زراعة الورود… ذهب لبنان المطمور
تعتبر معظم المناطق اللّبنانية، التي يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 200 و700 متر، هي البيئة المناسبة لزراعة مختلف أنواع الورود، ويبدو أن عشرات المزارعين استدركوا ضالّتهم فلجأوا إلى زراعة الورود، لتنتشر عشرات المشاتل الكبيرة ومئات المشاتل الصغيرة في جميع المناطق، لا سيما في الجنوب والبقاع. في مشتله الكبير يعمل عبدالله فحص، ابن بلدة جبشيت (النبطية)، على زراعة أنواع مختلفة من الورود، ” 12 نوعًا من الورود الموسمية، التي تزهر في الربيع والصيف، أما الأنواع القليلة الأخرى فهي تصلح لكل الفصول” يقول فحص ويشير إلى أن ” العمل في مشاتل الورود مصدر انتاج مربح بشرط الخبرة والقدرة على الاهتمام وتأمين المبيدات والأسمدة اللاّزمة” لافتًا إلى أن ” أسعار الورود إلى ارتفاع، مثل باقي السلع والمنتجات، فبعد أن كان ثمن الوردة الصيفية حوالي 750 ليرة، أصبح اليوم يزيد على 4000 ليرة”.
اللاّفت أنّ عدد من المزارعين لجأوا إلى زراعة الورد والزعتر البري، لصناعة الزيوت العطرية وماء الورد، ففي بلدة عيتا الشعب حوّلت جميلة سرور الأرض المحيطة بمنزلها إلى حديقة من الورود والزعتر والشومر، تمهيدًا لاستخدم إنتاجها لصناعة الصابون والزيوت العطرية، إضافة إلى ماء الورد وماء الزعتر وماء الشومر، ” يحتاج الأمر إلى عناية يومية، لتنظيف الأرض من الأعشاب، والريّ، وتأمين الأسمدة المناسبة”.
أمّا الصناعة فهي تحتاج إلى وقت وجهد مضنٍ، تقول سرور وتبيّن أن “الصناعة يدوية وبدائية، ولو وجدت المعامل الكبيرة لاستطاعت المنطقة أن تنتج من هذه الزراعة ذهبًا”.
يؤكد على كلام سرور الاستاذ طارق ياسين، ابن بلدة مجدل سلم (مرجعيون)، إذ بيّن أنّ “الورود قد تنتج آلاف الدولارات، اذا كانت الدولة تقف جنبًا إلى جنب مع المزارع، لأنّ تقطير الورود الجورية وورود اللاّفندر ينتج الزيوت العطرية، والتي تحتاج إلى اهتمام وتسويق، اذ يبلغ سعر الليتر الواحد من زيت الورد العطري في أوروبا ما يقارب 10 آلاف دولار أميركي وهو أغلى عمليًا من الذهب نفسه”. استطاع ياسين صناعة آلة معدنية صغيرة، لتقطير الزعتر والورود والنعناع، ليستخرج الماء المقطّر والزيت العطري الذي يعلو الماء، وهو الآن ينتج عطوره الخاصة بنفسه. وذهب المزارع أحمد عليان إلى حدّ القول إنّ “الأراضي الزراعية المعتدلة الارتفاع تصلح لزراعة الورود والزعتر، أمّا طريقة الإنتاج فهي سهلة ومربحة اذا استطاع المزارع زراعة كميات كبيرة”. وعن تأخر تصريف الإنتاج، فيقول عليان “لا يخسر المزارع كثيرًا اذ يمكن تيبيس الثمار وبيعها للأهالي الذين يستخدمونها في الأطعمة”، لافتًا إلى أنّ “التربة الصالحة لزراعة الورود البريّة، لا سيّما الورد الجوري، هي الطموية العميقة الخصبة أمّا الورود الهجينه فيمكن زراعتها في الأراضي الرملية الخشنة”.
ويشير إلى أنه ” قبل زراعة الورود بأسابيع قليلة يجب خلط التربة بسماد عضوي متحلّل وبعمق حوالي 60 سم مع عدم استخدام السماد البلدي الحديث، الذي قد يؤدي الي حدوث أضرار بجذور الورد”. يعتمد نوع الورد على موعد الزراعة وموقعه فالورد الذي يتحمّل تقلبات الجوّ يمكن أن يزرع في الخريف ولكنّ الموعد السائد في زراعة الورد هو الربيع، وحفر الزراعة تكون عميقة بقدر كاف تسمح للجذور بالنمو الأفقي والرأسي ويراعى عدم وضع الجذور سطحيًا. أمّا النباتات فتنبت في خطوط منتظمة بحيث يسهل ريّها ومقاومة الحشائش، ولا يزيد عرض الخطوط عن 1,5 م وتتراوح المسافة بين النباتات 45و 75 سم. ويؤكد عليان على أنّ “هذا النوع من الزراعة قد يحقّق دخلًا أفضل بكثير من زراعة التبغ وبأقل جهد ممكن، ولا تحتاج إلى أراضٍ واسعة، بل يمكن لأيّ مزارع زراعتها وبكميات كبيرة في ألف أو ألفي متر مربع فقط”.
داني الأمين