أخبار زائفة

الأخبار الزائفة سيف الإعلام القاتل وللوطني الحر حصة الأسد منها

تنتشر الأخبار الزائفة أو الكاذبة كالنار في الهشيم على مواقع التواصل والمواقع الالكترونية إلى حدّ فقد المواطن الثقة بأيّ خبر منشور حتى لو كان حقيقياً. ويهدف البعض من نشر الأخبار الكاذبة إلى سبقِ إعلاميِ يفاخر من خلاله بسرعة نشره الخبر، فيما يعمد البعض الآخر إلى خداع الناس لتنفيذ أجندات معروفة المصدر والسبب.

بين الأخبار الكاذبة والأخبار المضلّلة… كذبة مقصودة وحقيقة مجهولة

يتم تعريف الأخبار الزائفة بالشكل التالي: خبر ملفّق دون حقائق أو مصادر أو اقتباسات يمكن التحقق منها. قد تكون هذه القصص عبارة عن دعاية تستهدف عن قصد تضليل القارئ، أو يتم تصميمها على أنها “clickbait” ذات تحفيزات مادية ( رابط / عنوان مصمّم بطريقة تجعل القراء يرغبون في قراءتها).  الأخبار الكاذبة ليست حديثة، إنّما تزايدت نسبتها في السنوات الأخيرة، وساهمت في انتشار القصص الإخبارية المزيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سهولة وسرعة مشاركتها على الإنترنت.

وفي عالم موازِ، تنتشر الأخبار المضلّلة، الأخطر والأدهى في توصيل المعلومات؛ حيث تحتوي بعض القصص على جزء صغير من الحقيقة، ولكنها تفتقر إلى أي تفصيل حقيقي يتعلّق بسياق الخبر. قد تتضمن بعض القصص حقائق أساسية يمكن التحقّق منها، ولكنها مكتوبة بلغة تحريضية عمداً، أو متجاهلة التفاصيل ذات الصلة، أو مستعرضة وجهة نظر واحدة فقط.
وقد تكون المعلومات المضلّلة معلومات خاطئة أو غير دقيقة تم نشرها عن طريق الخطأ أو عن غير قصد؛ ولكن حتماً القصد هو عدم الخداع هنا. يمكنك التمييز عندما يقوم الناشر بالإعتذار لوقوعه في فخّ المعلومات أو سحب المنشور من التداول (سيّما عن مواقع التواصل).

بالمقابل، تصنّف بعض الفرضيات الإعلامية المعلومات المضللّة في إطار المعلومات الكاذبة التي يتم نشرها عمدًا للتأثير على الرأي العام أو إخفاء الحقيقة لأهداف محدّدة.

من يؤلّف وينشر الأخبار الزائفة؟

ترتبط المعلومات المضلّلة والمعلومات الكاذبة التي يتم إعدادها ارتباطًا مباشرًا بمن هو المؤلف والأسباب المختلفة وراء ترويجها. وتشير نظريات إعلامية إلى المؤلفين كالتالي:

  •   صحافي / ناشط يريد كسب المال، بغض النظر عن محتوى المقال.
  •   ناشطين يريدون جذب الانتباه عبر نشر أخبار تشعل مواقع التواصل.
  •  حزبيين يريدون التأثير على المعتقدات السياسية وصانعي القرارت.
  •  مؤثرين على مواقع التواصل وأصحاب الحسابات الكبيرة والتي غالباً ما تكون موّثقة، يستخدمون حساباتهم للتضليل نظراً لحجم متابيعنهم، الذين يساهمون في دورهم بانتشار الكذبة،حتى تصبح إلى حدِ كبير تشبه الحقيقة، على قاعدة ” الكلّ عم يحكي هيك”.

إلى ذلك، ساعدت السهولة التكنولوجية لنسخ المحتوى ولصقه والنقر فوقه ومشاركته عبر الإنترنت في انتشار هذه الأنواع من المقالات. في بعض الحالات، يتم تصميم المقالات لإثارة استجابة عاطفية ووضعها على مواقع معينة (“مصنفة”) من أجل حثّ القراء على مشاركتها على نطاق واسع. في حالات أخرى، يتم إنشاء مقالات “الأخبار الزائفة” ونشرها بواسطة “الروبوتات”- خوارزميات الكمبيوتر المصممة للعمل مثل الأشخاص الذين يشاركون المعلومات، ولكن يمكنهم القيام بذلك بسرعة أكبر وبشكل تلقائي.

 

التيّار الوطني الحرّ من ضحايا الأخبار الزائفة

نشرت الوزيرة السابقة ندى البستاني تغريدة  اليوم الإثنين تحمّل فيها الإعلام مسؤولية فتح الهواء لنشر الأكاذيب، وأشارت إلى “اغتيال سياسي” تعرّضت له عبر الشائعات. وقالت في التغريدة:

 

وأعادت البستاني نشر تغريدة كشفت أنّ القاضي غسان خوري أصدر بلاغ بحث وتحرِ بحق شارل سابا حيال الشكوى المقدمة بحقه من الوزيرة ندى البستاني، بعدما تغيّب عن الحضور دون عذر:

 

على صعيد الأحزاب اللبنانية، كان للتيّار الوطني الحرّ حصة الأسد في الأخبار الزائفة التي طالته. بمعزل عن تقييم أدائه السياسي هنا، انتشرت عدة شائعات طالت الحزب، فيما قلّة تناولوا تكذيب الشائعة أو عرض الحقيقة بعد ظهورها.

مصادر إعلامية في التيّار قالت لـ “أحوال” إنّ هدف الشائعات هو الاغتيال المعنوي لرئيس التيار والتيار نفسه؛ ولفتت أنّ مروّجي الشائعات مبرمجين وليسوا عفويين. وأشارت المصادر على سبيل المثل، لا الحصر، عن شائعة فبركة صورة جبران باسيل الأخيرة في المستشفى جراء إصابته بوباء كوفيد 19 أنّها تأتي في إطار الاغتيال المعنوي، بهدف ابعاد أيّ تعاطف معه، وبالتالي عزله معنوياً وسياسياً.

وتحدثت المصادر عن عدة أخبار كاذبة طالت التيّار وحاولت تهميش صورته (شراء  باسيل لطائرة خاصة، أعداد العقارات، شراء شركة توتال، سيارات ميبخ)؛ ولفتت المصادر أنّ “الكل يعلم أنّ جبران لا يملك طائرة أو يخت، ولم يشترِ شركة كورال ومحطات محروقاتها، إنّما نجحت الشائعات في الإيحاء بأنّ باسيل يمتلك ثورة وثروته تعود لأدائه  السياسي”. وتابعت المصادر، رغم ثبوت الحقيقة واعتذار جو معلوف عن تقرير العقارات مثلاً، بقي الانطباع لدى الرأي العام نفسه.

واعتبرت المصادر الإعلامية في التيّار أنّ الهدف من التطرّق لثروة جبران، ويخت سيزار وسيارات الميبخ وشركة كورال أو قضية تحويل أموال ندى البستاني إلى الخارج، هو التعرّض لسمعة التيّار وتجييش الراي العام ضده.

بخصوص قضية ندى البستاني التي نفاها البنك السويسري في تغريدة على تويتر، أشارت اللجنة الإعلامية للتيّار أنّه سيُعاد رفع الدعوى، وقد تمّ بالفعل صدور قرار بحث وتحرِ بحقّ مطلق الشائعة شارل سابا.

قبل الأزمة الاقتصادية، طالت التيّار شائعات كثيرة حول مركزه الجديد؛ وكان المفترض تحويل الأموال التي كسبها التيّار جراء ربحه الدعاوى لتجهيز المركز، لكن تفاقم الأزمة تطلّب تحويل الأموال إلى تلبية متطلبات ذات أولوية.

وعن مصدر الشائعات، قالت المصادر: “هناك أكثر من مطبخ وماكينة، على رأسها  الأخصام السياسيين الداخليين كالقوات وأطراف تنطوي تحت ثورة  17 تشرين”.  حول ملفات وزارة الطاقة، اتهمت المصادر القوات والاشتراكي؛ وفيما يتعلّق بدور حركة أمل كخصم سياسي في ترويج الشائعات، ورداً على سؤال، قالت: “لا نعتقد أنّ قيادة حركة أمل شاركت في خلق شائعات عن التيّار، إنّما حاول بعض جمهورها تحريف مواقف التيار بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي.”

عن دور الإشتراكي الذي لفتت له المصادر هنا، أشارت إلى ما قام به النائب هادي ابو الحسن بتوجيه الشكر لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والنائب أيمن شقير لإنجاز سد القيسماني، “وهو عمل يُحسب للتيار. ”

لا تهدف كل الشائعات لتشويه السمعة، بحسب المصادر، بل هناك أهداف سياسية ترتكز على أصوات مسموعة بين صفوف الإعلاميين والناشطين.

ولفتت المصادر أيضاً إلى شائعات طالت رئيس الجمهورية ميشال عون، سيّما حالته الصحية الحرجة خلال الثورة، مشيرة أيضاً إلى قصة توزيع الشاي، وتفريغ الركاب من الطائرة، التي اعتبرتها المصادر تحضيراً لثورة تشرين.

واعترفت المصادر بتقصير دور الإعلام  في التيار بالردود، حيث كان  يتوجّب عليهم الإسراع في الردود وتكذيب الإشاعات، وعدم الإكتفاء بانتظار حكم القضاء. “وهذا ما نعمل عليه حالياً.”

 

هكذا تحمي نفسك من الأخبار الكاذبة

قد ترى أنّ التيّار أخطأ في أدائه السياسي، كشريك حتميّ في ما آلت إليه البلاد، وقد لا يتناسب مع توجهك السياسي، إنّما المشاركة في ترويج الأخبار الكاذبة عنه حتماً يصّب في مصلحته، على قاعدة: ليست المرّة الأولى التي ينتشر فيها خبر ويتم نفيه أو تكذيبه بالأدلة. إلى ذلك، تبقى المواجهة الحقيقة بالبحث عن الحقيقة الكاملة الشفافة للنهوض بالوطن.

لذا، أصبح من الضروري عدم المساهمة في تصديق أو نشر أي خبر يناسب توجهاتك على حساب الحقيقة. بالمقابل، نعلم جيداً أنّ المناخ السياسي والأمني في لبنان قد يجعل من السهولة بمكان تصديق أيّ خبر.

في هذا السياق، وكي لا تكون ضحية الأخبار الزائفة، فيما يلي بعض المبادئ الشاملة التي ستمكّنك من الشعور بثقة أكبر فيما تراه عبر الإنترنت. هذه المبادىء أشارت إليها فرضيات إعلامية تبحث في هذا الشأن، وتعتبر أنّ مكافحة “الأخبار الكاذبة” أصعب بكثير مما نعتقد؛ فقد أدى انتشار وتبسيط أدوات الويب إلى جعل إنشاء محتوى “إخباري” عبر الإنترنت أسهل من أي وقت مضى:

  1. القراءة على نطاق واسع: للحصول على فهم كامل لقضية ما، من المهم قراءة معلومات من عدة وجهات نظر، بما في ذلك الأخبار من المصادر التي لا تتوافق مع مبادئك السياسية.
  2. متابعة أخبار وقضايا اليوم على مدى فترة طويلة من الزمن يمكن أن يمنحك منظورًا طويل المدى لما يحدث. يمكنك استخدام الاستراتيجيات الموضحة في مكان آخر للقراءة بعين ناقدة، ولكن من المهم أن تقرأ من مجموعة متنوعة من المصادر من أجل الكشف عن وجهات نظر بديلة حول الأخبار التي ربما لم تفكر فيها.
  3. كن أكثر راحة مع الغموض: يمكنك قراءة أخبار تتحدى فهمك لقضية ما أو تعارض فكرتك السابقة عن كيفية التعامل مع مشكلة ما. في بعض الأحيان، قد لا يمنحك بحث غوغل السريع إجابة محددة لأسئلة اليوم المعقدة. ربما يكون من غير الواقعي التوصل إلى استنتاج مفاده أن هناك إجابة واحدة محددة لكل سؤال. استخدم أفضل حكم لديك وادعم أفكارك بأدلة أخلاقية.
  4.  في حال لم تقرأ مقالة إخبارية بعين موضوعية، لا تشاركها. أنت فقط من يمكنه إيقاف انتشار الأخبار المزيفة والمعلومات المضلّلة. اقرأ الأخبار عن كثب واسأل مصادر موثوقة عما تراه. إذا كنت غير متأكد من صحة ما تقرأه، لا تشاركه مع الآخرين.

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى