منوعات

وثيقة “البحار”.. ريفي أمام القضاء كشاهد

من رفض بيع "روسوس" في المزاد العلني؟

أثارت الوثيقة التي تمّ التداول بها على مواقع التواصل الإجتماعي، وأظهرت أن وزير العدل في العام 2014، اللواء أشرف ريفي، تدخّل لإخراج البحّارة الذين كانوا على متن الباخرة “روسوس”، التي أفرغت حمولة نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، جملة تساؤلات، لا سيما وأن الوثيقة تبرز بوضوح أن الباخرة احتُجزت لمدة ستة أشهر من دون أن تُبادر السلطات القضائية والسياسية اللبنانية لاتخاذ أي قرار بشأنها، وبدل أن تقوم بالتخلص منها عبر بيعها في المزاد العلني كما طالبت السلطات الروسية من خلال الوثيقة المسرّبة، أو من خلال إفراغها بشاحنات ونقلها إلى مناطق جبلية لتفجيرها أو تخزينها لاستخدامها في عمليات تفجير الصخور أو كأسمدة زراعية.

وتبرز الوثيقة التي تم تصويرها من أرشيف وزارة العدل، بحسب ما علم “أحوال”، إخطار السفارة الروسية في بيروت الوزير ريفي آنذاك باحتجاز السلطات اللبنانية “روسوس” لأكثر من ستة أشهر، وأن ربّان الباخرة يعاني من مرض في القلب ونفاذ الباخرة من احتياطي الأكل والشرب والأموال اللازمة لتأمين الحاجيات الأساسية.

والأخطر في الوثيقة ما أبرزته بأن المحامي المتابع للقضية تقدّم من محكمة القضايا المستعجلة بطلب بيع الباخرة بالمزاد العلني وحل مشكلة الربان، لكن لم يتم قبول الطلب، بل تم تحويل الملف إلى محكمة بيروت، ما يطرح السؤال حول ما قامت به هذه المحكمة للتخلص من الباخرة؟ ولماذا تم رفض بيع الباخرة بالمزاد العلني، ومن رفض ذلك ومن يتحمل المسؤولية؟ لا سيما وأن اعتماد هذا الخيار كان جنّب لبنان التفجير الذي حصل في 4 آب؟

وتساءلت مصادر قانونية وسياسية عبر “أحوال”: “لماذا لم يبادر الوزير ريفي إلى الطلب من القضاء الكشف على هذه الباخرة التي تهتم لأمرها السفارة الروسية في لبنان، لا سيما وأن الوثيقة تكشف احتجاز السفينة لمدة ستة أشهر؟ ألم تثير هذه المعطيات فضول ريفي وحسّه الأمني كرئيس سابق لأهم جهاز أمني في لبنان، وتدفعه لجمع معلومات عن الباخرة لكشف ماذا تحتويه من مواد خطيرة؟ وهل كان يعلم بأمر الباخرة أم لا؟ لا سيما وأنه سبق دخول باخرة النيترات اعتراض الأجهزة الأمنية اللبنانية لأكثر من باخرة محمّلة بالأسلحة والمواد المتفجرة، والتي كانت معدّة للدخول إلى سوريا أبان الحرب السورية “لطف الله1” و”لطف الله2″؟ فلماذا لم يتم الكشف على باخرة “روسوس” والتحقّق ما إذا كانت أحد بواخر السلاح والمتفجرات التي كانت متّجهة إلى المجموعات المسلحة في سوريا؟ علماً أن معارضي النظام في سورية حينها من الشخصيات السياسية التي تنتمي لتيار المستقبل ( الناب السابق عقاب صقر) وريفي والحركات الاسلامية المتطرفة، شاركت بتوفير الدعم السياسي والإعلامي واللوجستي والعسكري والتسليحي لمجموعات المعارضة المسلحة في سوريا.

في المقابل، تشير أجواء اللواء ريفي لموقعنا إلى أن “ريفي لم يكن يعرف ماذا تحتوي هذه الباخرة، وإلا لكان طلب الإدعاء فوراً على أصحاب الباخرة أو أثار الموضوع في مجلس الوزراء، أو قدّم استقالته من الحكومة”، موضحة أن “السفارة الروسية في لبنان أرسلت الوثيقة إلى وزارة العدل التي أحالتها بدورها إلى النائب العام الإستئنافي ضمن الأصول القانونية، وقام النائب العام بدوره بإحالتها إلى قاضي التحقيق المختص”.

ولفتت إلى أن “لا أهمية قانونية للوثيقة، بل تخفي استهدافاً سياسياً للواء ريفي كونه معارض لسياسات العهد”، مذكرة بأن “ريفي أعطى إفادته أمام المحقق العدلي السابق فادي صوان بصفته شاهد”.

وأوضحت أن “وزارة العدل هي الممر الإداري بين السفارة الروسية والقضاء اللبناني لإبلاغه بأمر ما، كحال المراسلات التي تمت بين السفارة السويسرية في لبنان والقضاء اللبناني بما خصّ تهم الفساد بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة”، لافتة إلى أن “ريفي كان يتحمل المسؤولية لو علِم بما تحتويه الباخرة”.

وكررت المصادر أن “أحداً لم يكن يعرف حينها بأن الباخرة تحتوي على نيترات الأمونيوم إلا حلقة ضيقة هي المسؤولة عن استقدام الباخرة”، مذكرة بأن “رئيس الجمهورية ومسؤولون آخرون أعلنوا أنهم كانوا على علم بوجود “النيترات” في العنبر رقم 12، أي بعد إفراغها بسنوات، فيما ريفي كان وزيراً للعدل قبل إفراغ الباخرة”.

وفيما نقل زوار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عنه قوله إنه سيستدعي كل مرجع مسؤول في المرفأ، وصلته مراسلة عن باخرة النيترات إلى التحقيق، علم “أحوال” أن “ريفي مستعدّ للمثول أمام المحقق العدلي إذا طلب الإستماع إليه، ولن يتمسك بحصانته كوزير سابق”؛ إلا أن مصادر قانونية أشارت لـ”أحوال” إلى أن “لا دور لوزارة العدل في أمن المرفأ وحركة الدخول والخروج، بل مسؤولية إدارة المرفأ ووزارة الأشغال والقضاء المختص والأجهزة الأمنية المولجة الحماية الأمنية في هذا المرفق الحيوي، لكن لا شيء يمنع القاضي البيطار من الإستماع إلى ريفي كشاهد وليس كمدعى عليه، لأنه كان يمكن لوزير العدل آنذاك الطلب من النيابة العامة الإدعاء في حال وجود جرم جزائي، لكن في حالة البحار الروسي، الوثيقة تركز على قضية البحار وليس على محتوى الباخرة، ولذلك فضّل الوزير إحالة الأمر إلى القضاء المختص من دون الطلب بالإدعاء أو الكشف عن الباخرة”.

وعن مسؤولية ريفي القانونية، أوضحت المصادر أن “قاضي التحقيق يقدر ما إذا كانت إحالة وزارة العدل كافية أم هناك حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى كالإعاء والطلب بوضع حراسة قضائية على الباخرة وتفتيشها لمعرفة ماذا بداخلها”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى