مناورات الكيان الإسرائيلي… انعكاس للثغرات التي يعاني منها جيش الاحتلال
على مدى العام الماضي ومع بداية العام الحالي، أجرى العدو الإسرائيلي أكثر من مناورة شاملة، بعضها حاكى حربًا على أكثر من جبهة، تحديدًا سوريا ولبنان، وبعضها أخذ نطاق الحرب الشاملة، وأخرى حاكت العمليات الدفاعية مع احتمالية دخول قوّات النخبة في حزب الله إلى الأراضي المحتلّة والسيطرة على مواقع ومستوطنات.
لم تكن تلك المناورات مجرّد اختبار للقوات، بقدر ما حاكت الثغرات التي يعاني منها جيش العدو الإسرائيلي، والتي تتنامى بفعل تعاظم قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين معًا. وهو ما يدفع الإسرائيليين إلى مزيد من المناورات العسكرية، مع تسليمهم مسبقًا بعدم القدرة على حماية الجبهة الداخلية من تساقط الصواريخ، الدقيقة وغير الدقيقة، وعدم حتمية منع أي قوات “معادية”، حسب وصفهم، من الدخول والسيطرة على مواقع ومناطق عند الحدود، سواء في الجنوب أو في الشمال، ناهيك عن ثغرات أخرى لدى القوات البرية، التي أعلن أكثر من مسؤول إسرائلي، بينهم نتنياهو، حاجتها إلى ترميم وتعزيز.
مجدّدًا، يذهب الكيان الإسرائيلي نحو مناورات عسكرية، تبدأ الشهر القادم وتستمر لشهر. وقد ذكر موقع “واينت” الإسرائيلي، أنّ التدريب العسكري سيكون كبيرًا واستثنائيًا.
وبحسب الموقع، فإنّ “التدريب سيشمل مواجهات في عدّة ميادين عسكرية لكنّه سيشدّد على جبهتي لبنان وغزّة”، وأنّه خلال “المناورات ستتدرّب قوّات الجبهة الداخلية في مواقع حيّة سيتمّ هدم جزء منها لصالح التدريبات، وستحاكي إصابات واسعة داخل مراكز المدن بالنسبة لوحدات الإنقاذ العسكرية التي تعمل إلى جانب الشرطة، والإطفاء، والإسعاف”، مشيرًا إلى أنّهم “سيتدرّبون على عملية إخلاء سكان سريعة، والتي تمّ التدرّب عليها في السنوات الأخيرة لمستوطنات متاخمة للحدود”.
والملفت في ما ذكره الموقع، أنّ هناك خطةً سيتمّ التدرّب عليها بالاشتراك بين “قوّات القيادة المركزية والوحدات الموسعة التي تتمركز أمام قطاع غزّة وجنوب لبنان”، وأنّ هدف هذه “الخطّة هو حماية السكان من خطرين مركزيين، وهما رشقات الصواريخ الثقيلة الوزن، التي لم تتعرّف عليها إسرائيل بعد، وعناصر قوّات الرضوان في لبنان وقوّات النخبة في غزة الذين سيحاولون التسلّل إلى البلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود”.
يمكن الاستنتاج من خلال ما ذكره الموقع الإسرائيلي عن فحوى هذه المناورات، أنّ الكيان الإسرائيلي سلّم بأمرين هامين، وهما الرشقات الصاروخية التي ستضرب الجبهة الداخلية، وقوّات مدرّبة ومجهّزة ستعبر الحدود مع لبنان والخط الفاصل مع قطاع غزة.
ومن الواضح أنّ هذين الأمرين باتا من المسلمات الإسرائيلية في حال نشوب أيّ حرب شاملة، إذ لا يمكن منعهما، وبالتالي يجب التعاطي معهما كأمر واقع يستأهل الاستعداد والتدريب والمناورات.
يمكن الإشارة إلى أنّ تعاظم قوّة وقدرة المقاومة، وإدارتها للحرب النفسية الصادقة، وتبيانها لبعض المعطيات عن حجم قدراتها البرية، سواء في لبنان من جهة المقاومة أو في قطاع غزة، دفعت الكيان الإسرائيلي إلى تغيير حسابات كثيرة، أقلّه خلال العقد الأخير من الزمن. فالمتغيرات التي تمّ الرهان عليها في المنطقة أتت عكس ما عمل عليها إسرائيليًا وأميركيًا وللأسف عربيًا.
في المحصلة، إنّ الكيان الاسرائيلي سيواصل إجراء المناورات، وفي المقابل، ستواصل المقاومة في لبنان وغزّة تعظيم القوّة والقدرات، وفرض المعادلات، لتبقى الكلمة الفصل في “الميدان”.
خليل نصر الله