منوعات

الجهد الدولي: إلى تثبيت الانتخابات النيابيّة درّ؟

7 أشهر مضت على ولادة المبادرة الفرنسية في قصر الصنوبر عشية الأول من أيلول، التي نصّت على تشكيل حكومة أخصائيين مستقلين خلال 15 يوماً بموافقة كافة الاطراف المشاركة في ذاك اللقاء. إنصب كل الجهد الدولي – خصوصاً الفرنسي – طيلة هذه الفترة على تذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة حيث شكّل أولوية الأولويات ومدخلاً للإصلاحات وفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قطع الطريق أمام أي بحث في سلاح “حزب الله” أو في الإنتخابات النيابية المبكرة، طالباً من المشاركين عدم إقحامه في “مواضيعهم الخلافية”.

في الخلاصة، أصبح المجتمع العربي والدولي اليوم على يقين أن جهوده للدفع باتجاه تشكيل حكومة في لبنان وفق المبادرة الفرنسية،  تترنّح أمام “حنكة” بعض الأطراف اللبنانية بـ”الإنكار” والتملّص من وعودها، وبإبتكار معارك “دونكيشوتية” لإلهاء اللبنانيين بها وحرف أنظارهم عن “جريمة” عدم التشكيل.

صحيح ألا مبادرة أخرى مطروحة الآن لحل الأزمة اللبنانية سوى المبادرة الفرنسية، ولكن دخولها في حال “موت سريري” بسبب الفشل بالتوصّل الى تحقيق البند الاول من المبادرة أي تشكيل الحكومة وفقدان الأمل تدريجياً من قبل باريس، دفع بها الى مواقف تصاعدية في هذا الاطار وصلت حدّ تلويحها بوقف “المكانات” عن المبادرة وإمكان إعلان وفاتها رسمياً.

فاعلن وزير خارجيتها جان إيف لودريان أن “فرنسا ستتخذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان”، معتبراً أن “القوى السياسية اللبنانية عمياء تتعنت عن عمد ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها وهذا يُعدّ جريمة وهناك قوى سياسية في لبنان تضع مطالب تعجيزية”. وقال لو دريان الاربعاء 7/4/2021 أمام “الجمعية الوطنية الفرنسية”: “الأيّام المقبلة ستكون مصيريّة، إذا لم تتخذ هذه الأطراف قرارات ملائمة فسنقوم من جهتنا بواجبنا”.

الموقف الفرنسي تزامن مع حراك عربي شهدته بيروت هذا الاسبوع حيث زارها الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي ووزير الخارجية المصري سامح شكري اللذين عبرا عن إنزعاجهما من عدم تشكيل حكومة وقلقهما من الوضع القائم في لبنان. كما أكدا عدم حملهما أي مبادرة بل التمسك بالمبادرة الفرنسية. اللافت من حيث الشكل عدم تضمّن برنامج لقاءاتهما أي إجتماع مع حزب الله أو باسيل وهي رسالة أقوى من اللقاء ربما (رغم إتصال زكي في الساعات الاخيرة لترتيب لقاء مع باسيل أدرج من قبل مصادر في “التيار” في إطار رفع العتب لأن جدول لقاءاته وضع سابقاً).

في هذا الإطار، وإن وعد زكي باستمرار السعي والتواصل مع الجميع لإيجاد مخرج للأزمة الحالية، لكنه أكد ان “الجامعة العربية تدعم المبادرة الفرنسية”. بينما حذّر شكري من أن “الوضع سيسوء أكثر إذا لم يحصل التأليف سريعاً”، مؤكداً أنّ القاهرة تتحرك بالتنسيق مع الفرنسيين إزاء الملف اللبناني، وأنها “مع المبادرة الفرنسية بمندرجاتها الأصلية وليس المعدّلة” وتتمسك باتفاق الطائف وباحترام الدستور اللبناني في ردّ على طرح بعضهم الانتقال الى حكومة “تكنو- سياسية” او سياسية او إعادة النظر بالنظام القائم في ظل وصول تشكيل الحكومة الى حائط مسدود.

أمام هذا الواقع، أفادت مصادر سياسية متابعة لموقع “أحوال” بأن جهات لبنانية معارضة شاركت في لقاء قصر الصنوبر أدارت محركاتها “الديبلوماسية” وبدأت تطرح على اللاعبين الدولين الانتقال من الضغط لتشكيل الحكومة الى الضغط لضمان اجراء الانتخابات النيابية وإن ليس مبكراً فأقلّه بموعدها. تضيف: “هذه الجهات اللبنانية التي تلمّست وصول المجتمع العربي والدولي الى قناعة ألا إمكانية لتشكيل الحكومة، تسلّط الضوء له على أن صناديق الاقتراع هي الممر الإلزامي لإعادة إنتاج السلطة وتلقائياً حينها تشكّل حكومة ويتحمّل الشعب اللبناني مسؤولية خياراته”.

فهل ينصبّ الجهد الدولي في الأيام المقبلة على تثبيت الانتخابات النيابية وعدم الإطاحة بها تحت أي سبب من الأسباب؟ هل يتعظ المجتمع الدولي من تجربته في تشكيل الحكومة، فلا يقع في مستنقع “إعادة النظر بقانون الانتخاب” الذي قد يطيح بالاستحقاق كما وقع في فخ الاعداد في تشكيل الحكومة و “18 وزيراً” أو معادلة “8-8-8” الوزارية وتوزيع الحقائب السيادية؟

بالتوازي محلياً، هل يعود الرئيس المكلف سعد الحريري الى موقفه الذي أطلقه في لقاء “قصر الصنوبر الاول” في 6/8/2020 حين إعتبر أنه “قد تكون الإنتخابات النيابية المبكرة هي الطريق الأقرب للحل”؟ هل تنجح قوى 17 تشرين بتخطي خلافاتها من جهة وبتوحيد الجهود مع القوى السياسية المعارضة تحت عنوان واحد “التوجّه لصناديق الاقتراع”، فتلاقي الجهد الدولي – إن وجد – لإجراء الانتخابات بضغط شعبي في الشارع وتتكرر تجربة ربيع العام 2005 حين تقاطع حراك الشارع مع المناخ الدولي إن لم يكن شجّعه؟

جورج العاقوري

صحافي ومعّد برامج سياسية ونشرات اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى