“فزّاعة” قانون الإنتخاب تعيد الحرارة على خط معراب – ميرنا الشالوحي
الإشكالية مرتبطة بخيار المجموعات المتفوقة ديمغرافياً وبحساباتها
فيما لبنان عاجز عن تشكيل حكومة رغم “الفاجعة” الإقتصادية والمالية التي يعيشها و”الفالج” المؤسساتي والإستشفائي والإجتماعي، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة للجان المشتركة الاربعاء 7 تشرين الأول الحالي لدرس ثلاثة اقتراحات قوانين متعلقة بالإنتخابات النيابية، وهي:
1- إقتراح قانون مقدّم من النّائبين انور الخليل وابراهيم عازار يرتكز على لبنان دائرة واحدة.
2- إقتراح قانون مقدّم من النوّاب: نجيب ميقاتي، نقولا نحاس وعلي درويش.
3- إقتراح قانون إنتخاب أعضاء مجلس الشيوخ. مقدم من النائبين انور الخليل وابراهيم عازار.
تاريخياً، طرح إعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة على أساس النسبية الذي نادى به بعض أركان “الجبهة الوطنية” وفي طليعتهم الزعيم الراحل كمال جنبلاط في مطلع السبعينات، تكفّل “الثنائي الشيعي” وتحديداً الرئيس بري بحمل لوائه بعد إتفاق “الطائف. فتحوّل الى “فزاعة” من ضمن الدعوة الى إلغاء الطائفية السياسية للرد على بعض الطروحات المسيحية أكان قبل العام 2005، خصوصاً لدى مناداة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير بخروج الجيش السوري من لبنان أو بعدها مع دعوة البطريرك مار بشارة الراعي أخيراً الى إعتماد لبنان مبدأ “الحياد” أو لدى المطالبة بنزع سلاح “حزب الله”. كما تحوّل طرح “لبنان دائرة واحدة” الى ردّة ضمن “زجلية المماحكات اللبنانية” يقابلها ردّة إعتماد الزواج المدني وتوحيد قانون الارث كـ”مبادرة حسن نية” لطرح الدولة المدنية من قبل المسيحيين.
نظرياً البحث بشكل القانون الإنتخابي أمر مشروع بالمطلق، وكذلك تكرار المحاولة بعد فشل ذلك في الإجتماع الأخير للجان المشتركة في 7/10/2020 جراء “الفيتو” الميثاقي الذي وضعه تكتلا “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية”.
عملياً، الرئيس بري خير العارفين بحساسية طرح “لبنان دائرة واحدة” وبأن فتح “ورشة القانون” يعني على أرض الواقع تأجيل الإنتخابات النيابية العامة المفترض إجراؤها ربيع عام 2022. فالقانون الحالي تطلب أكثر من سبع سنوات من النقاشات لـ”حياكته” وظرف سياسي لصدوره وإستدعى تأجيل الانتخابات من العام 2013 الى العام 2018. كما يدرك ألا شيء تغيّر منذ الشهر الماضي يكفل بتغيير مشهد جلسة اللجان النيابية المشتركة.
في هذا الاطار، علم “أحوال” من مصادر متابعة بعودة الحرارة على خط معراب – ميرنا الشالوحي عبر “مفاتحة” نيابية بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بشأن جلسة الأربعاء المقبل حيث سيتبلور الموقف منها في الساعات المقبلة مع أرجحية تكرار سيناريو جلسة “تشرين الاول” أي الحضور الى الجلسة مع الإعتراض على توقيت الطرح.
تؤكد المصادر أنه بعد سقوط “تفاهم معراب” الأمور أصبحت “على القطعة” بين الطرفين مثلما جرى في ملف “العفو العام” وفق تقاطع مواقف لا تنسيق في المواقف أو توزيع أدوار. كما تشدّد على أن “لا صحّة لما حكي عن تنسيق في مسألة “التدقيق المالي الجنائي” بين الطرفين لأن إقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي تقدّمت به “القوات” نابع من صلب ممارستها لخيارها المعارض للسلطة القائمة فيما كان بإمكان “التيار” السّير بخطوة مشابهة مع العلم أنّه درسها في إجتماع تكتّله منذ اسابيع لكنه تردّد، وبعدما إنفجر الأمر بين رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ووزيرة العدل ماري كلود نجم، إكتفى رئيس الجمهورية بعقد لقاء “تبويس لحى” بين الشخصين ولم يبادر هو أو فريقه الى خطوة عملية لإنقاذ التدقيق المالي الجنائي”.
لا قانون منصف بالمطلق وفي آن للافراد والجماعات، إلا إن قانون الانتخاب عام 2017 شكّل بالممارسة نقل نوعية للمسيحيين عبر تحسين هامش تمثيلهم لذا يتمسكون به مع عدم معارضتهم إدخال بعض التعديلات التي لا تمسّ بجوهره. بالطّبع لا يتطابق مع دعوة البطريرك الراحل صفير عام 2005 “لقد أعطانا الدستور 64 نائباً، ونحن نريد أن ننتخب 64 نائباً”، وبالتأكيد هو أفضل من قانون الـ60 المعدل الذي اعتمد في الدوحة عام 2008.
فقانون العام 2017، أتاح للمسيحيين هامشاً أوسع بإيصال مرشحيهم بأصواتهم في دوائر كانت هذه الأصوات مصادرة فيها كما جرى في بعلبك – الهرمل معقل “حزب الله” حيث نجح المرشح القواتي الدكتور أنطوان حبشي أو في عكار معقل “تيار المستقبل” حيث أوصلت “القوات” الجنرال وهبية قاطيشا ( بعدما كان حليفها “المستقبل” يرفض أخذ مرشح لها على لوائح في السنوات السابقة) وأوصل “التيار” مرشحه أسعد درغام.
إلا أن طرح “لبنان دائرة إنتخابية واحدة” في ظل الإحتقان المذهبي في لبنان والمنطقة سيؤدي الى طغيان لعبة العدد وبالتالي “كش ملك” للمناصفة، هذه “الفزّاعة” متى إعتمدت في هذا الظرف قد تتحول الى “فرّاعة” تقطع هوية لبنان التعددية من جذورها.
أبعد من قوانين إنتخابية، الإشكالية مرتبطة بخيار المجموعات المتفوقة ديمغرافياً وبحساباتها: هل لعب ورقة العدد يعود عليها بالفائدة أكثر من لعبها ورقة “التعددية”؟ هل أرباحها في الدولة هي المتحكم الاول بها أكبر من إمتيازاتها في دولة “توافقية” تعكس مفهوم “لبنان الرسالة” الذي طرحه البابا الرحل يوحنا بولس الثاني؟ وهل تداعيات خطوة كهذه مضبوطة؟
جورج العاقوري