سفير سابق: لا انفراج اقتصادي وتجميد للعقوبات في العهد الحالي.. الـ23+ حل لأزمة الحدود
منصور لـ"احوال": "الغاز العربي" مقابل "الترسيم".. حذار من توريط المقاومة!
لم يخرج ملف تفعيل خط النفط العربي الى لبنان عن دائرة المراوحة والمناورة الأميركية رغم مرور ثمانية أشهر على إعلان واشنطن استعدادها لاستثناء هذا الشريان الحيوي عن عقوبات قانون العقوبات الأميركي “قيصر” المفروض على سوريا منذ سنوات، ولم تدخل الاتفاقية الموقعة حيّز التنفيذ رغم إنجاز كامل الاجراءات اللوجستية اللازمة بين لبنان وسوريا ومصر والأردن.
لكن هذا الاتفاق دونه عقبات سياسية وقانونية تتعلق بحسابات الإدارة الأميركية وأهدافها وربط هذه الاتفاق بملفات عدة في المنطقة، لا سيما ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل” في ضوء التصعيد الحالي على الحدود بين لبنان و”اسرائيل”.
بعد عام من المماطلة والمراوغة الأميركية، وقع لبنان ومصر وسوريا منذ أيام عقد اتفاقية شراء الغاز الطبيعي من مصر واتفاقية نقل ومبادلة الغاز مع مصر وسوريا.
لكن ربط هذه الاتفاقية بشرطي الموافقة الأميركية وتمويل البنك الدولي، قد يُفرّمل تنفيذ الاتفاقية، وهذا ما ختم به وزير الطاقة وليد فياض كلامه خلال توقيع الاتفاقية، بقوله: “نأمل أن تكون كل العقبات قد ذُلّلت من أجل تأمين التمويل من البنك الدولي والضمانات النهائية من الولايات المتحدة خصوصاً لما يتّصل بالعقوبات”.
فهل تأتي إشارة المرور الأميركية لخط الغاز ويمول البنك الدولي الاتفاقية؟ أم أن التنفيذ مرتبط بشروط سياسية تتصل بتنازل لبنان في ملف ترسيم الحدود وقضايا أخرى؟
للتذكير أنه بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله العام الماضي عن استيراد الغاز والنفط الإيراني، توجهت السفيرة الأميركية في لبنان دورثي شيا بزيارة مفاجئة وسريعة الى بعبدا، وأعلنت عن أن بلادها ستفعل خط الغاز العربي الى لبنان، وأنها ستصدر الاستثناءات القانونية اللازمة لاستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان عبر سوريا.
إلا أن الموافقة الأميركية لم تصدر ولا زالت حتى الآن موضع تجاذب أميركي داخلي وتأجيل إلى أن “نام” الملف في أدراج الإدارة الأميركية، ليعود الى الواجهة بعد ارتفاع نبرة التصعيد في ملف الترسيم واستقدام باخرة الاستخراج الإسرائيلية الى حقل “كاريش”، فسارع المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت حاملاً عرض الاسراع بتنفيذ خط الغاز العربي.
وزر الخارجية والمغتربين الأسبق د. عدنان منصور يرى يضع التصريحات الأميركية لتشغيل خط الغاز العربي في اطار الوعود الوهمية والمخادعة، ويقول في حديث لـ”أحوال”: “إذا أرادت واشنطن فعلاً مساعدة لبنان وتفعيل هذا الخط، لكانت فعل ذلك منذ 9 أشهر عندما أعلن السيد نصرالله العزم على استيراد المازوت والبنزين من ايران، وعلى الأقل لكانت أرسلت باخرة نفط واحدة لفك الحصار عن لبنان، لكن كلامها ذر للرماد في العيون للقوطبة على أي توجه لبناني للانفتاح على ايران”.
ويلفت منصور إلى أننا “لم نشهد أي خطوة عملية وجدية لتشغيل الخط النفطي”، متخوفاً من عرقلة عملية التمويل تحت حجج ومبررات متعددة، مضيفاً: “لو كان هناك نية أميركية جدية لتجاوزت كامل العقوبات المفروضة على سوريا ولبنان”.
ويعتبر منصور أن القضية أبعد من مسألة خط غاز، بل تريد واشنطن أخذ لبنان الى الموقع الذي تريده من عبر ممارسة شتى الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والامنية لنشر الفوضى فيه. ويربط منصور بين ما يجري من حصار على لبنان وبين تطورات وأزمات المنطقة، من قضية ترسيم الحدود إلى الملف النووي الايراني والوضع في سوريا والعراق وفلسطين واليمن.
ويلاحظ أن السلوك والتصريحات الأميركية يوحي بربط خط الغاز العربي بملف ترسيم الحدود، وبالخط 29 تحديداً، مستبعداً أن ينال لبنان حقه في كامل الثروة النفطية والغازية لغياب الموقف الوطني الواضح المتمسك بالخط 29 الذي رسمته قيادة الجيش. ويسلط منصور الضوء على خطأين ارتكبهما المفاوض اللبناني: الأول اعلان أن الخط 29 هو خط للتفاوض وليس خط حقوق لبنانية صرفة، والثاني مقايضة حقل “كاريش” التي أثبتت الدراسات الاسرائيلية والدولية خلال عملية التنقيب اختزانه ثروة غازية، مقابل حقل قانا الذي لا تزال ثروته مجرد تقديرات غير مثبتة.
ويستبعد منصور تنفيذ اتفاقية خط الغاز العربي، ويعتبر أن “قانون قيصر استهدف لبنان بالدرجة الأولى كما استهدف سوريا، ومنعه من التعاون مع سوريا في مختلف المجالات وبالتالي لن يسمح بالتعاون النفطي بين الدولتين. ويبدي اعتقاده، أن “اسرائيل” لن تتنازل للبنان عن الخط 29 ولا عن الخط 23 الذي ستفاوض عليه، بسبب تخلي لبنان عن الخط 29، ما يجعل لبنان بموقع الضعف بغياب الموقف الموحد الذي يستند إلى عامل القوة وهي المقاومة.
ويتخوف منصور من استكمال “اسرائيل” الأعمال التحضيرية للاستخراج بتغطية أميركية وإلهاء الدولة اللبنانية بالمفاوضات، لتبدأ “الباخرة” باستخراج الغاز فيما توضع المقاومة في موقع الاحراج بين توريطها بحرب عسكرية لن تستطع المجازفة فيها قبل أن تتخذ الدولة القرار، وبين الصمت عن تنازل الدولة عن حقوقها.
ويتلاقى سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، مع الوزير منصور في هذه النقطة، ويشير إلى أن “الخطأ الرسمي بدأ عندما وضع المفاوض اللبناني الخط 29 كخط تفاوضي ما أسقطه فوراً الى حدود الـ23 طالما لن نُثبته رسمياً في الأمم المتحدة”، ويُرجح الديبلوماسي السابق أن يكون الحل لملف الترسيم، بنيل لبنان الخط 23 + أو خط هوف ++”.
ويعتقد شديد أن الأميركيين لن يخففوا من الضغوط على لبنان ولن يقدموا المساعدات للدولة اللبنانية التي لم تنجز الاصلاحات المطلوبة حتى الآن، وأيضاً بسبب هيمنة حزب الله على القرار اللبناني وفق ما يقولون، إذ تعتبر واشنطن أن رئيس الجمهورية الحالي حليف الحزب وبالتالي لن نشهد أي انفراجات اقتصادية ومالية واستثناءات للعقوبات الأميركية في العهد الحالي.