منوعات

الاتصالات: كارثة التصحيح “السعري للخدمات” دون تصحيح الأجور

تروّج وزارة الاتصالات وشركتيّ الخليوي (“ألفا” و”تاتش”) لانخفاض الأسعار انطلاقاً من تراجع قيمتها بالدولار، ورغم التراجع النظري في الأسعار، إلا أنها عملياً قد إرتفعت وفق منصة صيرفة بنحو خمسة أضعاف، وما ترافق مع عملية (haircut) على الأرصدة، أي أننا دخلنا في أزمة اتصالاتت جديدة تضاف لأزمات البلد والمواطن، وبحسبة بسيطة، فإن صاحب الدخل المحدود، وفي ظل عدم تصحيح الأجور، سيتحتّم عليه دفع ما لا يقل عن مبلغ 573 ألف ليرة للاتصالات دون تشريج خدمات الانترنت، أي أكثر من ربع راتبه الشهري.
الأسعار الجديدة

ووفق جدول الأسعار لشركة “تاتش” باتت الأسعار على الشكل الآتي:

الخطوط المسبقة الدفع:

دقيقة الاتصال: من 0.25 سنتاً قديما إلى 0.08سنتاً.
الرسالة النصية: من 0.05 سنتاً إلى 0.02سنتاً.
البطاقات المسبقة الدفع: أصبحت بطاقة 10 أيام 3.79$، بطاقة 30 يوماً: 4.5$، بطاقة 30 يوماً (تتضمن 30 دقيقة مجانية): 7.58$، بطاقة 60 يوماً: 15.15$، بطاقة 90 يوماً: 22.73$، بطاقة 365 يوماً (سنة كاملة): 77.28$.

أما شركة “ألفا” أضحت أسعارها على الشكل التالي:

دقيقة الاتصال من 0.25 سنتاً الى 0.08 سنتاً.
الرسالة القصيرة من 0.05 سنتاً إلى 0.02 سنتاً.
بطاقات التعبئة لمدة 13 يوماً من 9.09$ إلى 3.03$، بطاقات التعبئة رصيد فقط من 3.64$ إلى 1.22$، بطاقة التعبئة لمدة 35 يوماً من 22.73$ إلى 7.58$، بطاقة التعبئة لمدة 65 يوماً من 45.45$ إلى 15.15$، بطاقة التعبئة لمدة 95 يوماً68.18$ إلى 22.73$، بطاقة التعبة لمدة سنة من 231.82$ إلى 77.28$.

بالإضافة إلى زيادة أسعار باقات الانترنت بذات النسب تقريباً.

الخوري:

استراتيجية التنصل من المسؤولية الاجتماعية

الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري يوضح أن “المستهلك اللبناني يدفع مع كل ارتفاع في أسعار الخدمات الحكومية كلفة مضاعفة مرات عدة، فهو يدفع ثمن الخدمة المصحح ليستوعب ارتفاع معدل التضخم ويدفع الضرائب غير المباشرة على هذه الخدمات وأخصها ضريبة القيمة المضافة، كما ويدفع ثمن اقتصادي غير مباشر يعكسه سوء نوعية الخدمة المقدمة بالمقارنة مع السعر”.

كل شئ في لبنان يتجه نحو التصحيح السعري لاستيعاب معدلات التّضخم من السلع والخدمات في القطاع الخاص إلى الخدمات الحكومية ولكن ماذا عن حصة صاحب الأجر من هذه الارتفاعات؟

يوضح الخوري أن “هناك قناعة عامة لدى السلطة ومعظم القيّمين على القطاع الخاص أن الاجور يجب أن تبقى مضغوطة وأن لا تتناسب ارتفاعات الاجور مع ارتفاعات أسعار السلع والخدمات للحفاظ على الحد اللازم من الربحية في ظل دورة اقتصادية راكدة.”

ويتابع “إذا أردنا أن نأخذ الحد الأدنى للأجور كمعيار فهو ليس فقط غير كاف لتشريج أكثر من خطين تلفونيين، بل هو غير كافٍ لتعبئة 20 ليتر بنزين أو دفع قيمة 1 أمبير كهرباء من المولد أو ثمن دواء ضغط الدم أو السكري وقس على ذلك، كل إنفاق بمفرده قادر على امتصاص الحد الأدنى للأجور”.

وبكل ما تعنيه الكلمة يترّنح العامل في لبنان بين سندان العوز ومطرقة ارتفاع الأسعار، لا سيّما من لم يحصل على تعديل براتبه الشهري، ليصعب الوضع أكثر على من لا راتباً شهرياً له في الأصل إذ يلفت الخوري إلى أنّ “قسم كبير من اللبنانيين لا يقبض اليوم الحد الأدنى للأجور والقطاع الخاص قد مرر سلسلة زيادات في أجور العاملين للحفاظ على الكادر البشري ولكن ذلك لا يوازي 20 بالمئة من ارتفاعات الأجور ويدفع بالقطاع المنزلي للتنازل كل شهر عن جزء من إنفاقه لمصلحة الأكثر ضرورة”.

وفي حين عوض اللّبنانيون والموظفون غلاء المواصلات جزئياً، عبر العمل الافتراضي، إلا أن المسألة تبدو أكثر صعوبة اليوم بعد ارتفاع فاتورة الاتصالات التي تستنزف جزءً إضافياً من الوفر الذي كان يسمح للناس بمرونة العمل الإلكتروني.

والدولة اللبنانية بحسب الخوري “لا تدعم أحداً، وارتفاع الأسعار في ظل كبت الأجور والقدرة على الطلب سوف يؤدي إلى المزيد من الشلل الاقتصادي في القطاع الخاص وتراجع الربحية، الدولة تتخبط في أزمتها وتضرب خبط عشواء دون استراتيجية للخروج من الأزمة نحو اقتصاد مستدام. اللهم الا إذا اعتبرنا أن التّنصل هو استراتيجية بحد ذاتها، وهذا أمر يستحق التفكير به. وأكبر دليل على غياب الرؤية والسعي لتحصيل موارد إضافية من الاتصالات بغض النظر عن انعكاس ذلك على الدورة الاقتصادية هو الاستمرار في نظام البطاقة المقيّدة التي تجبر المواطن على التشريج الشهري على عكس كافة الانظمة الحديثة وباقات اشتراك الهاتف النقال في المنطقة والعالم”.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى