سياسة

رئاسة الجمهورية تتقدم على الحكومة.. تعويم “تصريف الأعمال” الخيار المرجح!

طرابلسي لـ"أحوال": كرة التأليف عند ميقاتي وسندعم الرئيس القوي مسيحياً ولو كان فرنجية

تتداخل وتتزاحم الاستحقاقات الدستورية في ظل أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية خانقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان، بالتزامن مع اقتحام ملف ترسيم الحدود البحرية ومصير غاز شرق المتوسط، جدول الأولويات الداخلية والخارجية بعد الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

ثلاثة أشهر حاسمة على صعيد أكثر من ملف مصيري وحيوي، بدءاً بتأليف الحكومة الجديدة التي باتت في مهب الخلاف الداخلي والعواصف الخارجية، ورئاسة الجمهورية التي تتقدم على الحكومة من بوابة ارتفاع أسهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الى ملف الترسيم الذي يقف على فوهة بركان وشفير الحرب، الى مصير الوضع الاقتصادي المهدد بالانهيار الكامل والانفجار الهائل.

هل تولد الحكومة الجديدة، أم تبقى حكومة تصريف الاعمال حتى انتخاب رئيس جديد؟ وهل سيكون الانتخاب مسهلاً؟ أم نذهب الى فراغ طويل؟

عضو تكتل لبنان القوي النائب إدغار طرابلسي يشير الى أن “رئيس الجمهورية ميشال عون الأحرص على تطبيق الدستور ومصير ومستقبل البلد وعلى التوازنات السياسية والطائفية في الحكومة، لذلك النقاش ليس حول أن رئيس الجمهورية لا يريد حكومة إلا وفق توجهات وشروط النائب جبران باسيل، بل هل يريد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تأليف حكومة أم فقط انتزع الشرعية النيابية لادارة المرحلة الانتقالية؟”.

ويلفت طرابلسي لـ”أحوال” الى أن “عون سيتعامل بجدية وواقعية مع أي طرح حكومي ضمن اطار الشراكة الوطنية مع الرئيس المكلف”. ويدعو ميقاتي إلى صرف النظر عن تشكيلته الأخيرة التي تحتوي عناصر عدة فجرتها من داخلها، والمبادرة الى تقديم تصور جديد لتأليف حكومة سريعة يمكنها العمل والانجاز ولو لشهر واحد”.

في المقابل يشير الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب لـ”أحوال” إلى أن “ميقاتي لديه سببين للذهاب نحو التشكيلة التي قدمها: التعفف الذي أظهرته كافة الاطراف حيال المشاركة في الحكومة، أداء بعض الوزراء الذي لم يكن منسجماً مع توجه الحكومة لحل بعض الملفات الأساسية، فضلاً عن ضرورة تمثيل بعض المكونات النيابية الجديدة”.

ويرى دياب أن التقسيم الطائفي للوزارات السيادية يعطي الحق للرئيس المكلف التمسك بوزارة الداخلية على غرار تمسك الشيعة بالمالية وعون بالدفاع والخارجية. ويتساءل: لماذا تمسك التيار بوزارة الطاقة طالما كان يدعي بأنه غير ممثل في حكومتي الرئيسين حسان دياب وميقاتي؟”.

ويرى دياب أن ثلاث أسباب تجعل التيار يتمسك بالطاقة: الخشية من أن يتمكن وزير آخر من إصلاح قطاع الكهرباء، الحديث عن صفقات وهدر في الوزارة خلال العشر سنوات الماضية، أما الثالث فهو أن وزارة الطاقة قد تشرف على ملف النفط والغاز والصفقات المتوقعة بعد انجاز ملف ترسيم الحدود”.

في المقابل يتساءل النائب طرابلسي: كيف نخشى هذه الأمور ودعونا مراراً الى مناظرة علنية في ملف الكهرباء والطاقة، وطالبنا بالتدقيق الجنائي وأن يبدأ بمصرف لبنان ووزارة الطاقة؟، وهل “التيار” مسؤول عن تثبيت سعر “الكيلواط” وعن صفقات المازوت وعن سياسة دعم قطاع الكهرباء القائمة منذ عقود؟ ولماذا لم تستطع الحكومات المتعاقبة حل أزمة الكهرباء قبل مشاركتنا في السلطة؟ ولماذا أفشل وزراء المالية خطط الكهرباء التي قدمها وزراء الطاقة خلال السنوات الماضية؟”.

ويبدي نائب التيار اعتقاده بأن كرة التأليف عن الرئيس ميقاتي ويدعوه الى زيارة بعبدا والتفاهم مع رئيس الجمهورية على تشكيلة جديدة بأسماء وتوزيعة جديدة للحقائب ونحن كتيار وطني حر لن نقف حجر عثرة.

إلا أن جهات مواكبة للمشاورات الحكومية والسياسي تكشف لـ”أحوال” أن الحركة السياسية في انتخابات رئاسة الجمهورية تتقدم على مشاورات الحكومة الجديدة المتعثرة حتى الساعة وإن تألفت فلن يكون لها الوقت الكافي للانجاز بل ستتحول الى تصريف أعمال بعد تأليفها بشهر واحد، لذلك يطرح المعنيون تعويم الحكومة الحالية والتركيز على انجاز انتخابات الرئاسة في موعدها ثم تأليف حكومة جديدة”.

ويشير دياب في هذا السياق إلى أن حظوظ فرنجية مرتفعة بالوصول الى بعبدا، ويلفت الى “اللقاء الذي جمع باسيل وفرنجية عند السيد نصرالله هو توطئة للانتخابات الرئاسية، ويعتبر أن وصف باسيل لفرنجية بـ”الأصيل والخصم الشريف”، بمثابة رسالة ايجابية باتجاه فرنجية.

ويبدي اعتقاده بأن “الظروف الداخلية والخارجية لا تسمح لباسيل بأن يكون في لائحة المرشحين بسبب علاقته السيئة مع أطراف داخلية في البلد كالرئيس نبيه بري والقوات اللبنانية والقوى التغييرية، فضلاً عن العقوبات الاميركية عليه، وعلاقاته الغير الجيدة مع الدول العربية”.

ويضيف دياب أن فرنجية حليف لحزب الله وسوريا، لكن يتميز عن باسيل وعون بخاصية وضوح خياراته رغم علاقته الوثيقة مع سوريا، لكه حرص على استمرار جسور التواصل مع الاطراف الداخلية وحتى مع المكون السني وكذلك مع الدول العربية، لكن لا يعني حسم انتخابه رئيساً، بل قد تطرأ ظروف اقليمية ودولية تعاكس وصوله.

أما باسيل بحسب دياب فقد يذهب الى تبني خيار فرنجية لاقتناعه بأن (اي باسيل) ليس مرشحاً قوياً منافساً لخوض المعركة، وكذلك لادراكه أن حزب الله الذي عطل انتخاب الرئيس لإيصال عون الى بعبدا لن يكرر الامر مع باسيل، لذلك سيفضل باسيل أن يكون الناخب الأكبر بعد أن يتعهد فرنجية بعدم الانتقام من الوجود العوني في الدولة.

من جهته، يؤكد طرابلسي أننا لم نسمِ باسيل ولا فرنجية حتى الآن، لكن الرئيس المقبل يجب أن يتمتع بمواصفات عدة: دعم المكون الذي ينتمي اليه وأن يكون عابراً للطوائف ويؤمن الأصوات اللازمة في المجلس النيابي لانتخابه، وبالتالي سنحرص على أن يأتي الرئيس القوي مسيحياً ولو كان فرنجية، وقد نتحول الى كتلة واحدة مستقبلاً مع المردة، والمؤكد أن الرئيس المقبل لن يكون موظفاً عند الدول ولا السفارات.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى