سياسة

“الترسيم” بين الدستور والتطبيع.. خلاف بين الحكومة وبين “المعارضة” و”التغيير”

السيد لـ"أحوال": "الاتفاقية" حدودية ومالية ويجب مناقشتها في مجلس النواب

بعدما تجاوز لبنان معركة التفاوض على تفاهم ترسيم المنطقة الاقتصادية مع العدو الإسرائيلي بحفظ حقوق لبنان كاملة في الخط 23 وحقل قانا، انتقل الخلاف والسجال إلى الداخل اللبناني حيال دور مجلس الوزراء ومجلس النواب في التفاهم المنجز، وما إذا كان هناك حاجة أو ضرورة لاطلاع المجلس النيابي عليه والاكتفاء بذلك أم مناقشته وابرامه، وكذلك دستورية إقراره في مجلس الوزراء، وسط انقسام بين وجهتي نظر:

الأولى تعتبر عرضه على مجلس النواب واجب دستوري كونه يتضمن مترتبات مالية وحدودية.

والثانية تعتبر أن التفاهم ليس اتفاقاً ولا معاهدة وبالتالي لا حاجة للتوقيع والابرام وإلا يتحول إلى تطبيع اقتصادي مع العدو الإسرائيلي.

وقد طغى هذا الملف على جلسة مجلس النواب الخميس، حيث طالب نواب حزب الكتائب وكتلة النواب التغييريين الـ13 رئيس مجلس النواب نبيه بري بعرض الاتفاقية على المجلس لمناقشتها وإبرامها وفق الأطر الدستورية، ولاحقاً طلب بري من الأمانة العامة لمجلس النواب توزيع نص الاتفاقية على النواب للاطلاع عليها.

فهل هذا الطلب هو مقدمة لجلسة عامة لمناقشة الاتفاقية أم فقط للاطلاع؟

بري عاد وأوضح أن النّص الأميركي المقترَح بشأن الترسيم لا يستلزم نقاشًا في المجلس النّيابي، لأنّه ليس اتّفاقًا مع “إسرائيل”، إلا أن مصادر نواب التغيير يصرون على عرضه على مجلس النواب ومناقشته وابرامه.

وعلم “أحوال” في هذا السياق أنه سيتم توزيع نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية على الوزراء والنواب للاطلاع عليه فقط من دون عقد جلسة لمجلس الوزراء لمناقشته وتوقيعه أو لمجلس النواب لمناقشته وإبرامه كما تردد، لكون إقراره يعني اتفاقاً أو معاهدة بين لبنان والعدوّ الإسرائيليّ الذي لا نعترف به كدولة.

فيما تشير جهات رسمية معنية لـ”احوال” إلى أن “الوثيقة الأميركية ليست اتفاقية ولا معاهدة دولية لتعرض على مجلس النواب ويصدقها، بل هي تصحيح وتوضيح لحدود لبنان البحرية ولا تتعارض مع المرسوم رقم 6433 الذي سبق وأودعه لبنان في الأمم المتحدة، فما حصل ليس تعديل حدود بحرية بل تحديد منطقة اقتصادية.

وتضيف: “كما جاء نص التفاهم لمصلحة لبنان الذي رفض أي صيغة توحي بالاعتراف بأن كيان الاحتلال دولة، كما سيوقع لبنان على نسخة منفصلة عن النسخة التي سيوقع عليها العدو حيث يرسل لبنان رسالة إلى الأمم المتحدة يبلغها فيها موافقته على الوثيقة الأميركية التي قدمها الوسيط الأميركي في الملف، مقابل أن ترسل إسرائيل رسالة خاصة بها إلى الأمم المتحدة تبلغ فيها موافقتها على التفاهم وبالتالي لن يوقع لبنان على الوثيقة نفسها مع العدو، كما أن لا علاقة للبنان بالتعويض المالي الذي ستعطيه شركة توتال للعدو في حقل قانا، كما لن يعترف لبنان بخط الطفافات البحري كخط حدود بدليل إشارة النص إلى إمكانية ترسيم الحدود بين الطرفين في وقت لاحق، وبالتالي لن تكون الاتفاقية اتفاقية حدودية ولا معادة اقتصادية بل تحديد المنطقة الاقتصادية وتقاسم للثروة النفطية والغازية فقط، من دون أي استثمار مشترك لا الآن ولا في المستقبل”.

النائب اللواء جميل السيد يشير لـ”أحوال” إلى أنه “عندما يوقع رئيس الجمهورية أو الحكومة على أي تفاهم مع طرف خارجي فهما يوقعون باسم الشعب اللبناني، وتوقيع الحكومات يعني تطبيع وليس إبرام مجالس النواب، وهذا التفاهم فيه اتفاق مالي وحدود، وكل شيئ يتعلق بالحدود والمال مسؤولية المجلس النيابي ثم مسؤولية الحكومة، على المجلس درس أي نقاط من صلاحية الحكومة وأي نقاط من صلاحية المجلس، وبالتالي يجب التفسير المادة 52 التي تتحدث عن الاتفاق المالي ومقدمة الدستور التي تتحدث عن الحدود البرية، فالدستور يحدد الحدود البحرية وأي تعديل للحدود البحرية يجب تكريسها بالدستور وهذا مسؤولية مجلس النواب”.

وقال السيد: “طلبت من الرئيس بري مناقشة الاتفاقية في مجلس النواب لكون الامر يتعلق بأمور مالية وحدود ومن المفترض أن تستتبع خطوة الرئيس بري بدعوة مجلس النواب لمناقشة الموضوع”.

وعما إذا كان الأمر يقتصر على اطلاع النواب فقط أم مناقشتها في مجلس النواب، قال السيد: “من المفترض عقد جلسة مناقشة لأن النائب وحده ليس سلطة بل مجموع النواب يشكلون السلطة لذلك اطلاع النواب هو الحد الأدنى ويمكن أن يكون تمهيداً لعقد جلسة لكن لم يحسم الامر بعد”.

 

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى