سياسة

“لقاء من أجل لبنان” للصورة التذكارية: كأنه أحد مؤتمرات القومية العربية

عدد الإعلامي قاسم قصير أسماء عشرات المؤسسات الحوارية والثقافية التي نشأت بُعيد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، والتي امتدت على مدى 15 عاماً، تلك الحرب التي قيل فيها الكثير وأجمع عدد من الباحثين على أنها حرب الآخرين على أرضنا، أو بشكلٍ أدق كانت مؤامرة دولية عربية على لبنان لإنهاء دوره والقضاء على مقومات مجتمعه المتعدد واقتصاده المُميز في المنطقة العربية خدمةً لكيان الغرب المدلل في فلسطين والرغبة الغربية في انعاش إسرائيل.
اجتمع أكثر من٤٠ شخصية أكاديمية أو ذات كفاءة علمية، أدبية، دينية أو اعلامية تحت عنوان فيما عُرف بـ”لقاء من أجل لبنان”، حيث تنوّع الحاضرون بين مرشح دائم لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وبين ساعٍ لحل الأزمة الشبابية الواقعة، وبين باحث عن حراك ينضم إليه لملء فراغ قاتل.. في زمن “الحِراكات الغاشة” إذا صح التعبير.


وقد يعتقد البعض أن “لقاء من أجل لبنان” قد انطلق فقط من مركزه المُميز في الربوة ليُعطي لنفسه حق تشريح الوضع حسبما يريد ومن منظاره الشخصي!
ليكتشف الحضور أن الروابط بين المؤسسين، والذين هم متنوعو الأهواء والجوامع، متقطعة رغم أن الجامع لهم هو مكان تابع لمقر ديني يجمع ولا يفرّق. وهم أتوا من مشارب متنوعة وبعيدة عن بعضها سياسياً، فما السر في تجمعهم؟
والسؤال الأهم: ماذا يُراد من جمعهم، هل أراد الساعي إلى “اللقاء من أجل لبنان” اجراء test للفئات اللبنانية المتنوعة حول توجهاتها؟ هذا الشعب الذي بات كمصفاية “ستانلس” بفتحات شديدة الصغر، جرّبت الجمعيات الأوروبية وغير الأوروبية فيها وعبرها كافة أنواع التجارب؟ فنتيجة استباحة هذا المجتمع باسم الانفتاح بات لبنان كـوعاء كبير مكسور، لا يمكن اصلاحه.
جمع “لقاء” معظم من اجتمع سابقاً في لقاءات سابقة، ومن ذات سنخيّة المُلتقين، فما الجديد تحت خيمة هذا العنوان؟ طالما أن الأهداف واحدة والأشخاص هم أنفسهم تقريباً؟ والرؤية هي نفسها؟ ولما يلعب اللبناني هذه اللعبة (الاستنساخ) مع أبناء جلدته ووطنه؟.
فهل يمكن القول إنّه كلما اختلف اثنان شكّل كلٍ على حدا لقاءً ثالثاً؟ أهي لعنة إبليس؟ خاصّةً أن المجتمعين استخلصوا من معظم لقاءاتهم، تقريباً، أن أزمة لبنان لن تنتهي لسببين: الأول هجرة شبابه، وبالتالي فوات وقت التغيير السياسي نظراً للأزمة الاقتصادية القاسية التي يمر بها لبنان، مما يعني استمرار الحال على حاله.


والثاني: اشراف رجال دين على لقاءات لحل مشكلات سببها هم أنفسهم، مما يتطلب أولا معالجة أزمة لبنان الطائفية والمساهمين بها.
والمُلفت في هذه اللقاءات، سواء الجديدة أو القديمة، التعاقد مع من يُسميّ نفسه مؤرخاً، وهو أي المؤرخ أولا وبداية لا يقترب من الحيادية ولا الموضوعية بمتر واحد. فلا وجود لمتعددي الآراء في هكذا لقاءات والتي تصير كلقاءات التلفزيونات الحزبية الموجهة او كإعلام الدول الاشتراكية، وكأن المُمول سواء العربي أو الأوروبي يشترط شيطنة فريق لبناني محدد، بات اليوم مطلوب دقه عنقه لتعود عافية لبنان، بعد أن أُنهك بسبب فساد الطبقة الحاكمة منذ 1975.
والمُلفت أن الشباب غائبون، والمخضرمون حاضرون والآراء كلها demodes أو كما يقال سبق الاستماع إليها، ولو نفعت حينها لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من تردٍ، فالاجترار سيد الموقف، اضافة إلى سمفونية التغنّي بلبنان الرمز، مع نسيان تام لقيام نظام نقيض جنبنا وعلى حدودنا، والسعي الحثيث لتبديل دور لبنان المتنوع بأدوار مستجدة لدول عربية تهرول نحو التطبيع.
من هنا نقول: لا داعي لـ”اللقاءات المهرجانية” هذه، إلا من باب الخدمة الاعلامية لمن هم باتوا نسخة عن “المؤتمر القومي العربي” عبارة عن محطة لأخذ صورة تذكارية.
والدليل البليغ على ما أقول هو ما اجاب عليه أحد الشبيبة حين سألته إحدى المُنشطات في اللقاء إن كان ورفاقه “يختارون حضور هذا النشاط أو أي شي آخر بديلا منه؟”. فقال لها الشاب العشريني “انا وأترابي لن نختار هذا النشاط بالطبع”.

سلوى فاضل

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الدراسات العليا في الفلسفة من الجامعة اللبنانية، تهتم بقضايا حقوق النساء والفتيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى