منوعات

تجميد “قانون المُهل” سيدفع المصارف للحجز على الأملاك والأصول

فياض لـ"أحوال": إشكالية كبيرة بعد 31 آذار وقدمت اقتراحات للحل

تنتهي مفاعيل “قانون تمديد المهل” المتعلق بسداد القروض والضرائب والرسوم، في 31 آذار المقبل من دون أن يُمدّد مجلس النواب مفاعيل القانون في الجلسة التشريعية التي عقدها أول من أمس، مع استبعاد عقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر المقبل، باستثناء جلسة مخصصة لمناقشة قانون الموازنة العامة للعام 2022 والتي من غير المضمون إقرارها قبل هذا التاريخ.

تجاهل مجلس النواب “المقصود” لتمديد هذا القانون في جلسة الاثنين، باستثناء بعض النواب الذين يضغطون في هذا الاتجاه ويحضرون اقتراحات قوانين، يُهدد الأمن الاجتماعي للمواطنين ويضع البلد أمام كارثة اجتماعية خطيرة.. إذ أن الغالبية العظمى من اللبنانيين اقترضوا من المصارف قبل أزمة 17 تشرين 2017 ولم يسددوا قروضهم حتى الآن، وكذلك الشركات التجارية والصناعية والسياحية التي أُعفيت من الرسوم والضرائب، وهذا يشمل أيضاً عقود الدولة مع شركات النفايات وخدمات الكهرباء وغيرها.

يعود سبب إقرار هذا القانون في العام 2020، الى الظروف الاستثنائية التي واجهتها البلاد خلال العامين المنصرمين، لا سيما الانهيارات المالية والاقتصادية الهائلة وتجميد النشاط الاقتصادي بسبب انتشار جائحة كورونا. وهذا التدبير القانوني يجري العمل به في كل دول العالم في الظروف الاستثنائية الخطيرة التي تتعرض لها الدول.

وجرى تمديد المهل كل ستة أشهر منذ العام 2020 عبر أربعة قوانين ، بحسب ما توضح مصادر نيابية مطلعة على الملف لـ”احوال”:

القانون 166، القانون 183، القانون الأساسي 199، ثم القانون 237، وبعدها مُدِد العمل بالمادة الأولى من القانون 237 في 5-1-2022 حتى 31 -3-2022، بما يشمل فقط إيقاف المهل العقدية والقانونية التي لها علاقة بالمحاكم، وما عدا ذلك بما يتعلق بالقروض والاعفاءات والغرامات، وكل مضمون المادة 22 والمادة 34 من قانون موازنة العام 2020 التي تتضمن كل إعفاءات الغرامات وتخفيضها.

والأمر الذي يُثير التساؤل ويخفي نوايا مبيتة لـ”حزب المصارف” في المجلس النيابي، يكمن في أن تمديد مفاعيل قانون المهل كان يتم كل ستة أشهر، وللمرة الأولى جرى تمديد العمل به لمدة ثلاثة أشهر فقط في 1 كانون الثاني الماضي بطلب من الحكومة الحالية.

فهل يهدف ذلك للتمهيد لمرحلة إلغاء القانون؟ وكيف يتم ذلك من دون وضع خطة نهوض اقتصادي وحماية اجتماعية واستعادة النشاط الاقتصادي وتحسين رواتب الموظفين وتخفيض سعر صرف الدولار؟

وهل تم ذلك بالتواطؤ بين رئيس الحكومة وبين النواب المحسوبين على “حزب المصارف” الذين بدأوا بتطبيق الخطة “ب” لإطفاء الجزء الثاني من خسائرهم المالية من المدينين والمُقترضين، بعدما أنجزوا الخطة “أ” بسد الجزء الأول من الخسائر من الودائع المصرفية؟ وإلا لماذا عمد بعض “نواب المصارف” لإسقاط صفة العجلة عن اقتراح القانون المقدم من النائب فياض؟

في الجلسة التشريعية أول من أمس، طرح عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض تمديد العمل بالقانون، فطُلِب منه تقديم اقتراح قانون كون عضو كتلة التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر طرح اقتراحاً شبيهاً (اقتراح قانون معجل مكرر)، لكن فياض بحسب ما يؤكد لـ”أحوال” سيتقدم باقتراح قانون، مع اشارته الى أن الأهم هو انعقاد جلسة لمجلس النواب قبل نفاذ مهلة مفاعيل القانون في 31 آذار المقبل. وفي حال لم تعقد جلسة تشريعية، سيحاول فياض تمرير القانون في قانون الموازنة.

وتشير معلومات “احوال” الى أنه في أحد الاجتماعات التي عقدت في وزارة المال خلال الشهر الأول من العام الحالي، شدد المعنيون بالشأن المالي بمن فيهم ممثل رئيس الحكومة ووزير المال وجمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان، على حاجة الخزينة الى المداخيل وبالتالي ضرورة تعليق المهل في القانون، وعلى هذا الأساس مدد العمل في المادة الأولى من القانون 237.

وعاد هذا الفريق في الجلسة النيابية الاثنين الى طرح رؤيته، ما دفع بالنائب فياض الى التسليم بحاجة الدولة الى إيرادات لتغطية حجم الانفاق، لكنه اقترح أمرين:

الأول: تمديد المادة للمتعثرين من سداد القروض حتى آخر السنة كون الأسباب الموجبة لاتزال قائمة

الثاني: تخفيض غرامات التأخر عن تسديد الرسوم البلديات للمالية ودفع تكاليف غرامات التحقق والتحصيل المرتفعة.

ويعِد فياض بأنه سيتقدم باقتراح قانون لتدارك التداعيات السلبية، آملاً بأن يقر القانون قبل 31 آذار المقبل في مجلس النواب أو تضمينه الموازنة.

لكن ماذا لو لم تُقر الموازنة حتى ذلك الحين؟ هل ستستغل المصارف الانتهاء التلقائي لمفاعيل القانون، لتحصيل قيمة ديونها على الشركات الصناعية والتجارية والسياحية والقروض المتبقية وفوائدها من المقترضين، لا سيما القروض السكنية تحت طائلة الملاحقة أمام القضاء؟ وتشتد الكارثة فيما لو تم اعتماد دولار تسديد أقساط القروض وفق منصة صيرفة؟

وماذا لو رفض المقترضون والمدينون دفع الديون والقروض المتوجبة المستحقة؟ هل ستلجأ المصارف الى الحجز على أملاك وأصول المقترضين والشركات المدينة؟ وهل سيؤدي ذلك الى تشريد آلاف العائلات في الشارع وافلاس مئات الشركات؟ وهل يستطيع مجلس النواب تحمل هذه المسؤولية قبل الانتخابات النيابية المقبلة؟

واستطراداً هل تتمكن المصارف من تحمل ردود الفعل الشعبية الناقمة أصلا على المصارف المتهمة باحتجاز الودائع وسرقة أكثر من 70 في المئة منها من خلال التعاميم المصرفية المتتالية؟ وخصوصا في ظل المنازعات القضائية التي تتزايد بين المصارف وعملائها والتوتر الأمني الحاصل على أبواب المصارف؟

يُشير فياض في هذا الاطار الى أننا سنكون أمام مشكلة بين المصارف والمقترضين، لأن القانون 199 يجدول الديون، “بعد انقضاء مفاعيل القانون يجري جدولة ديون المتعثرين من عام الى ثلاث سنوات، وبالتالي لا يحق للمصرف أن يلزمهم بالدفع الكلي للديون، أي الحل حينها تقسيط الديون على ثلاث سنوات.

لكن ألا يعتبر ذلك تشريعاً للمصارف بتحصيل ديونهم من المواطنين لجهة الفوائد وقيمة القروض؟ في المقابل لم تُسدد المصارف الودائع لأصحابها ولا الفوائد المترتبة عليها منذ عامين ونيف، وتحتفظ لنفسها بحق استيفاء القروض والفوائد!

وفيما انتقلنا عملياً بعد 31 آذار من مرحلة التعليق الى الجدولة، يشير فياض في هذا الصدد الى أن القانون لا يُلغي حق المصارف في استيفاء ديونها، لكن يمنعها من اتخاذ إجراءات قانونية ضد المقترضين. ويدعو فياض الى إيقاف الفوائد التي تستوفيها المصارف من المقترضين.

خبراء قانونيون عليمون بالملف يوضحون لـ”احوال” الى أن “القانون الأساسي الذي يرعى هذا الملف أي 199 يمنع فرض أي جزاءات على التخلف عن سداد القروض وفوائدها، لكن البند الرابع في القانون ينص على تسديد الأقساط والدفاعات المالية التي تم تعليق العمل بها للمصارف والضمان الاجتماعي ووزارة المال ضمن جدولة زمنية بين سنة وثلاث سنوات، وبالتالي لا تستحق المبالغ دفعة واحدة”.

لكن جوهر القضية بحسب الخبراء تكمن في أي سعر للدولار سيجري اعتماده لتحصيل القروض؟ القانون لا يزال يعترف بدولار السعر الرسمي أي 1500 ليرة ولم يجر توحيد سعر الصرف حتى الساعة، بانتظار أن يقر مجلس النواب سعر الصرف الجديد. وتقع الكارثة حتماً بحسب الخبراء في حال تم اعتماد منصة صيرفة لتحصيل القروض.

فهل يستدرك نواب الأمة هذا الخطر الكبير قبل فوات الأوان؟.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى