فيلم “أصحاب ولا أعز” … جدال غريب وتشويه لأسباب غامضة!!
هل لأنه ناطق بالعربية؟ أم بسبب حصرية عرضه كأول فيلم عربي على منصّة "Netflix"؟
هل لأنه ناطق بالعربية؟ أم بسبب حصرية عرضه كأول فيلم عربي على منصّة “Netflix“؟
أم لكونه حرّك الكثير من المسلّات المخفية؟
الكثير من الأسئلة ارتسمت أمام عيني عند متابعتي للهجوم الُمركّز على المنصّة، إضافة إلى حملة التشهير بالفيلم وممثليه من كل حدب وصوب؟ والأغرب الدعوات والتحريض للإقتصاص من الممثلين، بالإضافة إلى الترويج لفكرة حجب المنصّة.
عام 2016 تمّ إصدار الفيلم الإيطالي “Perfetti Sconosciuti” في صالات السينما العالمية، وقد حقّق أرقاماً ملفتة على صعيد شباك التذاكر الإيطالي بشكل خاص، والعالمي بشكل عام، كما حصد ثلاثة عشرة جائزة سينمائية، وعلى أثر هذا النجاح، تمّ اقتباس الفيلم إلى ثمانية عشرة لغة، وها هي اليوم تصدر النسخة التاسعة عشر باللغة العربية على منصة “Netflix“.
قصته واقعية تحدث في الكثير من مجتمعاتنا العربية، فالكذب والخيانة هما عنصران موجودان في الكثير من العلاقات لا سيما الزوجية، وعند كشف المستور، وتحديداً عن طريق التكنولوجيا الحديثة، تدخل العلاقات في المخاض الصعب.
نُخبة رائعة من ممثلين مصريين ولبنانيين، يشهد لهم أرشيفهم الفني بكل ما هو جميل لكل من لبنان ومصر وكافة الدول العربية.
منى زكي المتألّقة، نادين لبكي المُشعّة، جورج خبّاز المبدع، فؤاد يمّين الموهبة، إياد نصّار المتألّق، عادل كرم الموهوب، وديامان بو عبود الرائعة، هم النّخبة الجميلة التي حرصت على خدمة الهدف المقصود من الفيلم، وقد حقّقوا الهدف.
فيما يخص الحرب التي أُعلنت على المنصّة والفيلم، اتّهم النائب المصري “مصطفى بكري” منصة “Netflix” بأنها تهدف إلى ضرب القيم والثوابت الاجتماعية، وأضاف أنه سيسعى إلى صياغة قانون من أجل حماية الجيل الشاب من هذه الأفكار الشّاذة التي يتمّ الترويج لها، علماً أن الإشتراك في المنصّة ومتابعة محتواها هو ليس بالإكراه، وهذا أمر واضح وجلي، فما العبرة من فكرة الحجب؟؟
كما انتقد الفيلم قائلاً أنّه يحتوي “ألفاظاً جريئة”، وهل هذا الأمر غريب أو مُستجد في الأفلام؟ فاللغة يتم تحديد ألفاظها لخدمة القصّة بما يتلاءم مع الشخصيات. وهذا حال جميع الأفلام سواءً كانت عربية أو أجنبية.
إضافةً إلى ذلك، أصرّ النائب على فكرة محدّدة وهي “ترويج الفيلم للمثلية الجنسية”، وقد نفت الناقدة الفنية “ماجدة موريس” هذا الأمر من خلال مداخلة لها مع الإعلامي “عمرو أديب”.
بدا واضحاً في تصريح النائب انتقاده اللاذع لمشاركة المنتج المصري “محمد حفظي” في إنتاج الفيلم، وذكر “بكري” أن “حفظي” هومن أنتج أيضاً فيلم “ريش” الذي أُثير حوله جدلاً كبيراً، وقد اتهم حينها المنتج بتشويه صورة مصر والتركيز على الفقر والتعاسة وعدم وجود أي حياة كريمة، كما أضاف النائب أن “حفظي” تعمّد أيضاً في فيلم “إشتباك” بعد ثورة 30 يونيو إلى إظهار التعاطف مع “الجماعة الإرهابية” كما ذكر “بكري”.
فهل الهدف الإقتصاص من “حفظي” وتلقينه درسا ًواضحاً عن طريق تقديم بيان عاجل ضد الفيلم، تحت مظلة حماية الجيل الشاب والحفاظ على أخلاقيات المجتمع؟
ما هو مُستغرب في هذا الكلام، ليس الغيرة والخوف على الجيل الشاب، بل تصوير الفيلم بأنه النقطة السوداء في الواقع الأبيض الناصع لهذا الجيل، الخالي من أي شائبة، فأين الحقيقة في هذا الإتهام؟
ذاكرتنا خصبة وأرشيف السينما العربية ما زال حاضراً، ومليئاً بأفلامٍ هادفةٍ بمعظمها، تُصوّب على الآفة بهدف علاجها. فلا يمكننا أن نُحصي الأفلام المصرية التي عالجت مواضيع المخدّرات والدعارة والزنى وكل الأمراض الموجودة في المجتمعات العربية ولاسيما المجتمع المصري.
ما طرحه الفيلم هو حالٌ موجود في الكثير من البيوت العربية، كما أن موضوع التكنولوجيا الحديثة المتمثلة بالهواتف الذكية والتطبيقات المُتعددة، والحيّز الكبير التي احتلّته من يومياتنا، هو أمر واقع يتمّ التباحث به بشكل يومي ومتكرّر.
فإذاً، ما الهدف من هذه الحملة المُصطنعة؟ هل الأسباب قد تكون شخصيّة وتتم ترجمتها بهذا الشكل المُبطّن؟ فقد كان لافتاً اليوم أيضاً تغريدة الإعلامية اللبنانية “ديما صادق” عن تجربتها الشخصية البشعة مع “مصطفى بكري”، التي تعرّضت لها في مصر، وقد حرصت ديما على سرد التفاصيل. (بالطبع يبقى هذا الموضوع بحسب “ديما صادق”).
في الخلاصة، من الخصال العربية السيّئة “عدم الفرح بنجاح الآخرين والعمل على إفشالهم بأي طريقة متاحة”، ومن العادات البشعة أيضاً “شخصنة الأحداث وتحويرها”، لكن في المقلب الآخر، هناك رسائل الحب والدّعم والفخر بكل شخص يعمل على رفع راية الفن الجميل والهادف، وهذا ما ينطبق على أبطال فيلم “أصحاب ولا أعز”.
منال زهر