منوعات

مشاكل إسرائيل وخشيتها من حزب الله دفعها للمفاوضات

جابر لـ"أحوال": أداء الوفد اللبناني جيد ولا محادثات سلام مع العدو

منذ الإعلان عن اتفاق الإطار للتفاوض بين لبنان والعدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية في المياه الإقليمية القريبة من فلسطين المحتلة وبعدها انطلاق جولة المفاوضات الأولى بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي في الناقورة، أُثيرت شكوك وتساؤلات عدة حول انخراط لبنان في مفاوضات قد تؤدّي فيما بعد إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ على الرغم من تأكيد رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو وأكثر من مسؤول إسرائيلي رفيع من بينهم وزير الطاقة الإسرائيلي بأنّ السلام مع لبنان مستحيل في ظل وجود قوة اسمها حزب الله.

فماذا يقول الخبراء العسكريون في هذا المضمار؟ وكيف يقيّمون جلسة التفاوض الأولى وما هي أهداف واشنطن وإسرائيل السياسية والاقتصادية والأمنية من هذه المفاوضات؟ وأين تكمن مصلحة لبنان؟ وما حجم التوقعات بالتوصل إلى اتفاق تقني لترسيم الحدود الاقتصادية؟ وما انعكاساته الإيجابية على اقتصاد لبنان المتهالك؟

المفاوضات لتثبيت الحدود لا ترسيمها

الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور هشام جابر يجيب على هذه التساؤلات في حوار مع “أحوال”، ويشير إلى أنّ لبنان ومنذ اتفاق الهدنة في العام 1949 وهو يطالب بتثبيت الحدود البرية وليس ترسيمها، لأنّها مرسمة في العام 1923 أبان الإنتداب الفرنسي – البريطاني للمنطقة.

ويوضح العميد جابر أنّ “المفاوضات التي تحصل في الناقورة مع العدو الإسرائيلي ليست خطوة للتطبيع”، مذكراً بأنّ اللقاءات غير المباشرة التي عقدتها اللجنة الثلاثية في الناقورة (الجيش اللبناني وممثل العدو الإسرائيلي والأمم المتحدة) تُعقد منذ زمنٍ طويل، مبيناً أنّ “المفاوضات تتم على الحدود البحرية بهدف تحديد المنطقة الاقتصادية للبنان لتمكينه من الإستفادة من ثروته النفطية والغازية، أما في البر فالمفاوضات تتم على تثبيت الحدود وليس ترسيمها لأنها مرسمة”.

وجود خبراء لا يُحَوّل الوفد إلى سياسي

ويشيد جابر بأداء الوفد اللبناني المفاوض برئاسة العميد الركن بسام ياسين وبالتزامه الدقيق بتعليمات رئيس الجمهورية وقيادة الجيش اللبناني، ويوضح أنّ “الخبيرين المعتمدين ضمن الوفد نجيب مسيحي، وعضو هيئة إدارة قطاع النفط وسام شباط، يتبعان لقيادة الجيش ولا يحوّلان الوفد إلى سياسي ولا المفاوضات الى مفاوضات سياسية أو دبلوماسية، مشدداً على أنّ الإعتراف بإسرائيل يحصل عندما تكون المفاوضات سياسية دبلوماسية اقتصادية قانونية دولية. ويلفت أنّ بيان أمل وحزب الله مثّل ثوابت وطنية سياسية مبدئية تتعلّق بالصراع مع العدو لكنّها لم تؤثر على معنويات الوفد اللبناني ولا على أدائه بل بالعكس شكلّت دعماً تفاوضياً للوفد وتنبيهاً للأفخاخ التي يمكن أن تعترضه خلال المفاوضات”.

ويشدّد الخبير العسكري على أنّ شباط ومسيحي ملحقين بالوفد اللبناني ويمكن للدولة اللبنانية تغيير الوفد أو استبدال بعض أعضائه بحسب سير المفاوصات.

إلى ذلك، يؤكد جابر أنّ لبنان على عداء مع إسرائيل بحسب الدستور، و”هو آخر دولة يمكن أن تبحث مسألة السلام وبعد شروط عدة أولها: استرجاع كامل الأراضي اللبنانية المحتلة بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الجنوبي من قرية الغجر وكامل حقوقه بالبحر وضمان حق العودة اللاجئين الفلسطينيين وضمانات بألا تعتدي إسرائيل على لبنان ووقف كافة أنواع خروقاتها وبعد أن تنخرط كل الدول العربية وحل القضية الفلسطينية.”

الترسيم حاجة أميركية – إسرائلية

ويلفت جابر إلى أنّ مسارعة إطلاق مفاوضات الترسيم مع لبنان وفق الشروط اللبنانية تهدف إلى إنهاء النزاع على الحدود البحرية مع لبنان لما يشكّله من حاجة إسرائيلية لأنّه يتيح لإسرائيل استثمار المنطقة الغازية في فلسطين المحتلة والإنخراط في مشاريع النفط والغاز التي تشبك في المنطقة باتجاه تركيا وأوروبا، كما أنّها حاجة أميركية لاستثمار هذا الملف سياسياً وإنتخابياً في الإنتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

ويتوقع جابر حدوث تطورات دراماتيكية إيجابية في الملف للتوصل الى اتفاق نهائي على قاعدة رابح – رابح لكن دون ذلك صعوبات ومفاوضات شاقة، محذراً من ضغوط أميركية على لبنان ستواكب المفاوضات وأفخاخ ستزرعها إسرائيل التي تريد تثبيت الخط البري المنحرف عن الحدود البرية الدولية بمسافة 15 متر انطلاقاً من الخط المعروف بخط فيدريك هوف الذي ينعكس عدة كيلومترات في البحر ما يخسر لبنان مساحة من حقوقه.

ويضع جابر أسباباً إضافية لاستعجال إسرائيل المفاوضات أهمها المشاكل الاقتصادية في إسرائيل، وخشية إسرائيل في حال بدأت بالتنقيب عن الغاز من دون الإتفاق مع لبنان أن يبادر حزب الله إلى قصف مصافي النفط في البحر بصواريخ أرض – بحر (ياخونت).

ويذكّر جابر بالاتفاق النفطي الإسرائيلي مع قبرص الذي جاء على حساب لبنان ما يستوجب منه الإستفادة من المناخ الإقليمي والدولي لترسيم حدوده واستثمار ثروته الغازية وإنقاذ اقتصاده من الإنهيار.

ويرى أنّ الجو الدولي مؤاتٍ ملاحظاً إنفراجاً أميركياً تجاه لبنان يعكس مؤشرات انفراج في العلاقات الأميركية – الإيرانية ستتظهر بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، مضيفاً: “في حال فاز المرشح جو بايدن سيعود إلى الاتفاق النووي كما عبّر بايدن علناً، أما إذا فاز الرئيس الحالي دونالد ترامب حتماً سيعود إلى الاتفاق لسببين: الأول أن أيّ رئيس أميركي يجهد لحفر إنجاز تاريخي في سجله الذهبي كما حصل في نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما، والسبب الثاني تحرّر الرئيس في ولايته الثانية من ضغوط اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة ، ما سيؤدي إلى رفع العقوبات عن إيران وبالتالي عن حزب الله.

ويختم جابر بالقول إنّ الولايات المتحدة الأميركية تشارف على تنفيذ جملة انسحابات من المنطقة وبالتالي تراجع الحروب العسكرية لصالح تقدم المفاوضات والاتفاقات مع دول وحكومات المنطقة.

محمد حميه

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى