجديد؛ لا شكّ أن المميّزات والعروضات التي تقدّمها هذه الأماكن هي عامل جذب كبير للناس، من ديكور ونشاطات كالمشي في الطبيعة وغيرها.

واقع الفنادق في لبنان

يروي الأشقر عن ثلاثة أسباب أثّرت بشكل مباشر وكبير على القطاع الفندقي في لبنان وهي:

-الحرب في سوريا

-الحرب الكلاميّة

-الأزمات السياسيّة

كما ويشدّد على أن الأزمات السياسيّة والحروب الكلاميّة، كان لها تأثير كبير على السّائحين من دول الخليج، حيث منعت هذه الدول رعاياها من السّفر الى لبنان، علمًا أنّهم كانوا يمثّلون العامود الفقري للقطاع السياحي.

بالمحصّلة، من الواضح أنّ السياحة الداخلية مهملة رسميًّا، لذا لا بدّ من إعادة النظر في خطّة تنظّم كلّ تفاصيلها لكي لا يحصل أي خلاف بين أصحاب المهن السياحية، ولما لها من أهمية على النموّ الإقتصادي للمناطق السياحيّة! ومن له أذنان فليسمع.

ستيفاني راضي

 

ستيفاني راضي

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الماستر في الصحافة البيئية والصحية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى