منوعات

ترابة سبلين بـ 350 ألف الإحتكار في خدمة الحزب

في هذا الوطن، كلّ حزب يحمي بيئته، وعلى قاعدة “أملك الحرية بالوقوف جنب شعبي في هذه الضائقة” في وطن يشهد على حصار خارجي يتوازى مع تقسيم شرذمته الطائفية السياسية، وفساد الأحزاب الحاكمة، أصبح المواطن يستجدي حقه.

الترابة بين الاحتكار وخفض الانتاج

بين القضايا الشائكة التي يواجهها المواطن اليوم هو بحثه عن طن الترابة “بالسراج والفتيلة” في ظلّ وجود ثلاث شركات تحتكرها، وتجار يتراشقون بالأسعار إذلالاً للمواطن. هنا، حصر الحزب التقدمي الاشتراكي بيع ترابة شركة سبلين عبر مدراء فروعه، من خلال توزيع قسائم يستفيد بموجبها الاشتراكيون بتسعيرة أرخص من السوق السوداء، تبلغ قيمتها 350 ألف ليرة للطن الواحد.

الاشتراكي من الناحية التقنية، التزم بسعر الطن الرسمي للترابة بـ 240 ألف ليرة عند بيعه على أرض المعمل ( متتضمناً تكاليف النقل قد يصل إلى 350 ألف). فيما بحسب السعر الرسمي، ترتفع التسعيرة في حال اشتراه المُستهلك من أحد التجّار المُعتمدين إلى 320 ألف ليرة.

جهات أمنية أكدت لـ “أحوال” عن مداهمات قامت بها على مراكز التجار الذين لا يلتزمون بالتسعيرة التي حددتها الجهات الرسمية، متخذة إجراءات بحقهم. بعض الشركات التزمت بالسعر المحدد لاشخاص محددين، وتم بيعهم البضاعة على أرض المعمل بـ 240 الف ليرة، كما حصل في شركة سبلين، (التي يملك فيها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط 15 بالمئة من أسهمها).

وتتقاذف المسؤوليات حول أزمة الترابة بين الشركات والدولة والتجار. فالكميات المسموح اقتلاعها اليوم هي 600 ألف طن، فيما كانت تنتج المعامل حوالي مليونين طن قبل قرار اقفال الكسارات لأسباب بيئية، بحسب مصادر متابعة.

الاشتراكي: لا نحصر توزيع الترابة بالمناصرين

في اتصال مع “أحوال” أكد مصدر في الحزب التقديم الاشتراكي أنّهم يوزّعون طن الترابة بـ 350 ألف، نافياً أن يكون توزيع الترابة محصوراً بالاشتراكيين أو المناصرين كما يُشاع. وقال إنّه يتم توزيع القسائم ضمن آلية منظمة بالتوازي على المواطنين بهدف كسر احتكار التجار .

وعن آلية التوزيع، أوضحت مصادر الاشتراكي أنّ كل مديرية تتسلّم حوالي الـ 45 طن أسبوعياً تقوم بتوزيعها ضمن الامكانيات على المواطن الذي يستطيع شراء كل أسبوع حوالي الطن أو اثنين. ولفتت أنّ التوزيع يكون على ذوي الدخل المحدود فقط وليس تجار البناء. وعن بقية الأحزاب، رأى الاشتراكي أنّ لا وصول لها للترابة كي تستفيد مثله.

مصادر مطلعة على الملف اعتبرت أنّ لا ضير في أن يوزّع الاشتراكي_ ولمن استطاع للترابة سبيلاً، في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة تضيق بطوقها على المواطن، وعدم توفّر حلول تنصف المصانع والمواطن على حدّ سواء في ظلّ تفلت التجار. المصادر أشارت أيضاً إلى أنّ قرار حكومة تصريف الأعمال بوقف الكسارات، خفف من انتاجية المصانع، ووضع الجميع تحت رحمة التاجر المحتكر.

وفي هذا السياق، عزا نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش سبب المشكلة إلى الإنتاج. ولفت في حديث لـ “أحوال” إلى أنّ مشاكل الترابة متراكمة منذ سنوات، ولا حلول جذرية لهذا الملف. فقد باعت الشركات مخزونها، ولا انتاج يعوّض. فيما تدخلنا كجمعية صناعيين ووزارة الصناعة، لإيقاف الكسارات واتفقنا على صيغة جديدة في العام الماضي، وتم تسعير بون الترابة بـ 240 الف ليرة. ويتابع بكداش، المصانع تصرّ على أن هذا المبلغ خسارة لكن الكثير منها التزمت بالقرار، فيما رأى التجار أن السعر غير منطقي، فقاموا بشراء الترابة وتخزينها واحتكارها. أو بيعها بمليون و 200 الف ليرة. وشدّد بكداش على ضرورة السماح للمصانع أخذ حاجتهم من الكسارات، مع أخذ بعين الاعتبار الخطر البيئي. كما المطلوب هو رفع السعر عن 240 الف ليرة، “إنصافاً للمعامل”.

وأوضح، لو فُتح الاستيراد سيصل سعر طون الترابة لـ 50 دولار أميركي، وهنا الكارثة على المواطن؛ مطالباً بسعر وسطي 30 دولار للطن الواحد فقط، شرط أن يترافق ذلك مع زيادة الانتاج بالتنسيق مع وزارة الزراعة والبيئة.

كارتيل الترابة المخالف للمراسيم التشريعية

لعقود من الزمن، تُحتكر الترابة من الشركات الثلاث “لافارج هولسيم” ( تسيطر على 38 بالمئة من السوق)، “ترابة سبلين” (18 بالمئة من السوق) و”شركة الترابة اللبنانية-اسمنت السبع (44 بالمئة من السوق). وقد بلغت مبيعات هذه الشركات خلال عام 2019 حوالي 3.203.397 طن، فيما بلغت لغاية آب 2020 حوالي 1.022.199 طن؛ وتعمل الشركات الثلاث كاتحاد يضرب بسوطه إمكانية المنافسة. ولا تزال الشركات تحافظ على مركزها الذي لا مثيل له في السوق؛ وتسطّر بذلك مخالفات بيئية تسعفها في تأمين الموارد بأسعار أرخص من مثيلاثها تسهّل لها السيطرة والاحتكار.

وفيما يبلغ السعر الرسمي للطن في لبنان 240 الف ليرة لبنانية (بحسب التسعيرة الرسمية)، إلاّ أنّه لا يتم الإلتزام بهذا السعر؛ حيث يتم بيع الطن بحوالي مليون إلى مليون ونصف ليرة في السوق. وقد كان يُباع في السابق قبل بدء الأزمة بحوالي 105 دولار أميركي، مّما يعني أنَّ الشركات الثلاث كانت تتقاضى ربحاً إضافياً عن السوق الإقليمي بمبلغ 70 دولار للطن، الأمر الذي أدى إلى تحقيق أرباح إضافية كبيرة تُقدر بحوالي 224.210.000 دولار أميركي، وذلك وفقاً لأرقام الإنتاج قبل العام 2020، بالإضافة إلى الأرباح الناتجة عن احتكار السوق.

شركات الترابة تخالف المراسيم التشريعية

يحظر المرسوم رقم 8803 لعام 2002 والتعديلات اللاحقة الاستغلال في المحاجر في أي منطقة باستثناء عدة بلديات نائية، تتركز بشكل كبير في سهل البقاع، تقوم الشركات باستخراج معظم المواد الخام اللازمة لإنتاج الأسمنت خارج هذه المناطق، في كفار حزير وبدبهون وسبلين، مما يقلّل بشكل كبير من تكلفة نقل المواد.

في هذا السياق، يلفت منسق لجنة كفرحزير البيئية جورج عيناتي في حديث سابق لـ “أحوال” إلى أنَّ شركات الترابة في لبنان ارتكبت “جرائم حرب”، لم تحصل في أي مكانٍ في العالم. وأعطى عيناتي منطقة الكورة كنموذج، موضحاً أنَّ شركتي هولسيم والترابة الوطنية قد أزالتا جبالاً بكاملها من واجهة الكورة البحرية، من أجل الاستيلاء على مليارات الأطنان من التراب الأبيض والأحمر.

والخطورة أنّ الشركات في لبنان تستخدم مادة الكوك أي الفحم البترولي القاتل، الذي ينتج عنه انبعاثاتٍ خطيرة مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والديوكسيين والفيوران والزئبق والزرنيخ والكادميوم، وكميات مخيفة من أول وثاني أوكسيد الكربون وغيرها. وتتفاعل هذه المواد مع الرطوبة في الهواء مسببة المطر الأسيدي.

أحوال

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى