عندما يصغي رؤساء اللوائح إلى “تمنيات” البعثات الديبلوماسية!
إزاء ما يتردد من “إهتمام” ديبلوماسي غربي بالإنتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من شهر آيار المقبل، باتت العديد من الأوساط المراقبة تتساءل: “أين أصبح الشعار الشهير “سيادة، حرية، إستقلال” الذي رفعته قوى الرابع عشر من آذار عندما إنشطر البلد عامودياً بينها وبين الثامن من آذار، من منطلق أن دولاً محددة كانت تقف خلف الفريق الثاني كانت تتدخل في الشأن اللبناني، وأن قوى الرابع عشر من آذار “نقية، صافية، لا تشوبها شائبة تدخل خارجي”.
منذ بدأ قطار الإنتخابات في لبنان بالتحرك، لم يعد اللبنانيون يستطيعون التفريق بين المرتبطين بالسفارات الغربية في لبنان وفي مقدمتها السفارة الأميركية في بيروت، وبين من يُطلق عليهم تسمية جمعيات المجتمع المدني المعروفة إختصاراً بالـ NGOs فاختلط الحابل بالنابل، إلى أن بدأت بعض “الوفود الديبلوماسية” بالتحرك علناً وعلى “رأس السطح” إثر إعلان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري تعليق عمله وعمل كل من يمت إليه او الى تياره بصلة انتخابياً وسياسياً، وتحديداً بإتجاه الدائرة الإنتخابية الأولى في الشمال أي محافظة عكار لردع المتحمسين بشكل أو بآخر، أو على الأقل وضعهم “تحت المراقبة الإنتخابية” كما أحب بعض المراقبين توصيفهم.
ولاحقاً لم يظهر أن مثل تلك التحركات قد وُضعت لها ضوابط من قبل السلطات المعنية بتنقلات الديبلوماسيين كما يحصل في عواصم الدول التي إنتدبتهم. إلى أن عَلِم موقع “أحوال” من مصادر مطلعة، أن مراجع ديبلوماسية رفيعة المستوى “تُصدر تمنيات” إلى رؤساء لوائح باستبعاد هذا الإسم أو تزكية ذاك، بكل ما في ذلك من “حرية، وسيادة وإستقلال”، ويتردد أن ذلك حصل في أكثر من دائرة في محافظة الشمال ومع اكثر من “رئيس لائحة”.
ومن منطلق أن ليس من سرٍ مخبأ في لبنان، فأين السلطات المعنية (إذا بقي فعلاً من مضمونها شيء)، وأين الدوائر التي تراقب الإنتخابات وحيثياتها من إتخاذ ما يلزم من تدابير لحفظ ماء الوجوه التي تلونت وصُبِغت بالعديد من المواد الصبغية التي يعود بعضها إلى الأرجوان الفينيقي الذي تم تصديره إلى العالم؟ أم ربما العديد من الوجوه السياسية في هذه البلاد باتت تُشبه شخصية “أبو إلياس الفالوغي” في مسرحية “صيف 840” للأخوين الرحباني، والذي كان يقبض بالعملتين الفرنسية والعثمانية ويوزع رجاله العشرة مناصفة بين الفريقين، مشدداً عليهم بالإنتباه من أن يصوبوا الرصاص على بعضهم البعض، في حين كان يرقص بأكياس المال ويتغندر إلى أن انتهى به الأمر منبوذاً من الطرفين.
الكثير من المراقبين يذكرون أن التدخلات الخارجية في بلد الأرز ليست جديدة إنما هي تعود إلى ما قبل نظام القائم مقاميتين في الجبل اللبناني حين كان للقناصل الكلمة الفصل والتوجيه اللازم الذي كان يعمل أحياناً على الاستقرار، وأحياناً كثيرة على الصراعات الدامية من أجل تسهيل التدخلات أكثر وأكثر، فيما كان اللبنانيون يجدون أنفسهم متصارعين متباعدين تحت عنوان كبير هو “صراع الأخوة”.
وإذا كان اللبنانيون قد سهوا أو خانتهم ذاكرتهم بما حصل بهم من جراء حروبهم وصراعاتهم فما عليهم سوى التسمّر أمام شاشات التلفزيون ليشاهدوا ما يحصل في أوكرانيا لعلهم يتعظون!
مرسال الترس