منوعات

لهذه الأسباب يرفض دياب دعوة حكومته الى الاجتماع

بعد ظهر 4 آب الماضي كان الرئيس حسان دياب مجتمعا مع احد مستشاريه ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور للبحث في خطة التعافي الاقتصادي ومستقبل التعاون مع الصندوق.

فجأة، وقع الانفجار الأول في مرفأ بيروت، تلاه بعد ثوان الانفجار الكبير الذي تسبب في تحطم باب الغرفة حيث كان يعقد الاجتماع، الامر الذي كاد يتسبب في سقوط اصابات لو لم يغادر المجتمعون أماكنهم فورا بعد سماعهم الدوي الأول.
منذ تلك اللحظة، بدا ان “العصف” المدمر اصاب الحكومة في مقتل، ثم اتى سحب الغطاء السياسي عنها من قبل قوى اساسية كانت تدعمها ليعجل في دفعها الى الاستقالة. لكن “الخطة ب” لم تكن مكتملة، فتعثرت محاولات تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي مضى على تكليفه المترنح اكثر من ثمانية أشهر. ومع تفاقم الازمات في مرحلة انعدام الوزن والمسؤولية راحت الضغوط على دياب تتزايد لاقناعه بتفعيل حكومة تصريف الأعمال وتنشيط “خلاياها النائمة” في مواجهة التحديات المتفاقمة، ولو تطلب ذلك دعوتها الى الاجتماع مجددا، الا ان دياب لا يزال حتى الآن يقاوم هذا الخيار لأسباب دستورية وسياسية.
منذ اتفاق الطائف، انتجت أزمات النظام المعطوب سنوات من تصريف الأعمال الذي تحول تحت وطأة التعقيدات الداخلية إلى قاعدة ولم يعد مجرد استثناء كما يُفترض ان يكون اصلا، ولم يحصل خلال تلك السنوات ان اجتمعت حكومة مستقيلة الا مرة واحدة فقط في أيام الرئيس نجيب ميقاتي.
وعلى رغم ان اصوات كثبرة، من اتجاهات عدة، تطالب باعادة تزخيم دور حكومة دياب المستقيلة على قاعدة ان مقتضيات المصلحة العليا تتفوق على النص الدستوري في هذه المرحلة المصيرية، الا ان القريبين من الرجل يؤكدون انه لن يخضع للضغوط التي تحاول جره الى مخالفة الدستور، “خصوصا ان المتربصين به قد يستغلون اي دعوة من قبله الى اجتماع الحكومة على سبيل المثال لاتهامه، عندما تقتضي مصلحتهم ذلك، بانتهاك الدستور وللمطالبة بمحاسبته على هذا الأساس لان الأحقاد هي التي تحرك البعض.”
ويلفت المحيطون بدياب الى انه “حتى الذين يرفعون الصوت حاليا احتجاجا على اكتفائه بتصريف الأعمال قد يكونون في طليعة من سينقض عليه بحجة انقلابه على الدستور اذا استدعت حساباتهم ذلك.”
ويستغرب هؤلاء كيف ان هناك من يحض دياب ويحرضه على توسيع رقعة تصريف الأعمال وصولا الى عقد جلسات للحكومة ان اقتضي الأمر بينما يرفض المعنيون، في المقابل، اصدار فتوى نيابية تجيز هذا التوسع وتغطيه.
ويعتبر مؤيدو دياب ان اجتماع الحكومة المستقيلة في ظل هذه البيئة السياسية سيكون للصورة فقط، “ولكنها ستكون صورة مكلفة لأنها ستوحي بأن الحكومة عادت الى وضعها الطبيعي وبالتالي ستصبح بالنسبة إلى المواطن مسؤولة عن الازمة ومعالجتها فيما هي لا تملك الأدوات الضرورية لمواجهتها، خصوصا ان صندوق النقد الدولي الذي هو مدخل الزامي لأي مساعدات ونهوض لا يقبل بالتفاوض مع حكومة مستقيلة، ومن غير هذا التفاوض تغدو المسائل الأخرى تفاصيل ثانوية.”
ويشير داعمو دياب إلى ان جانبا من الدعوات الى تفعيل الحكومة ليس بريئا، “بل ينطوي على محاولة لتوريط رئيسها في مزيد من المآزق ولتحميله وزر أزمة موروثة صنعها اساسا المزايدون عليه والمتهربون من تحمل مسؤولياتهم التي تستوجب منهم تشكيل حكومة جديدة بالدرجة الأولى.”
ويشدد أصحاب هذا الرأي على أن الازمة الحالية لا تعالج بالمفرق ولا بالمسكنات، “بل تحتاج إلى إحاطة شاملة وعملية جراحية تعالج اصل المرض وليس فقط عوارضه المتنقلة.”
ويؤكدون ان معادلة دياب ليست متأتية من سعي الى الانتقام ممن تخلوا عنه كما يظن البعض، “لكن من حقه ان يحتاط ويتحسب لكل الاحتمالات، إذ وكما حاولوا الباسه تهمة التسبب في انفجار المرفأ قد يجربون في المستقبل ادانته بجرم تجاوز الدستور وهو ليس في وارد ان يضع نفسه تحت رحمة احد.”
باختصار، يشعر دياب انه حاليا في “التجنيد الإجباري” داخل السلطة، ولذا يبدو اكثر من يستعجل تشكيل حكومة جديدة لتسريحه من الخدمة،
اما تفعيل تصريف الأعمال فيتم في رأيه عبر نشاط الوزراء والاجتماعات التي يترأسها للبت في الملفات الحيوية، من دون التوسع في الاجتهادات، حتى تظل الاولوية لتأليف حكومة جديدة بحيث لا يشعر المعطلون بالاسترخاء.
يبقى انه وايا تكن حسابات رئيس الحكومة المستقيل والرئيس المكلف فالاكيد ان المواطن هو اكثر من يدفع ثمن عجز هذه الطبقة السياسية.

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى