بعد فضيحة بيع البطاقات الصحافيّة… العين على المواقع الإلكترونيّة في لبنان
أكثر من 500 موقع في لبنان وقانون تنظيمها أسير اللجان
أعادت عملية “بيع” البطاقات الصحافية التابعة لمواقع إلكترونية، لأجل تسهيل مرور حامليها في أوقات الحجر والإقفال التام ومنع التجوّل، فتح العيون على واقع إعلامي فوضوي، وُلدت فيه المواقع الإلكترونية دون أي اعتبار لوثيقة الولادة، فكل من يرغب بممارسة العمل الإعلامي عبر موقع إلكتروني، يمكنه ذلك دون أي حسيب أو رقيب.
لا شيء يمنع أي أحد من تأسيس موقع إخباري
في العام 2007 بدأت رحلة المواقع الإخبارية في لبنان، وكان عددها في البداية لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، خصوصاً أن الهواتف الذكية لم تكن قد غزت العالم بعد، وكان الإنترنت في لبنان بمتناول فئات قليلة، ولكن بعد التطور التكنولوجي، كُرّت السبحة.
لا تنصّ القوانين اللبنانية على أي إجراء من المفترض القيام به بهدف إطلاق موقع إلكتروني، وقد سمح هذا الواقع لمن يرغب في تأسيس موقع إلكتروني في لبنان، وجعلنا نعيش وسط “غابة من المواقع” إذ يتجاوز عددها بحسب العارفين في هذا الملف، الـ 500 بالحد الأدنى.
قرر المجلس الوطني للإعلام، في تشرين الأول من العام 2011، استناداً إلى التعريفات الواردة في قانون البث التلفزيوني والإذاعي، فتح سجل لديه للعلم والخبر الخاص بالمواقع الإلكترونية،
إلى حين صدور قانون خاص بالإعلام الإلكتروني.
على الرغم من أن القرار الصادر عن المجلس ليس إلزامياً، فإن أسبابه تعود إلى أن المجلس رأى أنه من الضروري وضع حد لفوضى المواقع الإلكترونية، فقرر أن يطلب من القيمين عليها، ضمن إطار الطلب العام، التعريف عن الموقع وعن الموظفين فيه وبعض المعلومات العامة، إلا أن عدم الإلزامية يصطدم بالأمر الواقع، حيث أن عدم الحصول على العلم والخبر قد يعيق عمل الموقع الإلكتروني، كالحصول على إذن لتغطية الإنتخابات النيابية أو البلدية والإختيارية، حيث يكون أحد الشروط الموضوعة من قبل الهيئة المشرفة على الإنتخابات الحصول على العلم والخبر.
إقتراح قانون الإعلام الجديد
في العام 2007 مع بدء بروز المواقع الإلكترونية الإخبارية، تم اقتراح قانون جديد للإعلام، ولكن كما كل القوانين المهمة في لبنان، استغرقت دراسة الإقتراح 9 سنوات قبل إقراره من قبل لجنة الإعلام والإتصالات النيابية، في العام 2016، إلا أنه حتى اليوم لم يقر القانون بعد في الهيئة العامة للمجلس، نظراً إلى أنه لا يزال يخضع للدرس في لجنة الإدارة والعدل، وبالتالي تستمر الوسائل الإعلامية ومنها المواقع الإلكترونية بالعمل على هواها دون أي قواعد قانونية ترعى قيامها وعملها.
بالنسبة إلى المواقع الإلكترونية، يوجب هذا الإقتراح على الموقع الإلكتروني الذي يرغب في بث خدمة إذاعية أو تلفزيونية بما فيها الأخبار السياسية بواسطة الإنترنت، أي مؤسسة فئة أولى، الإستحصال على ترخيص وفق دفتر الشروط ودفع مبلغ 500 مليون ليرة، كأي محطة تلفزيونية تقليدية تعتمد على البث التماثلي أو الرقمي، بينما تخضع المواقع الإلكترونية المهنية للتسجيل في السجل الخاص لدى المجلس الوطني للإعلام، من دون أي يقدم تعريفاً دقيقاً للإعلام الإلكتروني.
ويعتبر القانون “النشرة الإعلامية الإلكترونية المهنية” هي كل نشرة موجهة إلى الجمهور أو إلى العموم بصورة مستمرة ومنتظمة تحت إسم وشكل محددين ويتم من خلالها تداول المعلومات التي ليس لها طابع المراسلات الشخصية، الأمر الذي ينطبق على أي موقع إلكتروني يتداول المعلومات بصورة مستمرة ومنتظمة وموجّهاً للجمهور.
محاولات للسيطرة باءت بالفشل
خلال مرحلة التعبئة العامة، التي أعلنتها الحكومة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد في العام 2020، حاول المجلس الوطني للإعلام الذهاب بعيداً في تفسير سلطته على وسائل الإعلام الإلكترونية، الأمر الذي أثار حفيظة أصحاب المواقع، لا سيما بعد أن هدّد رئيسه عبد الهادي محفوظ بسحب العلم والخبر من أي موقع ينشر إشاعة مغرضة، كما طلب من المؤسّسات التقدّم منه بطلبات من أجل الحصول على بطاقات تسمح للعاملين فيها بالتنقل خلال فترات منع التجوّل.
هذا الأمر دفع أيضاً نقابة المحرّرين إلى الرد، معتبرة أنّ المجلس “يجتهد قانونياً لمحاولة وضع المواقع الإلكترونية تحت وصايته لناحية الترخيص لهذه المواقع من دون أن يتضمن قانون إنشاء المجلس أي شرط أو قواعد لهذا الترخيص، داعية وزارة الإعلام إلى أخذ المبادرة باعتماد آلية موقتة للترخيص للمواقع الإلكترونية من قبل الوزارة في انتظار صدور قانون للإعلام ينظّم وضع هذه المواقع.
حتى اليوم لم تصدر وزارة الإعلام أي آلية، ولم يقر مجلس النواب أي قانون، لذلك لا تزال بعض “الدكاكين” مستمرة في عملها، أحياناً عبر بيع المساحة الإعلامية لمن يدفع أكثر، وأحياناً عبر بيع البطاقات الصحافية لغير مستحقيها.
محمد علوش