منوعات

السيّد نصر الله: المقاومة أقوى وعلى الإسرائيلي أن يقلق

مخطط سعودي لاغتيالي والمقاومة بألف خير... الحكومة تعاني أزمة ثقة 

في حوار العام أجرى أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله جردة لقضايا المنطقة وتحولاتها وسردية تاريخية وزمنية لأحداث عاشتها المنطقة، مفنداّ بشكل ممنهج أحوال المنطقة وإشارات التغيير فيها، والتي كان أبرزها اتفاقات التطبيع بين عدد من الدول العربية وإسرائيل. وإذ لم يفاجأ بما سمَّاه “الخذلان العربي” وجد في موجة التطبيع زاوية “إيجابية” قضت على سوق النفاق وأسقطت الأقنعة. وقدّم تعاظم “العزيمة” على “الوهن” لدى محور المقاومة معتبراً أنّه اليوم “ودون مبالغة أقوى من أي وقت مضى”. وأن حزب الله في أفضل أحواله ويملك صواريخ دقيقة ضعفي ما كانت قبل سنة. أمّا الحكومة اللبنانية فتعيش “أزمة ثقة”.

في حواره الرقم 20 في العام 2020 على شاشة “الميادين” كان السيّد نصر الله مع الصحافي غسّان بن جدو كثيفاً وعميقاً في رسائله واتجاهاته. الحوار، الذي يعد تقليداً سنوياً لمحطة “الميادين” تخلّله تعدُّد في مفاصل الحوار من السياسي إلى الاستراتيجي والعسكري ونظرة على آفاق المرحلة، وصولاً الى أسئلة شخصية وانطباعات حول شخصيات محددة. أكثر من 3 ساعات تسمّر خلالها من يهمهم الأمر للاستماع إلى ما سيقوله سيّد المقاومة، وكالعادة وسائل إعلام إسرائيلية أول المعلّقين وأجمعت على أن ثمّة “مفارقة أنَّ مقابلة لأكثر من ثلاث ساعات كل دقيقة أكثر إثارة للاهتمام من سابقتها”.

ليس هناك معلومات دقيقة عن أن ترامب أو العدو الاسرائيلي سيقدمان على عمل ما لكنها مجرد تحليلات

 بداية الحوار مع القضية الأساس “فلسطين” حيث أكد الأمين العام على الثبات على عهد تحرير فلسطين وعلى صوابية قرار حماية سورية وعلى “عافية” المقاومة وتعاظم قوتها معتبراً أنه “على الإسرائيلي أن يقلق”. وفجّر معلومة للمرة الأولى لم تكن مسرّبة أو متداولة من قبل حول مخطط سعودي لاغتياله بالتعاون مع أميركا وإسرائيل. 

وفي حين غابت قضايا الساعة اللبنانية عن الحوار ما قلَّ فيها ودلّ، حضرت القضايا الاستراتيجية فسرد الأمين العام لحزب الله، معلومات حول محطات كثيرة محورية من فلسطين إلى سوريا والعراق حيث استطاع محور المقاومة تجاوزها بثبات. وهو إن لم يعطِ أهمية للتهديدات الإسرائيلية أكد لمن يُشيع “الوهن” في محور المقاومة بأن قدرة المحور أكبر بأضعاف مما كانت عليه قبل سنوات. أما التهديد بضربات أميركية وإسرائيلية مقبلة ضدّ حزب الله وإيران أكد أن “ليس هناك معلومات دقيقة عن أن ترامب أو العدو الاسرائيلي سيقدمان على عمل ما لكنها مجرد تحليلات”. ولكنَّه في الوقت نفسه اعتبر “ترامب حالياً مجنون غاضب ويجب أن نتعامل مع الفترة المتبقية من ولايته بحذر وانتباه” كي لا يتم استدراجنا إلى مواجهة غير محسوبة”.

أزمة ثقة لبنانية

حول تشكيل الحكومة في لبنان كان مقتضباً ولم يدخل في دهاليز الأخذ والرد فاختصر بقوله “ما صرّح به الرئيس المكلف مؤخراً حول وجود تعقيدات صحيح، هناك مشكلة ثقة تتشابك مع معطيات خارجية مؤكداً أنَّ النقاش حول تشكيل الحكومة داخلي لكن الثقة مفقودة بين الأطراف. وبرغم ذلك هناك أجواء إيجابية وتعاون بيننا وبين الرئيس سعد الحريري”.

وفي ملف ترسيم الحدود المعطّل مؤخراً، قال نصر الله إن “المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية في ظل الإدارة الأميركية الحالية لن تصل إلى أي مكان. ومن حقنا الطبيعي أن نمنع أي سرقة إسرائيلية للمياه اللبنانية وأداء الدولة اللبنانية في الملف جيد”. وحول الوضع اللبناني والخيارات الاقتصادية قال “نعتقد أن الوضع القائم حالياً لا يستطيع حزب واحد حمله، المشكلة في لبنان حالياً هي مشكلة خيارات، تحدثنا عن الاتجاه شرقًا لكن “ما حدا مسترجي”.

وعن حال المقاومة التي يروّج عن إصابتها بحالة ضعف، ردّ “على الإسرائيلي أن يقلق من المقاومة في البرّ والبحر والجو وهناك أمور لدى المقاومة لا يعلم عنها الإسرائيلي شيئاً وهي في دائرة ضيقة جداً” قال نصر الله. وأضاف “هناك أشياء عند المقاومة في لبنان لا يعرف العدو الصهيوني عنها شيئا وهي لم تزل سرية”. لافتاً إلى أن “الاستنفار الكبير الذي قامت به المقاومة كان على كل المستويات وعلى مرأى من الإسرائيلي وحركة المسيّرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية تشهد إرباكاً كبيراً خشية من رد المقاومة”.

 

الإسرائيلي على رجل ونصف

وفيما صوت التهديد بالحرب يتصاعد في المنطقة مع زيارات قادة عسكريين إلى المنطقة وحاملات الطائرات والبوارج الأميركية تسرح في مياه المتوسط، رأى السيد نصر الله أنَّ زيارة رئيس اركان الجيش الاميركي “مايك ميلي” الى إسرائيل وفق اعتقادي بطلب من إدارة بايدن لتبديد القلق الإسرائيلي”. وأضاف “الإسرائيلي يقف بقلق شديد على حدودنا مع فلسطين المحتلة”. وإذ نفى حدوث أي إنزال إسرائيلي في المياه اللبنانية “معلوماتنا أنه لم يحصل إنزال إسرائيلي في الجية كما قالت بعض وسائل الإعلام”، وأضاف “الإسرائيلي في حالة حذر شديد يقف على “رجل ونصف”.  موضحاً أنه وفق التجارب التهديد العالي النبرة يعني لا شيء.

 

مخطط سعودي لاغتيالي

أمّا الحديث عن مخططات لاغتياله فردّ “كل ما يقال عن اغتيالات مبني على تحليلات منطقية ولكن من دون معلومات حسية. وأتتني تحذيرات من أكثر من جهة منذ اغتيال الحاج قاسم سليماني. واغتيال سليماني هو عمل مشترك بين أطراف عدة. الاستهداف قائم أميركياً وإسرائيلياً”.

وفيما أشار إلى أن اغتيال الحاج عماد مغنية كان هدفاً أميركياً إسرائيلياً مشتركاً، تحدّث عن استهداف سعودي وتحريض “على اغتيالي منذ وقت طويل وبالحد الأدنى منذ الحرب على اليمن”. وأكد “قبل الانتخابات الأميركية وبعدها تم تحذيري من عملية اغتيال. واستهداف قادة حزب الله هو هدف أميركي اسرائيلي سعودي”.

هناك استهداف سعودي وتحريض على اغتيالي منذ وقت طويل وبالحد الأدنى منذ الحرب على اليمن

وفي معلومة تُذكر للمرّة الأولى قال السيّد نصر الله “معلوماتنا أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته إلى واشنطن مسألة اغتيالي والأميركيون وافقوا على طلب سعودي باغتيالي على أن تنفذه إسرائيل”. كاشفاً “قالت مصادر خاصة بأن السعودية تكفلت في حال حصول حرب إثر اغتيالي بدفع كافة التكاليف المالية”. واعتبر أن “السعودية خصوصاً في السنوات الأخيرة، لا تتصرف بعقل، بل بحقد والحرب الظالمة على اليمن خير شاهد”.

 

فقدان سليماني والمهندس

وفي استعادة للأدوار المحورية التي تولاها الشهيدان الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس تحدّث عن فداحة فقدانهما لمآثرهما الشخصية ولمهامهما الكبيرة في إفشال مخططات هدم المنطقة. وأشار إلى أن “اغتيال القائدين سليماني والمهندس كان عملية مكشوفة بخلاف اغتيال الشهيدين مغنية وفخري زاده”. وفي معرض توصيفه قال “الشهيد سليماني كان رجل استراتيجيا وتخطيط ورجل ميدان وتكتيك في آن واحد”. وعلى الصعيد الشخصي شرح أنه “هناك أشخاص في حياتي كنت أشعر أنهم أخوة لي وهكذا كان سليماني بالنسبة إلي”.

خلال حرب تموز الشهيد سليماني لم يغب عن الضاحية الجنوبية سوى 48 ساعة لرفع تقريره حول الوضع، بحسب السيّد نصر الله مؤكداً أنَّ “كل القصف الجوي الإسرائيلي خلال حرب تموز لم يتمكن من إيقاف الدعم اللوجستي للمقاومة”. وفي وقتٍ كان هناك من كان يتعمد في السلطة السياسية في لبنان التخطيط حتى يبقى الناس أطول مدة زمنية في الشوارع “الحـاج قـاسـم هو الذي تولى احضار الدعم وشكل اللجنة المدنية لإعادة الاعمار”.

أمَّا بالنسبة للشهيد المهندس فإن عقله السياسي على درجة عالية من الثقافة قائلاً أنّه “تحمّل المسؤولية الوطنية وله تجربة طويلة في الجهاد والمقاومة وكان مرشحاً لرئاسة الحكومة، كما كان شريكاً في صنع الانتصار في العراق على الوجود الأميركي وعلى تنظيم داعش”. وتحدّث عن تطوّر العلاقة بين سليماني وفصائل المقاومة الفلسطينية كلّها على اختلاف اتجاهات من خلال تقديم كل ما يلزم من تقنية تصنيع الصواريخ وتصدير صواريخ “كورنيت” وكل ما تحتاجه الفصائل دون خطوط حُمر. وكشف أن “الصواريخ التي استخدمتها المقاومة في حرب تموز اشتراها السوريون من الروس ونحن أخذناها”. والرئيس السوري بشار الأسد وافق على إيصال صواريخ “كورنيت” إلى حماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. وروى قصة صواريخ “كورنيت” التي غيّرت المعادلة وأثمرت انتصاراً ساحقاً على العدو الاسرائيلي في حرب 2006، “وهبتنا إيّاها سوريا بأمر من الرئيس الاسد، ولاحقاً طلب سليماني مني أن نرسل منها إلى غزة، قلت “علينا الاستئذان من الرئيس الأسد، ونصارحه، بأنّ حماس ستنال حصّة منها. تمّ الأمر، وهذا هو الأسد”.

 

لا يمكن التخلي عن فلسطين

الخذلان العربي، لم يفاجئ السيد نصر الله فهو موجود منذ عشرات السنين كان القادة العرب يبيعون الفلسطينيين “حكي” والحوار والعلاقات مفتوحة بين إسرائيل وبعض الدول العربية. ما يجري الآن اختلاف الزوايا فقط. نحن ننظر بإيجابية أنّ الكذب وسوق النفاق انتهى استُنفد والأقنعة سقطت وبانت حقيقة هذه الأنظمة والمنافقون والخونة يخرجون من الصفوف. وأضاف “أغلب هذه الأنظمة عندما كان ولاؤها للأميركي ولديها علاقات مع العدو باعت القضية منذ عشرات السنين “أنا اعتبر أنَّ هذا من علامات النصر أن الصفوف تتمايز وتتوضح الصورة”. ورأى أن فلسطين تشكل “عبئاً على بعض الأنظمة العربية والإسلامية وهي تتحجج بإيران في موضوع التطبيع مع إسرائيل”. لافتاً إلى أنه “بتنا في زمن بات فيه دعم فلسطين حتى بالكلمة مكلفاً بسبب السياسات الأميركية في المنطقة”.

وفيما اعتبر أن لا شيء يبرّر لأيّ أحد في العالم أن يتخلّى عن فلسطين، أكّد أن قدرة المقاومة الفلسطينية أكبر أضعاف وأضعاف ما كانت عليه منذ سنوات. والأهم من ذلك أن “روح المقاومة والإرادة والعزيمة عالية ولم تتراجع أبداً”. وفي حين شدّد على العلاقة مع الفصائل الفلسطينية لفت إلى أنَّ العلاقة مع حركة “حماس” التي شهدت بعض “البرودة” في وقت سابق، جيدة وأنّه التقى رئيس المكتب السياسي للحركة أكثر من مرّة وتحدثا بوضوح حول كافة قضايا المنطقة بما في ذلك سوريا. واعتبر أن العلاقة بين حماس وسوريا يجب أن “يُعاد ترتيبها بين الطرفين وفق ما يمليه المنطق وهناك أجواء إيجابية وإن كان ذلك يحتاج إلى وقت”. 

وأفرد السيد نصر الله للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي وقد نفّذت أكثر من 4800 عملية ضد القوات الأميركية ولكن كان هناك تعمية إعلامية كبيرة على عملياتها ضد الاحتلال الأميركي. وقال “حتى أنهم كانوا يستنجدون بالحاج قاسم سليماني لوقف هذه العمليات الموجعة ويهددون في الوقت عينه بضرب مراكز “فيلق القدس” في إيران ما لم تتوقف هذه العمليات”. وكشف أن “الجيش الأميركي أرسل رسالة إلى الحاج سليماني لمساعدته على الانسحاب من العراق من دون تعرّضه للنار”.

في المحصلة اعتبر السيّد نصر الله أن محور المقاومة حقق انتصارات ضخمة وأسقط مشاريع في المنطقة ولولاه لكان تنظيم داعش يسيطر على المنطقة، معتبراً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحتفظ بالقوات الأميركية في العراق وسوريا من أجل نهب ثروات البلدين والنفط.

 

الحرب الكونية على سوريا

أمّا سوريا والحرب الكونية التي شّنَّت عليها فقد  أخذت حيّزاً كبيراً من الحوار الذي استفاض فيه السيّد نصر الله في سرد بعض المعطيات التي أدّت إلى قرار دخول الحرب. وقال “كان هناك قرار دوليّ وإقليميّ كبير يرفض الحل السياسي للأزمة السورية”. وكشف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتنع بجدوى الدخول العسكري إلى سوريا بعد عرض الشهيد سليماني للواقع الميداني”. واعتبر أنَّ “روسيا عادت إلى العالم من بوابة سوريا”.

وفي حين أنه قبل دخول الحرب قاد الحزب مفاوضات مع جهات معارضة بالتوافق مع الرئيس الأسد للحلّ السياسي لكن “الكل كان يقول نحن لسنا في حالة حل سياسي ولا مفاوضات مع النظام وهو ساقط خلال أيّام”.

وكشف أن قرار الرئيس الأسد في الصمود “كان الدافع الرئيس لحلفائه في دعم دمشق والدخول في المواجهة إلى جانبها” وأنَّ “الرئيس الأسد لم يغادر دمشق على الإطلاق طيلة فترة المعارك وفي أصعب مراحل الحرب”. وقال “لم يكن أمامنا في سوريا سوى خيارين إما الاستسلام وسقوط المنطقة أو المقاومة والصمود وكان الهدف من تغيير النظام في سوريا الإتيان بنظام هش يبرم تسوية مع “إسرائيل” ويتماشى مع سياسة واشنطن”.

أمّا ما يروّج عن انتظار ملفات المنطقة لطاولة المفاوضات بين الادارة الأميركية الجدية وإيران قال السيّد نصر الله أن “الجمهورية الإسلامية لا تبيع أو تشتري في الملفات ولا تفاوض مع الأميركيين بدلاً عن شعوب المنطقة” وأضاف أنها “أبلغت الأوروبيين أنها غير معنية بالتفاوض عن اليمنيين أو غيرهم”، باختصار “إيران لا تفاوض نيابةً عنا”.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى