50/50 سامي كليب: لعبة الأمم بإنصاف المرأة لإنصاف المجتمع
عنهنّ ولهنّ، لأنّ مكان المرأة اللبنانية في البرلمان وعلى طاولة القرار، ولأنّ حقّها الإنصاف بالمُناصفة لأجل العدالة كان برنامج فيفتي فيفتي “50/50″…. هكذا عرّف البرنامج عن نفسه، وهكذا بدأت من هذا الخميس مرحلة جديدة ومتميزة من البرامج الحوارية الهادفة.
المرأة عورة! عقولكم نيّرة؟
منذ نحو أسبوعين بدأت قناة الـ “أل بي سي” ومنظمة فيفتي فيفتي، صاحبة الفكرة، تسويق البرنامج إعلامياً، وهو من تقديم الاعلامي المخضرم سامي كليب وبمشاركة الكاتبة كلوديا مرشليان في الاعداد، وكان لافتاً حجم ردود الأفعال على الفكرة والمقدم، والأسوأ كانت تلك السلبية والاستخفاف التي طبعت الردة الأولى.
منطقياً لا غرابة أن تصطدم فكرة البرنامج بردود سلبية في مجتمعاتنا العربية عامةً ولبنان خاصةً، وقد تراكمت جدران من التمييز وهدر حقوق المرأة، والانسان، بكل التفاصيل فكيف بها في الحق بالعمل السياسي؟.
ولا تستغربن قراءة تعليقات ذكورية و”شوارعية” على الفكرة، دور المرأة ينحصر في المطبخ والانجاب وإمتاع الرجال جنسياً، ومنهم من تمادى في “الفلسفة” للسؤال عما “ستفعله السيدة اذا كانت نائبة في البرلمان ولديها أطفال فكيف سترضع طفلها مثلاً؟ او ماذا ومتى ستطبخ لعائلتها؟”. هذا عدا عن التعليقات الجنسية المقززة التي تسود لغة بعض الشارع اللبناني.
هذا في فكرة البرنامج، عدا عن ردة الفعل تجاه مقدم البرنامج الاعلامي سامي كليب وكيف شُنت عليه حملة شعواء لا تخلو من العنصرية أيضاً “كيف ينتقل سامي كليب من برنامج لعبة الامم الى مواضيع أقل قيمة تضيء على المساواة في المجتمع”، أو أن يُتهم ببيع رأيه وموقفه السياسي مقابل المال لقناة أل بي سي.
50/50
البرنامج من ضمن طموحات مُنظمة “فيفتي فيفتي”، التي تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في القطاعين العام والخاص، وبشكل أساسي في مواقع صنع القرار السياسي.
فلبنان في المرتبة الـ15 بين 17 دولة عربيّة لجهة التمثيل النسائي في البرلمان، والمرأة اللبنانية المُتعلّمة المُكافحة الموظّفة والأم التي تعمل تماماً كالرجال وفي بعض المرّات أكثر، ليس لها في البرلمان اللبناني أكثر من خمسة بالمئة.
من هنا، يهدف البرنامج للإضاءة على سيّدات مُرشّحات للإنتخابات النيابيّة المُقبلة، ومُحاورتهنّ في برامجهنّ الانتخابية، ورؤيتهنّ للحلول السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة لأزمات البلد والتعرف على مسيرتهنّ المهنيّة والحياتيّة والإنسانيّة، حيث شاركت الكاتبة كلوديا مرشيليان في إعداد هذا البرنامج السياسي، انطلاقاً من مناصرتها الدائمة، عبر نصوصها الدراميّة، لقضايا المرأة والمُجتمع، والهدف 50/50 بالسياسة أيضاً.
الحلقة الأولى: نجاح بمنازل متعددة
يمكن الحديث بثقة عن نجاح الحلقة الأاولى، وقد تضافرت مجموعة من العوامل التي ساهمت بذلك ويمكن اختصارها بالعناوين التالية:
– شخصية الضيفة جينا الشماس
– خبرة المقدم سامي كليب
– الاخراج الفني الجميل
بمهنية مطلقة فإن الحلقة الأولى قد شكلت نموذجاً علمياً، وربما منطلقاً، لنمط جديد من الاعلام المسؤول والواعد بالخروج من هذا الحضيض الذي وصله في بعض البرامج.
وحتى لا ندخل بتفصيلٍ طويل، فقد كانت شخصية الضيفة النقيبة جينا شماس المرشحة للانتخابات النيابية عن مقعد الأقليات في دائرة بيروت الأولى، المثقفة جداً وحضورها العميق والتي قدمت نفسها كإنسانة ذات حضور مكثف وقوي، وقدمت نموذج المرأة المستقلة فعلاً دون تصنع او خوف او رهبة من المواقف المرتفعة السقف.
كذلك لعب سامي كليب، كما عادته دوماً، دوراً محورياً في الادارة والضبط والاضاءة على نقاط القوّة واحترام الرأي الآخر، كيف لا وقد تعمد لعب دور المحامي الفعلي عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الغائب الحاضر في الحلقة، دون تزلف وسطحية وكان محفزاً للضيفة للإستفاضة بتقديم المعلومات والشروحات والارقام بكل موضوعية وعمق، مع الاستفاضة في بعض النقاط والملفات بما يغني الحلقة ويعمق الحوار.
واللافت شكلاً، أيضاً، كان لنقاوة الشاشة المشرقة باللون السماوي والاخراج الاحترافي، الوقع المريح على نظر وعقل المشاهد.
سامي كليب: escale في أدما
قيل الكثير في الاسابيع الماضية عن انتقال الاعلامي سامي كليب الى محطة ال بي سي، وكان العنوان الأبرز “وأخيراً حطّ الصحافي سامي كليب رحاله في محطة LBCI لتقديم برنامج حواري”، ولكن بعد التدقيق بالخبر تبين أن الاعلامي العتيق لا يرتبط، حتى الآن، مع المحطة بأي اتفاق أو عقد بل التزم بتقديم البرنامج لصالح منظمة “فيفتي فيفتي” وهي من اتفقت مع القناة على عرضه، أضف على ذلك أن البرنامج يقدمه كليب تطوعاً دون أن يتقاضى أي أجر مطلقاً.
من هذا المنطلق يؤكد كليب لـ”أحوال” أن “الفكرة إنطلقت حين طلبت مني الاعلامية جويل بو فرحات تقديم دورة تدريب مجموعة من النساء على اطلالات اعلامية لطرح برامجهم الانتخابية والفكرية وغيرها، ومن ثم تطورت الفكرة الى عرض تقديم برنامج متخصص لدعم النساء المرشحات للانتخابات النيابية المقبلة، وهكذا كان”.
وعن صيغة البرنامج ومدته يوضح كليب أن “الإتفاق حالياً على فترة البرنامج حتى تاريخ الانتخابات النيابية في ايار المقبل، وبعدها كيف تتطور الامور فإن الصيغة مفتوحة على كل الاحتمالات”.
وعن الفرق بين برامجه السابقة وهذا البرنامج يوضح أن “الفكرة بحد ذاتها تتشابه وتتماهى بين أزمات لبنان ومحيطه العربي، وان كان هناك فروقات بسيطة” ويأسف لواقع البلد “المتدهور على كل الصعد خاصةً في مجال حقوق المرأة، نحن من أوائل البلدان العربية التي منحت المرأة حق التصويت في منتصف القرن الماضي، بينما نحن اليوم نفتقد لمشاركة المرأة الفعلية في الحياة العامة والأمور تتدهور سلبياً…. علينا أن نفعل شيئاً على أرض الواقع وعسى أن يكون هذا البرنامج أول الغيث نحو تطبيق شعار المساواة على ارض الواقع من خلال صناديق الاقتراع”.
والجدير ذكره هنا أن كليب قد نشط جداً خلال حراك 17 تشرين ليعود وينكفئ بعد خروج الثورة عن مسارها في أكثر من مجال، وهنا يوضح “لعل في برنامجي هذا جزء من أهداف حراك 17 تشرين في الاضاءة على اللاعدالة الاجتماعية في مجتمعنا وعلنا نساهم في تعميم ثقافة بعض المساواة على ارض الواقع”.
خاتمة لا بد منها
فيفتي فيفتي، برنامج حواري متخصص ومتميز بطريقة تقديمه وأهدافه، هو يعالج النظري بطرح الحلول الفعلية على ارض الواقع فهل يشكل بداية لمعركة تحصيل بعض المساواة الجندرية ولو بالحد الأدنى؟.
وإعلامياً، برنامج “50/50” كل خميس الساعة العاشرة مساءً على الـ”LBCI”، وهذا يذكرنا بموعد البرنامج السابق على ذات المحطة، واليوم على محطة أخرى وهو ينضح بعبارات التنمر والسخرية وكمية التزلف والتناقض بين العناوين البراقة والمضمون المبجّل والظهور لمن يدفع أكثر، فهل يشكل 50/50 أيضاً منافساً جدياً في التوقيت والمضمون؟